قال رئيس وزراء الأردن عبد الله النسور، اليوم الاثنين، إن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني سيستشير وللمرة الأولى، مجلس النواب حين يختار حكومة بعد انتخابات هذا الأسبوع في البلاد، واصفا ذلك بأنه "تقدم كبير" على طريق الديمقراطية. وأضاف النسور، أن الانتخابات التي تجرى يوم الأربعاء ويقاطعها حزب المعارضة الرئيسي المرتبط بجماعة الاخوان المسلمين، ستعكس "حجم تغييرات مهولة لا تخطر في بال وكم تغير النظام السياسي في الأردن نحو الديمقراطية ونحو الانفتاح."
وأقر الملك العام الماضي تعديلات دستورية تنقل بعض صلاحياته للبرلمان الذي قال منتقدون إنه كان مهمشا كما أعادت التعديلات للحكومة بعض السلطات التنفيذية التي كانت قد نقلت إلى القصر وقوات الأمن.
وقال النسور لرويترز في مقابلة بمكتبه: "هذا تقدم كبير وتقدم طوعي فالمعارضة تطالب بنزع الصلاحيات من أجل القيام بهذا الدور وجلالة الملك قام بذلك الدور. ما تطلبه المعارضة جرى فعله والمعارضة تجري وراء الشكل ولا تجري وراء المضمون. وأي حكومة سوف تتشكل ستنتج من الإرادة المشتركة لجلالة الملك ومجلس النواب."
ونظم إسلاميون وبعض الشخصيات العشائرية المعارضة احتجاجات في الشهور القليلة الماضية مطالبين الملك بالتخلي عن سلطته في تعيين الحكومات ومنتقدين التعديلات الدستورية التي جرت العام الماضي والتي يقولون إنها لم تلب مطالبهم.
وبخلاف دول عربية أخرى لم تشهد المملكة الأردنية المدعومة من الولاياتالمتحدة والتي لها حدود طويلة مع إسرائيل احتجاجات حاشدة تدعو للإطاحة بالنظام الحاكم لكن متظاهرين أردنيين أعربوا عن استيائهم من الفساد.
وتحت ضغوط لتسريع وتيرة الإصلاح السياسي عين الملك عبد الله النسور النائب والسياسي المخضرم في منصب رئيس الوزراء في أكتوبر للإشراف على الانتخابات بعد حل البرلمان الذي كانت تسيطر عليه العشائر في منتصف فترته البالغة أربع سنوات.
لكن البرلمان المنتهية فترته والمكون من 150 نائبا قاوم تغييرات في قانون الانتخابات كانت ستحد من نفوذ العشائر مما أدى إلى مقاطعة من جانب الإسلاميين الذين يقولون إن القانون القديم للانتخابات يحابي المناطق الريفية والعشائرية التي تعتمد على هبات الدولة والتي تشكل العمود الفقري لدعم الأسرة الهاشمية الحاكمة.
وقلصت المقاطعة الانتخابات لتكون منافسة بين زعماء العشائر ورجال الدولة ورجال الأعمال المستقلين حيث لا يوجد سوى القليل ينتمون لأحزاب معروفة من بين 1450 مرشحا. ويشجع النظام الانتخابي التصويت على أساس عشائري.
وقال النسور إن مجلس النواب المقبل والحكومة سيواجهان مهمة شاقة لإحياء الاقتصاد المتداعي واستعادة الثقة في حكم القانون.
وكانت قرارات اتخذها النسور في نوفمبر لخفض الدعم المكلف على الوقود في إطار إجراءات تقشفية قد أثارت بعضا من أسوأ الاضطرابات بالأردن منذ أكثر من عشرين عاما. وطالب بعض المتظاهرين لأول مرة برحيل الملك عبد الله. وتحولت بعض المظاهرات إلى العنف في مناطق ريفية وعشائرية فقيرة.
ودافع النسور الاقتصادي الذي درس بجامعة السوربون في فرنسا عن زيادة أسعار الوقود ووصفها بأنها تحركات ضرورية أرجأتها حكومات متعاقبة لفترة طويلة خوفا من رد فعل الناس.
وقال إن الأردن ما زال يواجه إجراءات صارمة بموجب برنامج يوجهه صندوق النقد الدولي يهدف إلى خفض الإنفاق على البيروقراطية المتضخمة والجيش والأجهزة الأمنية.
وأضاف "ما تزال هنالك أمامنا المزيد من الاجراءات التصحيحية واجبة الأخذ لكن هذا متروك للحكومة القادمة والبرلمان القادم."
ويتوقع أن يظل النسور رئيسا للوزراء في حكومة انتقالية لحين تشكيل حكومة جديدة بعد انعقاد البرلمان الجديد في منتصف فبراير.
وقال رئيس الوزراء إن جماعة الاخوان المسلمين التي تعايشت مع المؤسسة الحاكمة في البلاد لعقود فوتت الآن فرصة للضغط من أجل تغييرات سياسية أوسع نطاقا.
واضاف "بكل تأكيد مقاطعتهم تنغص علينا هذا الفرح الديمقراطي فهم جزء من النظام السياسي... لكن أقول أنتم حكمتم على أنفسكم بأن تقفوا على الرصيف وأنتم حكمتم على حالكم وأنتم وضعتم نفسكم في القيود.. هذا خطأ."
وأضاف أن الاخوان كان من الممكن أن يشكلوا ائتلافا حاكما مع شركاء آخرين ويدفعوا بالاصلاح الانتخابي. وتساءل قائلا "كيف يغيرون قانون الانتخاب وهم خارج المجلس؟"
وحث النسور الناخبين الأردنيين المؤهلين وعددهم 2.4 مليون شخص على الإقبال بكثافة على التصويت في الانتخابات وتوقع ألا يلتفت الأردنيون لدعوة الإسلاميين لمقاطعة الانتخابات. وأشار النسور إلى مسيرة للإسلاميين في عمان يوم الجمعة اجتذبت أقل من ألفي شخص.
وقال رئيس الوزراء الأردني إن إجراءات صارمة اتخذتها الحكومة ضد شراء الأصوات ستعزز من مصداقية الانتخابات. وكان مراقبون مستقلون قالوا إن شراء الأصوات يلوث العملية الانتخابية.
وقال النسور "هناك فرق كبير بين مجلس يأتي بالتزوير ومجلس يأتي متمتعا بثقة الناس. هذه المرة الأولى في تاريخ المملكة هذا العدد من التوقيفات أمام المحاكم من مرشحين مهمين جديين وناخبين.. ألا يدل هذا على نية نزاهة؟"
وكانت اتهامات بتدخل قوات الأمن قد شابت انتخابات سابقة في الأردن لكن تأسيس هيئة مستقلة للانتخابات العام الماضي قد يسفر عن انتخابات أكثر نزاهة.