وزير الاستثمار يفتتح الدورة التاسعة من معرض ديستينيشن أفريكا بمشاركة 300 مشترٍ دولي و90 شركة مصرية    سوريا تنضم للتحالف الدولي ضد داعش.. ما دورها؟    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    محافظ شمال سيناء: معبر رفح مفتوح من الجانب المصري والإغلاق سببه قرارات إسرائيلية    موعد مباراة إنجلترا وصربيا في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    بعثة يد سموحة تصل الإمارات استعدادا لمواجهة الأهلي في السوبر    الداخلية تضبط 316 كيلو مخدرات و55 قطعة سلاح ناري خلال يوم    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    رئيس الوزراء يفتتح المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    الزراعة تتابع عمليات صرف الأسمدة للموسم الشتوي بالمحافظات    142 مقعدا، الحصر العددي يكشف فوز القائمة الوطنية بقطاعي الصعيد وغرب الدلتا    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    نتائج أولية في انتخابات النواب بالمنيا.. الإعادة بين 6 مرشحين في مركز ملوي    أونتاريو الكندية تستضيف اجتماعا لوزراء خارجية الدول السبع    محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    12 نوفمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    دوري أبطال أفريقيا.. موعد مباراة بيراميدز وريفرز يونايتد النيجيري بدور المجموعات    كأس العالم للناشئين - موعد مباراة مصر ضد سويسرا في دور ال32    12 نوفمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    كشف لغز حرائق قرية العقلة القبلية بكفر الشيخ.. المتهم «حدث» أشعل النيران في المنازل بسوء نية    وزير السياحة يعقد لقاءات إعلامية خلال زيارته للرياض    نفاد جميع مواعيد حجز كايرو برو-ميت خلال 12 ساعة فقط من فتح التسجيل بمهرجان القاهرة السينمائي    «متحدث الوزراء»: الدولة لديها استراتيجية لتطوير المناطق السياحية    مصر وجنوب إفريقيا تبحثان التعاون في صناعة السيارات وإقامة مناطق لوجستية مشتركة    عاشور يشهد احتفالية مرور خمس سنوات على تأسيس مركز مصري للأبحاث الطبية    بيزيرا: لم أقصد الإساءة لأحد.. وأعتذر عن الخطأ غير المقصود    الشروق تكشف تفاصيل جلسة عودة الثقة بين حسام حسن والشناوي    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 12 نوفمبر 2025    المستوطنون المتطرفون يشنون هجمات منسقة ضد الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية    العناية الإلهية تنقذ سكان عقار الجمرك المنهار بالإسكندرية.. صور    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور    «الداخلية» تقرر السماح ل 42 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    موقف ثابت وتاريخى    وزير السياحة والآثار يعقد لقاءات إعلامية مع وسائل الإعلام السعودية والدولية خلال زيارته الرسمية للعاصمة السعودية الرياض    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    توجيه التربية المسرحية بشرق مدينة نصر يحصد المركز الأول في مسابقة إلقاء الشعر على مستوى القاهرة    قصر العيني يحتفل بيوم السكر العالمي بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    الصحة: لقاح الأنفلونزا لا يسبب الإصابة بالعدوى وآمن تماما    مصر تعزى تركيا فى ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    "فاطمة رشدي.. سارة برنار الشرق" ندوة بدار الكتب اليوم    اليوم.. محاكمة 6 متهمين ب "داعش أكتوبر"    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    انطلاق الدورة الأولى من مهرجان «توت توت» لكتب الأطفال في ديسمبر المقبل بالمعهد الفرنسي    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور 1971 الدائم الذى لم يدم
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 03 - 2013

فى سبتمبر سنة 1971 وفى أجواء إعلامية تروج لدخول البلاد «عصر جديد»، تم الاستفتاء على دخول مصر فى اتحاد كونفيدرالى مع سوريا وليبيا تحت اسم «اتحاد الجمهوريات العربية»، وفى نفس الوقت جرى الاستفتاء على دستور جديد للبلاد تم وصفه بأنه الدستور الدائم، على أساس أن دستور 1964 كان دستورا مؤقتا يجرى العمل به لحين قيام مجلس الأمة بصياغة دستور دائم يتم استفتاء الشعب عليه، بل نستطيع أن نقول إنه كان فى أسلوب إصداره أقرب لإعلان دستورى مطول منه إلى دستور يقره الشعب.

