اختلف عدد من الخبراء السياسيين حول جدوى مقاطعة القوى المدنية للانتخابات البرلمانية المقبلة، ففيما اعتبر عدد منهم أن نجاح تلك القوى فى استقطاب أكبر عدد ممكن للمقاطعة يعنى إحراج النظام على المستويين الداخلى والدولى. فقد رأى آخرون أن المقاطعة للانتخابات بمثابة هدية لجماعة الإخوان المسلمين التى تراهن على انخفاض شعبية القوى المدنية فى الشارع.
وقال المحلل السياسى، مصطفى حجازى إن «الجدوى من المقاطعة تعتمد على رؤية صاحبها، فإذا جاءت مقاطعة الانتخابات فى لحظة استقرار وبناء للمؤسسات، فإنها تصبح غير ذات جدوى، لكن الذى يرى أننا فى مرحلة انتقالية تختفى فيها الحقيقة، فى ظل إجراءات غير تقليدية، فإن المشاركة فى هذه الحالة تصبح تكريسا للظلم فى المجتمع».
ودلل حجازى على وجهة نظره بقوله «رأينا نتيجة المشاركة فى تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وفى الدستور الذى أنتجته، وبالتالى ينبغى على القوى السياسية التى تدعو لمقاطعة الانتخابات أن تلحق هذه الدعوة بدعوة أخرى صريحة وهى بناء نظام سياسى جديد، وأن توضح أننا بصدد عمليات سياسية فاسدة من أولها لآخرها».
من جهتها قالت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أمل كامل «إذا لم نستطع تحويل العملية الانتخابية إلى شكل منظم، فستكون المقاطعة خيارا، لكن ستكون دائما هناك علامات استفهام حول المطالبين بالمقاطعة، فهل هم يدعون لها لاعتبارات شخصية، أم لمصلحة الوطن؟».
وأضافت كامل «إحجام أغلبية من لهم حق التصويت عن المشاركة فى الانتخابات، سيؤدى للضغط على النظام الحاكم داخليا وخارجيا، وستضع علامات استفهام على مدى شرعيته، وقد تستغل بعض الدول ذلك فى مناطحة النظام بمنطق أنه لا يمتلك شرعية كبيرة».
فيما قال الأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، «أعتقد أن المقاطعة هى أفضل هدية لجماعة الإخوان المسلمين، فالجماعة تتهم القوى المدنية بأنها لا تمتلك وجودا بالشارع، وستفسّر المقاطعة بأنها اعتراف منهم بالفشل والعجز عن تعبئة المواطنين، وهرب من الهزيمة المحققة».
وأضاف السيد «الجماعة لن تهتم بعدم وجود القوى المدنية فى البرلمان، مثلما حدث مع الجمعية التأسيسية، وستمضى فى طريقها لإقرار القوانين التى تمكّنها من الإمساك بكافة مفاصل الدولة».
وتوقّع السيد ألا تكون المقاطعة شاملة مبينا «هناك بعض الأحزاب التى تنتمى لتيار الاستقلال مثل حزب غد الثورة، بالإضافة لبعض الأحزاب التى تمثل بقايا الحزب الوطنى المنحل، وأغلبها سيشارك فى الانتخابات»، مضيفا أن «المقاطعة لن تكسب القوى المدنية، وسيبدو موقفها غريبا لدى المجتمع الدولى، وغير مفهوم لدى المواطنين»، معتبرا أنه لن يكون هناك فرصة أمام تلك القوى لتوضح رؤيتها وأفكارها للشعب مثل الفرصة الحالية، إلا بعد 4 سنوات.