المطربة اللبنانية تعتدى على لحن عبدالوهاب.. وشاعر يحاول تسجيل «ليلة حب» باعتباره مشتركًا مع موسيقار الأجيال أصحاب الحقوق لم يمنحوها التصاريح ويهددون باللجوء للقضاء.. وخبراء الموسيقى: عبث واستمرار للمهزلة التى نعيشها
«الفنون جنون» هذه الجملة تتردد كثيرا عند رصد عمل فنى فيه مغامرة ومبالغة إبداعية من قبل أى فنان. لكن احيانا يستخدم هذا الجنون اذا لم يكن يخضع لحسابات فى القضاء على الفنان نفسه لو تصور مثلا أنه من الممكن ان يقارن بأحد كبار المبدعين مثل أم كلثوم أو عبدالوهاب أو عبدالحليم. ومن الجنون أيضا أن يتصور فنان بأنه عندما يعيد لحنا بصوته مع تغيير كلمات الأغنية أو استخدام مقدمة موسيقية لفنان كبير ووضع كلمات عليها بحجة انها إعادة لإحياء الزمن الجميل فهذا هو قمة الجنون الذى ربما يحرقه».
مؤخرا فوجئ الوطن العربى بأخبار عن قيام المطربة اللبنانية كارول سماحة باستخدام المقدمة الموسيقية لاغنية «ليلة حب» للموسيقار عبدالوهاب وغناء ام كلثوم والكلمات الأصلية للشاعر الكبير احمد شفيق كامل وقيامها بمعرفة احد الشعراء بكتابة كلمات جديدة عليها.
البداية كانت من جمله على توتير لشقيق مطربة لبنانية كبيرة انتقد فيها الامر وقال «الله يرحم عبدالوهاب».. وقتها تصورنا ان كارول ستغنى جزءا من الأغنية بتوزيع جديد. وتذكرت مقولة رواها لى الراحل محمود لطفى المستشار القانونى لجمعية المؤلفين السابق وأحد مؤسسيها عندما فاتح الموسيقار عبدالوهاب بوجود طلب مقدم لديه من احد المطربين يريد غناء أحد أعماله وضحك لطفى وواصل كلامه مع الموسيقار الكبير بأنه رفض الامر. فاذا بالموسيقار عبدالوهاب يطلب منه عكس ذلك وتلبية طلب المطرب ومنه التصريح اللازم. وهنا ارتسمت علامات الدهشة على المستشار القانونى. وجاء رد عبدالوهاب سريعا: «خليه يغنيها لو غناها كويس الناس هتقول شايف ابداع عبدالوهاب ولو غناها وحش هيقولوا الله يرحم عبدالوهاب» وهى رؤية من فنان كبير. لكن وضع كارول مختلف لأنها حصلت على المقدمة الموسيقية وحولتها للحن مستقل وهو ما يعنى تشويه لعمل غنائى فريد.. والمقدمة الموسيقيه هى تمهيد وجزء من صميم الأغنية ولا يجوز العبث به مهما كان الفنان الذى فعل ذلك. كارول دافعت عن نفسها بقولها إنها تريد اعادة الزمن الجميل وإنها تعشق زمن الابيض والاسود. لكن ليس بهذه الافعال يعود الغناء الجميل.
الشيء الذى يدعو للدهشة ان روتانا طلبت تصريحا بإعادة النشر وصرحت جمعية المؤلفين لها بعد وصول شيك ب 30 ألف جنيه ثم عادت الشركة طالبة اللحن فقط بدون الكلام ورفضت الجمعية وطلبت منهم العودة لاسرة المؤلف لأن العمل لا ينشر الا كاملا كما هو دون اللعب فيه وهنا أعادت روتانا التصريح واستردت الشيك ثم فوجئت الجمعية بأحد المؤلفين يذهب طالبا تسجيل اغنية له من ألحان الموسيقار محمد عبدالوهاب فقامت الجمعية بتجميد الاوراق لحين التأكد. والسؤال هناك كيف ذهب هذا الشاعر إلى الجمعية طالبا تسجيل العمل لكى يحصل على حق الاداء والطبع الميكانيكى بعد طرح الالبوم. هل تخيل انه قابل عبدالوهاب فى الحلم مثلا ولحن له كلماته. الامر خطورته ان الفنان الآن لم يعد يفرق بين الصح والخطأ والدليل ذهابه بنفسه لكى يقيد اغنية ادعى انها من ألحان عبدالوهاب.