لم يكن وصف الدستور بأنه الدستور الدائم الأمر الوحيد الذى ميز الدستور شكليا، لكنه أيضا تميز بأنه أكثر دساتير مصر مواد حتى صدور دستور 2013 الذى تفوق عليه فى عدد المواد؛ فقد تضمن الدستور قبل تعديلاته المتوالية 211 مادة، ولو نظرنا إلى دساتير مصر قبل هذا الدستور، سنجد أن دستور 1882 مكون من 53 مادة، ودستور 1923 من 170 مادة، ودستور 1930 من 156 مادة، ودستور 1956 من 195 مادة، ودستور 1958 من 73 مادة، ودستور 1964 من 169 مادة، وخلال التعديلات المتوالية للدستور على مدار 30 عاما تمت إضافة مواد جديدة للدستور تحت أرقام مكررة.

لكن ما قصة هذا الدستور وكيف تمت صياغته؟

بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر فى 28 سبتمبر 1970 وتولى نائبه محمد أنور السادات رئاسة الجمهورية بعد ترشيح مجلس الأمة لاسمه واستفتاء الشعب عليه وفقا لدستور 64 المؤقت، وعاشت مصر لعدة شهور فى ظل توازن بين الرئيس الجديد ومجموعة رجال الرئيس عبد الناصر الذين التفوا حول أحد نائبى الرئيس السيد على صبرى، وفى أواخر شهر أبريل من عام 71 بدء الصدام فى قمة السلطة عندما فاجأ رئيس الجمهورية القيادة السياسية بمشروع الاتحاد مع سوريا وليبيا، كان هذا السبب المباشر للصدام فى قمة السلطة فى اجتماع للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى، وفى 4 مايو تمت إقالة على صبرى، وتصاعد الصراع بسرعة، وفى 13 مايو 1971، تقدم أمين الاتحاد الاشتراكى وبعض أعضاء لجنته التنفيذية العليا ورئيس مجلس الأمة ووزراء الحربية والداخلية والإعلام والمواصلات باستقالاتهم من مناصبهم فى محاولة لإحراج رئيس الجمهورية، لكنه بادر باعتقالهم مع عشرات من أنصارهم فى الاتحاد الاشتراكى ومجلس الأمة والجهاز الحكومى والمؤسسات الإعلامية، وتمكن خلال ساعات من السيطرة على الدولة بالكامل بمعاونة مجموعة جديدة فى السلطة، وفى صباح السبت 15 مايو 1971 خرجت مظاهرات التأييد للرئيس السادات، وبدأت الصحف تشن هجوما ضاريا على الساسة المستقيلين ووصفتهم بمراكز القوى.

أطلق الرئيس السادات وأنصاره على ما حدث اسم ثورة التصحيح، أو ثورة 15 مايو، بينما أطلق عليها خصومه اسم انقلاب مايو.



كان الرئيس السادات يبحث عن شرعية جديدة لنظامه، إلى جانب شرعية يوليو 52 التى لم يتخل عن استخدامها، فسعى لأن يؤسس إلى جانب الشرعية الثورية شرعية دستورية جديدة، وبدأ رجال السلطة الجدد يطرحون مفاهيم جديدة وشعارات مغايرة مثل: «سيادة القانون» و«دولة المؤسسات»، كما أعلن السادات عن العودة لاسم مصر والتخلص من مسمى الجمهورية العربية المتحدة فى محاولة واضحة لكسب تعاطف قطاع واسع من المجتمع، وبدء السادات بعد شهور يستعين بجماعة الإخوان المسلمين التى أفرج الرئيس عن قادتها من السجون وسمح لمن كان قد غادر البلاد منهم فى الخمسينيات والستينيات بالعودة وممارسة النشاط بحرية، ليواجه بهم بقايا التنظيم الطليعى للاتحاد الاشتراكى وتيارات اليسار الشيوعى والناصرى التى ظهرت على الساحة.

