«المشهد الأول» جنود غاضبون في السويس يعتدون على المقاهي وسيارات المواطنين في السويس، المشهد الذي اعتذر عنه اللواء أسامة إسماعيل، مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلام، في حلقة مع الإعلامي خالد صلاح على قناة النهار، مبررا المشهد بأن "الجنود خرجوا عن شعورهم".
«المشهد الثاني» عشرات الضباط يقومون بطرد وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، أثناء تأدية صلاة الجنازة على شهيد الشرطة أحمد البلكي، الذي وقع ضحية محاولة اقتحام سجن بورسعيد العمومي في يوم 27 يناير 2013.
«المشهد الثالث» قوات الأمن تقوم بالاعتداء على أهالي بورسعيد أثناء تشييعهم جثامين الضحايا الذين وقعوا أثناء محاولة اقتحام سجن بورسعيد العمومي.
ثلاثة مشاهد حدثت في أسبوع إحياء ذكرى 25 يناير الثانية ، لجنود غاضبين أعادت إلى الأذهان ذكرى انتفاضة الأمن المركزي التي تحل علينا اليوم ذكراها السابعة والعشرون.
ففي الخامس والعشرين من فبراير من عام 1986، تظاهر أكثر من 20 ألف جندي للأمن المركزي في معسكر الجيزة احتجاجا على سوء أوضاعهم وتسرب شائعات عن وجود قرار سري بمد سنوات الخدمة من ثلاث إلى خمس سنوات، وخرج الجنود للشوارع، وقاموا بإحراق بعض المحال التجارية والفنادق في شارع الهرم، وهو ما تسبب في خسائر قدرت بعشرات الملايين من الجنيهات.
استمرت حالة الانفلات الأمني لمدة أسبوع، أعلن فيها حظر التجوال وانتشرت قوات الجيش في شوارع القاهرة، واعتقل العديد من قوات الأمن المركزي، وقامت طائرات الهليكوبتر بضرب معسكراتهم بالصواريخ وحلقت الطائرات فوق رؤوس الجنود تنتظر الأمر بالضرب في المليان إذا حاول الجنود التوجه إلى مصر الجديدة، وبعد انتهاء هذه الأحداث واستتباب الأمن تم رفع حظر التجوال وأعلن عن إقالة اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية آنذاك وعزل العديد من القيادات الأمنية، واتخذت العديد من القرارات لتحسين أحوال الجنود والحد من أعدادهم ونقل معسكراتهم خارج الكتلة السكنية، كما اتخذت قرارات بتحديد نوعية الجنود الذين يلتحقون بالأمن المركزي مستقبلا.
ويحلل اللواء حمدي البطران، لواء داخلية متقاعد، والمنسق العام لائتلاف ضباط شرفاء، ذلك الحادث قائلاً: "إن تلك الحادثة كشفت عن وجود صراع داخلي بين رجال مبارك، وأنها كانت بمثابة نواة أو بذرة للثورة على النظام الديكتاتوري.
ولأن مبارك وقتها كان في أوج حكمه، ولم تكن هناك معارضة لها أنياب ولا أظافر كمعارضة اليوم، فقد تم كبح جماح تلك الثورة في مهدها بمعاونة أحزاب المعارضة وقتها، بل كانت المعارضة بمثابة الغطاء السياسي لعملية قمع تلك الثورة.
ويضيف، أن تلك الأحداث كانت بمثابة تمرين عملي لعملية التمرد على النظام القمعي للشرطة، وما يحدث لفئة معينة من الجهاز، والظلم الذي حاق بها، ومحاولة ذاتية من داخل الجهاز للقيام بعملية التطهير أو ما يسمى بالمقاومة الذاتية للظلم لتطهيرها من الداخل.
ويؤكد البطران أن "هذا الحادث ألقى بظلاله على عملية اختيار وزراء الداخلية فيما بعد، وكان الفصل بين مدرستين من مدارس الأمن في مصر"، موضحا أنه من العرف المهني في وزارة الداخلية، أن يقوم على تصنيف وزراء الداخلية إلى نقطة مدرستين مدرسة أمن الدولة، ومدرسة الأمن العام، من حيث الجهة الأمنية التي جاءوا منها.
فيقال هذا وزير من أمن الدولة، نسبة إلى الوزراء الذين كانوا يعملون في جهاز أمن الدولة، ويقال وزير أمن عام, إذا جاء من الأمن العام، أي من العاملين في مجال الأمن الجنائي، أي مديريات الأمن أو الجهات الشرطية الأخرى، وكل جهة من تلك الجهات تلقي ظلالها على شخصية الوزير وطريقة تعاملاته من الجمهور ومرؤوسيه.
ويضيف البطران، أن كل الوزراء الذين تولوا الوزارة بعد انتفاضة الأمن المركزي كانوا من جهة الأمن العام، عدا الوزير حبيب العادلي، لافتاً إلى أن الوزراء الذين تولوا الوزارة من جهة أمن الدولة هم من أدخلوها في العمل السياسي مثل اللواء حسن أبو باشا، واللواء حبيب العادلي.