تعرَّف علي قيمة بدل المعلم والاعتماد ب مشروع تعديل قانون التعليم (الفئات المستحقة)    الأعداد المقرر قبولها ب الجامعات الحكومية من حملة شهادات الدبلومات الفنية 2025    عيار 21 يسجل أعلى مستوياته.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    إعلام فلسطيني: شهداء وإصابات بين الأطفال ب مخيم النصيرات إثر غارات إسرائيلية    المصري يكثف مفاوضاته للحصول على خدمات توفيق محمد من بتروجيت    اجتياز 40 حكمتا لاختبارات الانضمام لمعسكر تقنية الفيديو    «هو مين وإيه تاريخه؟».. طارق يحيى يهاجم مجلس الزمالك بسبب عبدالناصر محمد    «ذبحهم والدهم».. النيابة العامة بالمنيا تناظر جثامين الأطفال الثلاثة    يكفر ذنوب عام كامل.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة    أمين عام كبار العلماء بالأزهر: علم الحديث من أعظم مفاخر الأمة الإسلامية    نظام التعليم الألماني.. شراكة حكومية وبرامج حديثة تحفز على الابتكار    صوتها ليس كافيًا لتنبيه المشاة.. استدعاء 8390 سيارة دودج تشارجر الكهربائية    التشكيل الكامل لجهاز الإسماعيلي بقيادة «ميلود»    «إكليل الشهداء».. عظة البابا تواضروس في اجتماع الأربعاء    وزير التعليم يستعرض مشروع تعديل قانون التعليم وشهادة البكالوريا بمجلس النواب    نوال الزغبي تغازل جمهورها المصري.. وتطرح 3 أغنيات جديدة قريبًا    قوات الدفاع الجوي السعودي تدشن أول سرية من نظام «الثاد» الصاروخي    واشنطن تنفي تعليق تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا    حمد الله يبدأ مشواره مع الهلال ويؤدى مرانه الأول استعدادا لموقعة فلومينينسى    مسؤول بالأمم المتحدة: تمويل التنمية يرتبط مباشرة بالأمن    وفقًا للكود المصري لمعايير تنسيق عناصر الطرق.. استمرار أعمال التخطيط بإدارة مرور الإسكندرية    محافظ سوهاج: تخصيص 2.15 مليون فدان لدعم الاستثمار وتحول جذري في الصناعة    المغرب والتشيك يوقعان اتفاقية تجريب تقنية استخلاص الماء من رطوبة الهواء    بعد إقراره رسميًا| من الزيادات إلى الإخلاء.. أبرز 10 مواد تلخص قانون الإيجار القديم (تفاصيل)    أتلتيكو مدريد يستفسر عن موقف لاعب برشلونة    فوز تاريخي للنرويج على سويسرا في بطولة أمم أوروبا للسيدات    ثنائي الهلال جاهز لمواجهة فلومينينسي في ربع نهائي مونديال الأندية    مدحت شلبي ردا على «المتحذلقين»: «المفروض نقلد المشروع السعودي مش نقلل منه»    سعر البطيخ والخوخ والفاكهة ب الأسواق اليوم الخميس 3 يوليو 2025    وزير خارجية فرنسا: الهجمات الإسرائيلية والغارات الأمريكية على إيران تنتهك القانون الدولي    «تيارات حِمل حراري».. تحذير من حالة الطقس اليوم في القاهرة والمحافظات    "القيادة الآمنة".. حملة قومية لتوعية السائقين بمخاطر المخدرات بالتعاون بين صندوق مكافحة الإدمان والهلال الأحمر    إعدام المواد الغذائية الغير صالحة بمطروح    جاسم الحجي: قوة صناعة المحتوى وأهمية في عصر الإعلام الرقمي    مصرع عامل صعقًا بمزرعة دواجن في بلطيم بكفر الشيخ    نيابة البحر الأحمر تصرح بدفن ضحايا الحفار الغارق وتواصل التحقيقات في أسباب الحادث    الأردن وفلسطين يؤكدان ضرورة وقف العدوان على غزة وضمان إدخال المساعدات الإنسانية    طارق الشيخ عن وصية أحمد عامر بحذف أغانيه: "يا بخته أنه فكر في كده"    علي الحجار يحتفل ب ذكرى زواجه: 23 سنة سعادة مع هدى    مملكة الحرير" يحقق رقمًا قياسيًا على يانغو بلاي ويتصدر الترند لليوم الثالث على التوالي    شاهد.. بهذه الطريقة احتفلت مادلين طبر بثورة 30 يونيو    أحمد زاهر ل زوجته: لولاكِ مكنتش هعرف أعيش أنتِ عمود البيت    3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    ضياء رشوان: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل مليون فلسطيني منذ عام 1967    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    مستشفى النفسية بجامعة أسيوط تنظم اليوم العلمي الرابع للتمريض    مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط تنظم يوم علمي حول أمراض الكلى لدى الأطفال    فريق طبي ينجح في إنقاذ طفلة مولودة في عمر رحمي بمستشفى في الإسكندرية    ما هي الأنماط الغذائية الصحية لمصابين بالأمراض الجلدية؟.. "الصحة" تجيب    من يتحمل تكلفة قيمة الشحن فى حال إرجاع السلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل تنظيم الأسرة يتعارض مع دعوة الشرع بالتكاثر؟ أمين الفتوى يٌجيب    صحة الإسكندرية: إنقاذ حياة طفلة فى عمر رحمى 37 أسبوعًا بجراحة دقيقة.. صور    وزير قطاع الأعمال: حريصون على تعزيز التعاون مع الشركات العالمية ذات الخبرة    استدعاء الممثل القانوني لقناة "المحور" بسبب مخالفات برنامج "90 دقيقة"    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بالمدارس الثانوية والدبلومات للعام الدراسي 2026/2025    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكاية الصكوك ولماذا تثير كل هذا الجدل؟
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 01 - 2013