حول هذه القضية سألنا بعض المتخصصين وورثة الموسيقار عبدالوهاب والمنتج محسن جابر مالك تراث عبدالوهاب وام كلثوم
السيدة عفت محمد عبدالوهاب قالت «الاسرة لا تعرف شيئا عن هذا الامر لكننا سوف نتخذ اجراءات قانونية لو حدث تشويه للعمل أو لم يذكر اسم والدنا وهو الامر الطبيعى الذى نقوم به عندما يحدث اعتداء من أى فنان أو شركة على تراثه».
وطلبت عفت منا العودة للشركة صاحبة الحق فى الاغانى لسؤالها ايضا.
المنتج محسن جابر قال لم يحصل احد على اذن منى بعمل أى شىء. ولو حدث هذا الامر سوف ألجأ للقضاء وواثق اننى من الجلسة الاولى سوف امنع تداول هذا العمل إلى جانب التعويض الذى سوف اطلبه من كل معتد على هذا المصنف لاننى امتلك تنازلات كافة الورثة، وهذه حقوق شركتى.
سألنا الموسيقار محمد سلطان رئيس جمعية المؤلفين والملحنين الذى اكد ان الجمعية لم تعط أى تصريح من جانبها. وفى كل الأحوال لا يجوز العبث بتراثنا. فهذا اعتداء على ابداع الغير. وكان عليهم العودة للورثة قبل القيام بهذا الامر أو الجمعية.
الشاعر الغنائى عزت الجندى عضو مجلس ادراة جمعية المؤلفين والملحنين ابدى استياءه من الامر موضحا ان اعمال الكبار خط احمر لا يجب تجاوزه بأى حال سواء باذن أو بدون اذن.
اما عن التلاعب فى العمل نفسه فسألنا المايسترو سليم سحاب فقال «ما سمعته منك عن قيام احد الشعراء بكتابة كلمات على المقدمة الموسيقية لاغنية «ليلة حب» لكى تغنيها كارول سماحة دليل افلاس وعدم قدرة على الابتكار. كما انه نتاج للمرحلة التى نعيشها. الآن كل واحد يفعل ما يراه دون الوضع فى الاعتبار ان هناك تاريخا صنعه عباقرة الموسيقى ويجب احترامه وعدم السعى لتشويهه. فى اوروبا عندما ينجح العمل قد تسمعه باكثر من صوت واكثر من تسجيل مع الحفاظ على هيبة العمل ومفرداته وعدم العبث بها. الشىء الثانى الذى استطيع ان اقوله ان عودة فنانى هذه الرحلة إلى الماضى هو اعتراف داخلى منهم بأن الماضى مازال يمثل لهم المنبع الذى ينهلون منه. ويعودون اليه كلما تأزم بهم الموقف. واضاف سحاب ربنا يستر لأن هذا معناه اننا نسير إلى طريق بلا ملامح. لا احترام للكبار ولا للتراث. كنت اتصور ان الاجيال التى جاءت بعد الكبار سوف تبدأ من حيث انتهوا.. واشار سحاب ما يحدث مع اغنية عبدالوهاب عرفناه بحكم معرفتنا باعماله، ولكن المصيبة الكبرى فى السرقات من الموسيقى التركية وغيرها.
الكبير حلمى بكر قال ما علمته ان الامر لا يتعلق بوضع كلمات فقط على المقدمة الموسيقية لكن هناك لعب ايضا فى الحن وهو استمرار للمهزلة التى نعيشها. وأرجو ان تتحرك جمعية المؤلفين والنقابة لأن الكيانين مهمتهما الحفاظ على ابداع اعضائهما. والقانون يمنع ما حدث. وأتصور أن الحالة التى يعيشها البلد هى التى شجعت كل من هب ودب لكى يعبث بتراثنا.