طالب ربيع نعمة الخبير بصندوق النقد الدولى البنوك المصرية بدراسة المستجدات الاقتصادية فى المحيط المحلى والاقليمى والعالمى، للتقليل من المخاطر الكبرى التى تتعرض لها البنوك فى المرحلة الحالية. واكد نعمة فى تصريحات خاصة ل«الشروق» ابان وجوده فى مصر قبل ايام على زيادة المخاطر فى دول الربيع العربى ومنها مصر بصورة كبيرة، مع وجودها بصورة اخرى فى منطقة الخليج التى ليست بمنأى عن التعثر المحتمل، بسبب التغيرات الاقتصادية فى العالم.
واضاف نعمة إن تغير الملكيات وتعثر عدد من الكيانات الصناعية الكبرى والشركات السياحية من المتوقع أن تزيد عدد المتعثرين فى السوق المصرية، فالمخصصات الحالية وحدها غير كافية للتعامل مع مستقبل الائتمان فى مصر، بل قراءة المخاطر المستقبلية هى الأصل فى تعامل المصارف المصرية ودول الربيع العربى فى المرحة المقبلة.
وطالب نعمة المحاضر باتحاد المصارف العربية البنك المركزى المصرى بزيادة الاهتمام بقراءة المخاطر وتحليلها، مع متابعة يقظة للسوق والتغيرات التى تحدث.
ولا يستبعد خبير المخاطر وجود ازمات خلال الفترة المقبلة لبعض البنوك خاصة لمن اقرضت فى وقت سابق كيانات كبرى لديها مشاكل فى الوقت الحالى، من حيث تغير فى الملكية أو مجالس الادارة او الانتاج والتسويق والنقل «تلك البنوك ستواجه مشاكل يجب ان تعمل على حلها من الان»
وقال نعمة الخبير لدى صندوق النقد ورئيس دائرة تقييم المخاطر فى لجنة الرقابة على المصارف فى لبنان ان مفهوم المخاطر لابد ان يتغير فى البنوك المصرية والعربية وفقا للاحداث الجارية فى العالم بما يساعد البنوك على تجنب الخسائر ومحاصرتها.
واشار نعمة إلى أن الاستعداد للتعامل مع المخاطر يجب ان يكون مبكرا وقبل وقوع الخطر،وليس فى تكوين مخصص عند وقوع الخطر، وهو ما يتطلب تعاونا بين البنوك والبنك المركزى فى كل الدول العربية.
وتوقع نعمة ان تساهم الاحداث السياسية فى زيادة المخاطر فى بنوك المنطقة وان تؤثر على معدلات الربحية، خاصة للبنوك المرتبطة بإقراض الحكومة مثلما الحال فى مصر، فعلى الرغم من تراجع معدلات الائتمان المباشر والاعتماد بشكل رئيسى على توظيف اموال البنوك فى ادوات الدين الحكومية فإن زيادة المخاطر حاضرة بقوة ايضا رغم انها اقل مخاطرة فى الوضع الطبيعى.
كانت مؤسسات التقييم قد خفضت اكثر من مرة تقييم البنوك الكبرى فى السوق، بسبب تركيزها فى الفترة المالية على أدوات الدين الحكومية دون غيرها، كان اخرها من قبل مؤسسة «فيتش» قبل ايام حيث خفضت التصنيف الائتمانى السيادى لمصر درجة واحدة من «+B» إلى «B» مع نظرة مستقبلية سالبة.
«مخاطر الديون السيادية صعبة جدا، وهى ما افلست اليونان وهددت منطقة اليورو والتوسع فيها خطر جدا، فلابد من توزيع المخاطر خلال الفترة المقبلة فى الاقتصاد المصرى»
وطلب نعمة بألا تكون «المخاطر» وسيلة للانكماش وهو ما يحدث حاليا فى السوق، فإدارة الازمة والحلول غير التقليدية تصب فى عدم وجود تلك الحالة، والتى «يتفهمها» حسب قوله.
وقال الخبير لدى الصندوق الدولى ليس معنى وجود مخاطر مرتفعة ان يكون هناك عزوف عن الائتمان، فعمل البنوك جزء اساسى منه المخاطر لكن توظيف الاموال من خلال الاستثمار المباشر وغيره هو اصل تلك المهنة الخطرة.
« البنوك العربية مازالت تتمتع بملاءة مالية جيدة خاصة فى منطقة الخليج لكن المخاطر قائمة والازمة المالية فى 2008 مازال اثرها يؤكد على وجود مخاطركبرى، وسط ركود فى اقتصاديات العالم وتدنى فى توظيف المحافظ المالية». قال نعمة.
واكد نعمة على سعى السلطات الرقابية الى ترسيخ النظام المالى العالمى من خلال التأكيد على احتفاظ المصارف برؤوس اموال كافية تسمح بامتصاص ما قد تتكبده من خسائر، مؤكدا ان ما يتوجب ان تحتفظ به البنوك من رؤوس اموال يرتبط بحجم المخاطر التى تتعرض لها وهو كبير فى المرحلة الحالية فى منطقتنا العربية.
وقال ربيع ان البنوك التى اقرضت قطاعات اقتصادية معينة مثل الصناعات الكبرى ربما يتوجب عليها قراءة اكبر للمخاطر فى ظل الصعوبات التى تواجه تلك الصناعات فى الوقت الحالى، منها على سبيل المثال قروض صناعة الحديد والسياحة فى مصر.
كان مجلس ادارة البنك المركزى قد وافق فى اجتماعه الأخير فى ديسمبر الماضى على التعليمات الخاصة بالحد الأدنى لمعيار كفاية رأس مال البنوك والتى تلزم البنوك العاملة فى مصر – باستثناء فروع البنوك الأجنبية- بالحفاظ على حد ادنى يصل الى 10% بين عناصر القاعدة الرأسمالية وبين الأصول الخطرة والمرجحة بأوزان وذلك لمواجهة مخاطر الإئتمان والسوق والتشغيل.
واشار نعمة الى ان الازمة المالية العالمية اظهرت مجموعة من نقاط الضعف فى الانظمة المصرفية جعلت القائمين على اتفاقية بازل 2 يعملون على ادخال تحسينات عديدة فى معدل كفاية رأس المال النظامى، وهو ما اطلق عليها بازل3 التى تتعلق بمعدلات كفاية رأسمال وقدرة البنوك على تحمل الصدامات، مؤكدا على قدرة كثير من البنوك العربية على الدخول فى تلك المرحلة.
« يتطلب فى الوقت الحالى دراسة تقييمات تخفيف مخاطر الائتمان وفق المنهج الخاص بتلك المخاطر، وكيفية قيام المصارف بتطبيق اوزان المخاطر». حسب نعمة.
وحسب نعمة فإن الابلاغ عن المخاطر قبل وقوعها امر لابد منه خلال الفترة المقبلة فى ظل تصاعد كبير لحجم المخاطر فى المنطقة وما تتعرض من ازمات سياسية واقتصادية.