ما ان اكتمل تشكيل مجلس الشورى بتعيين ثلث أعضائه حتى طالعتنا وسائل الاعلام بأن أول تشريع ينوى المجلس إصداره هو قانون صكوك التمويل الاسلامية. وتتابعت الاخبار بعد ذلك: مشروع قانون قدمته وزارة المالية وآخر أرسلته هيئة الرقابة المالية وثالث جاء من حزب الحرية والعدالة، وتوقعات بمليارات الدولارات ستتدفق على مصر، وتحذيرات من ضياع السيادة المصرية على قناة السويس، ثم سحب القانون من مجلس الشورى بعد أن اعترض عليه الأزهر الشريف والأحزاب وحتى الحكومة التى اقترحته اصلا. فما الموضوع بالضبط؟ وما هى الصكوك التى يدور حولها كل هذا الجدل؟ وهل هى خير مطلق ام شر مطلق؟.

الصكوك ببساطة أداة من الأدوات المالية وأشهرها الأسهم والسندات التى تصدرها الشركات لكى تتمكن من الحصول على التمويل الذى تحتاج إليه فى نشاطها. والفارق بين الأسهم والسندات أن الأسهم تمثل ملكية فى الشركة ويكون لحاملها نصيب فى الأرباح او الخسائر، بينما السندات تمثل قرضا على الشركة ويكون حامل السند دائنا لها ويحصل فى نهاية مدة السند على المال الذى اقرضه مضافا اليه الفائدة المتفق عليها دون أن يكون له شأن بربح الشركة أو خسارتها. أما الصكوك فهى نوع من أنواع السندات بمعنى أنها تمثل مديونية لا ملكية ولكنها تختلف فى أنها تسعى للتوافق مع الشريعة الإسلامية، أى أن يكون العائد عليها مرتبطا بأداء الشركة وبالربح أو الخسارة التى تحققها، خروجا على الأصل فى السند العادى الذى يحقق عائدا متفقا عليه. هذا عن الصكوك التى تصدرها الشركات. أما الصكوك السيادية (التى تصدرها الدولة) فهى أيضا أقرب ما تكون إلى سندات وأذون الخزانة ولكن تختلف فى أن عائدها ينبغى أن يكون مرتبطا بأداء المشروع الذى تموله وليس ثابتا أو مقررا بشكل مسبق. والصكوك ليست اختراعا مصريا ولا ظاهرة جديدة، بل عرفتها دول كثيرة فى العالم، إسلامية وغير إسلامية، وأكبر سوق لها فى الوقت الحالى فى ماليزيا التى تخصصت فيها منذ ما يزيد على ثلاثين عاما.

ولكن إن كان الموضوع بهذه البساطة، فما الذى جعله محلا لكل هذا الجدل فى الأسابيع الاخيرة؟ تقديرى أن هناك اربعة أسباب أثارت سوء فهم شديدا فى تناول الموضوع إعلاميا وسياسيا، فصار يبدو أكثر أهمية وأكثر تعقيدا مما ينبغى.