وهنا كان لابد من صياغة الدستور «الدائم» للبلاد، خاصة مع دخول الرئيس السادات فى مشروع اتحاد الجمهوريات العربية، فتشكلت لجنة لوضع مشروع الدستور، وحاولت اللجنة وضع مشروع يتضمن حماية الحريات واحترام حقوق الإنسان، لكن المشروع النهائى الذى تم الاستفتاء عليه أُدخلت عليه بعض التعديلات التى تضمن سلطات واسعة لرئيس الجمهورية، كذلك تعليق معظم الحريات على ما يسمح به القانون.

لقد جاء الدستور الجديد معبرا عن توازنات اللحظة التى تمت صياغته فيها، وعن توجه النظام لإعادة السيطرة على المجتمع بأسلوب جديد.

لقد عبر الباب الأول والذى يحمل عنوان «الدولة» عن هذه التوازنات، فأصبح اسم الدولة فى المادة الأولى «جمهورية مصر العربية»، من ناحية يداعب حالة الحنين إلى الماضى التى ظهرت بعد هزيمة 67 ومن ناحية أخرى لا يقطع الخيوط مع الاتجاه القومى العربى.

ومغازلة للتيار الإخوانى وتأكيدا لصورة «الرئيس المؤمن» يضيف إلى المادة الثانية التى تتحدث عن «الإسلام دين الدولة» نصا يقول: «ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع»، ثم يعود فى تعديل دستورى تم فى عام 80 ليضيف ألف لام التعريف للعبارة لتصبح: «المصدر الرئيسى».

وحافظ الدستور الجديد على فكرة «تحالف قوى الشعب العاملة» المستمدة من الميثاق الوطنى، لكن مع الانتقال للتعددية الحزبية المقيدة منصف السبعينيات تم تعديل بعض مواد الدستور بما يسمح بإنشاء الأحزاب. كما حافظ على نسبة الخمسين فى المئة للعمال والفلاحين.

ولأن شعار الدولة الجديدة كان «سيادة القانون» فقد حمل الباب الرابع عنوان سيادة القانون، ضم بعض المواد التى وردت فى دساتير سابقة لكنه أيضا أكد حظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء، وأفاض فى شرح حقوق من يقبض عليه أو يعتقل.

أما باب الحريات فرغم ما ضمه من حقوق وحريات شخصية وعامة وسياسية فإن معظمها تم تعليقه على القانون مثلما كان فى الدساتير السابقة، كما تم تخصيص فصل خاص للصحافة التى سميت بالسلطة الرابعة.

وحافظ الدستور على السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية وأكد على النظام الرئاسى الاستبدادى، واستمر اختيار الرئيس من خلال استفتاء على اسم واحد يرشحه مجلس الشعب، إلى أن تم الانتقال لنظام الانتخاب بين أكثر من مرشح فى عام 2005، وكان الدستور قد نص عند صدوره على أن الحد الأقصى لرئيس الجمهورية دورتان فقط، لكن هذا النص تم تعديله عام 1980 ليجعل من حق الرئيس أن يتقدم لمدد أخرى دون تقييد.

وقد استحدث دستور 71 فى تعديلاته مجلسا للشورى لنعود مرة أخرى لنظام البرلمان المكون من غرفتين.

تبقى نقطة أخيرة، فإذا كان النظام بعد يوليو 52 كان قد اعتمد مجموعة من الوثائق السياسية التى توالى إصدارها، والتى كانت تفوق فى أهميتها الدساتير المتعاقبة للبلاد، بدءا من المبادئ الستة ففلسفة الثورة، ثم الميثاق الوطنى، وأخيرا بيان 30 مارس، فإن عصر السادات احتفظ بفكرة إصدار الوثائق السياسية إلى جانب الدستور، ومن الوثائق السياسية للنظام الجديد: برنامج العمل الوطنى، وورقة أكتوبر وورقة تطوير الاتحاد الاشتراكى.

لقد عاش دستور 1971 قرابة ثلاثين عاما وأدخلت عليه تعديلات عدة، وعندما قامت ثورة 25 يناير 2011 كان إسقاط هذا الدستور فى مقدمة مطالبها، فهل نالت مصر الدستور الذى تستحقه؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.