أبدى اتحاد كتاب مصر استياءه الشديد، وتوجسه المتزايد من ملاحقة أعضائه من الأدباء والمفكرين، الذين هم ضمير الأمة، وعقلها المفكر، ويعبر عن استنكاره الشديد لفتح التحقيق فى التهمة الموجهة للكاتب والباحث والمفكر يوسف زيدان، والتى يعود تقديمها لعام 2010. وأصدر بيانا جاء فيه: «إن التحقيقات التى تجريها نيابة أمن الدولة العليا مع يوسف زيدان فى تهمة «ازدراء الأديان وإثارة الفتنة وترويج الأفكار الدينية المتطرفة» أجدر بأن تتم مع جهات أخرى صدرت ضدها بالفعل أحكام قضائية فى هذا الشأن، وليس مع أدباء مصر وكتابها، وهو ما يشير إلى نية مبيتة لملاحقتهم، وانتهاك حريتهم فى التعبير والإبداع والبحث، والتى هى حريات أساسية نصت عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
إن اتحاد كتاب مصر يعلن تضامنه الكامل مع الكاتب يوسف زيدان فى هذه القضية، والتى نتمنى ألا تكون فاتحة لمزيد من التربص بعقول مصر ومبدعيها، الذين هم ذخيرة هذه الأمة، وقوتها الناعمة».
يذكر أن زيدان يخضع للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة العليا بعد بلاغ قدمه مجمع البحوث الإسلامية، بسبب كتابه «اللاهوت العربى.. أصول العنف الدينى» الذى صدرته طبعته الثالثة حتى الآن عن دار الشروق، والكتاب يطرح جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة، متحدثا عن إعلان «طشقند» الذى دعا إلى الفصل بين الدين وظواهر العنف التى تستتر بالعقيدة، ويناقش الطبيعة الأولية للدين، موضحا أنه فى البداية يظل الدين دينا والسياسة سياسة، لكنهما يتقاربان تدريجيا ويأخذ كل منهما بعضا من سمات الآخر. ويتتبع يوسف زيدان فى كتابه أهم الأفكار التى شكلت تصور اليهود والمسيحيين والمسلمين، لعلاقة الإنسان بالخالق. ومن ثَمَّ، كيف توجّه علم اللاهوت المسيحى، وعلم الكلام الإسلامى، إلى رؤى لاهوتية يصعب الفصل بين مراحلها.
ويناقش الكتاب، ويحلل ويقارن ويتتبع، تطور الأفكار اللاهوتية على الصعيدين المسيحى والإسلامى. وذلك بغرض إدراك الروابط الخفية بين المراحل التاريخية التقليدية، المسماة بالتاريخ اليهودى التاريخ المسيحى التاريخ الإسلامى! وانطلاقا من نظرة مغايرة إلى كل هذه التواريخ، باعتبارها تاريخا واحدا ارتبط أساسا بالجغرافيا، وتحكمت فيه آليات واحدة، لابد من إدراك طبيعة عملها فى الماضى والحاضر. وصولا إلى تقديم فهم أشمل لارتباط الدين بالسياسة، وبالعنف الذى لم ولن تخلو منه هذه الثقافة الواحدة، ما دامت تعيش فى جزر منعزلة.