هناك أولا مشكلة أن الإعلام قد تناول الموضوع دون تفرقة بين الصكوك الخاصة التى تصدرها الشركات والصكوك العامة التى تصدرها الدولة، بينما مشروع القانون الذى قدمته وزارة المالية يتعلق بالصكوك العامة، والمشروع الذى قدمته هيئة الرقابة المالية يتناول الصكوك الخاصة التى تصدرها الشركات، أما حزب الحرية والعدالة فكان قد قدم لمجلس الشعب السابق بمشروع يسعى لتغطية الموضوعين معا. وعدم التفرقة بين الثلاثة مشاريع جعل الموضوع يبدو أعقد مما هو فى الحقيقة.

من جهة ثانية، فقد تم طرح الصكوك الإسلامية الحكومية من جانب من يؤيدون الأخذ بها باعتبارها الحل السحرى الذى سوف يخرج مصر من أزمتها الحالية ويمكننا من تجاوز عجز الموازنة وانقاذ العملة الوطنية وتحفيز النمو. وهذا كله غير صحيح بالضرورة. فالصكوك، كما سبق القول، ليست سوى أداة مالية وبالتالى فهى فى حد ذاتها لا تحقق أهدافا اقتصادية، لأنها وسيلة للتمويل، تتحقق بها الأهداف الاقتصادية بقدر ما يكون هناك إقبال عليها، وبقدر ما يكون المناخ الاقتصادى مواتيا، وبقدر ما تستخدم حصيلتها فى تمويل التنمية بدلا من تمويل عجز الموازنة. وكما أن افتتاح فرع جديد لبنك تجارى لا يزيد فى حد ذاته من المدخرات الوطنية، كذلك فإن استحداث أداة تمويل جديدة لا يحقق انتعاشا اقتصاديا بمفرده وإنما يساعد على تحقيقه إذا ما كانت السياسات والظروف مواتية.

ثالثا: فإن عرض الموضوع على الإعلام وعلى الرأى العام لم يكن واضحا بما يكفى، الأمر الذى أثار أسئلة مشروعة كثيرة لم تجد إجابة شافية حتى هذه اللحظة: هل يكون إصدار الصكوك لتمويل مشاريع تنموية أم لتمويل عجز الموازنة؟ وهل تكون أصول الدولة ضامنة للسداد أم لا؟ وما الجهة التى تحدد توافق الصكوك مع الشريعة الإسلامية؟ والأهم من كل ذلك، هل تمت دراسة السوق المحلية والعالمية للتحقق من وجود طلب حقيقى على تلك الصكوك أم أنها مجرد افتراضات غير مدروسة؟.

رابعا وأخيرا: فإنه ما أن طرح الموضوع على الساحة حتى أصابه مرض الاستقطاب الذى أصبح سمة الحوار السياسى والاقتصادى فى كل المجالات. المعارضون وجدوا فيه علامة أخرى من علامات «أخونة» الدولة والاقتصاد فهاجموه بضراوة باعتباره ساحة أخرى من ساحات الصراع السياسى ورفضوه شكلا وموضوعا، أما المؤيدون فبالغوا فى تصوير الأمر كما لو كان العصا السحرية التى ستحل مشاكل مصر الاقتصادية بضربة واحدة وتنقلنا فورا إلى مرتبة من النمو تقارب أو تتجاوز ماليزيا وتركيا وسنغافورة، بينما الحقيقة مرة أخرى أن الصكوك ما هى إلا أداة مالية، لا تحقق بذاتها طفرة اقتصادية ولا تمثل أخونة للنظام الاقتصادى، وأن معظم بلدان العالم، بما فيها تلك التى تركب الأفيال والتى تركب الصواريخ، تعرفها وتقبل العمل بها باعتبارها جزءا من منظومة كبيرة من الأدوات والأسواق المالية التى تقدم للجمهور بدائل مختلفة تناسب طبيعة واستثمار وعقيدة كل من يرغب فى الادخار.

شخصيا أرى أن إضافة أدوات مالية جديدة إلى السوق المصرية فكرة جيدة ويلزم الترحيب بها، ولكن دون مبالغة فى الحديث عن المعجزة الاقتصادية التى ستحقق بسببها، ودون تجاهل أنها فى النهاية تضيف إلى الدين العام الذى تتحمله الدولة، ودون أن يترتب عليها رهن الأصول العامة. والأهم من ذلك هو اعتبار الصكوك أداة مالية تضاف إلى ما هو موجود بالفعل وليس بديلا عن النظام المصرفى ولا الأسهم والسندات العادية ولا كل قنوات التمويل والادخار الأخرى. فالتنوع والتعدد مطلوب فى كل شىء، فى المجتمع وفى السياسة وفى الثقافة، كما أنه ضرورى فى التمويل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.