ب الأسماء.. مرشحى القائمة الوطنية بانتخابات النواب عن سوهاج    الصناعة : 90 مليار جنيه تسهيلات تمويلية لعدة قطاعات بفائدة لا تتجاوز 15%    مصر والسودان تؤكدان رفضهما القاطع لأي إجراءات أحادية تُتخذ على النيل الأزرق    صندوق النقد يشيد بدور الرئيس السيسي في قيادة جهود عملية السلام    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025    وزير الخارجية: مصر تدعم كافة المبادرات التي تهدف لبناء أطر شبابية عربية مستدامة    حريق يتسبب في قفز ساكن من شقة بالطابق السابع بالعصافرة في الإسكندرية    "التعليم" ترفع درجة الاستعداد القصوى بالمدارس لمواجهة فيروس "الميتانيمو"    الشيوخ الأمريكى يفشل فى فتح الحكومة للمرة الثامنة والإغلاق يدخل أسبوعه الثالث    تعرف على منتخبات أفريقيا المشاركة في كأس العالم 2026    رسائل حب من المصريين للرئيس عبد الفتاح السيسى: صانع السلام.. فيديو    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    رسوم إنستاباي على التحويلات.. اعرف التفاصيل الكاملة    برشلونة يُحصن نجمه بعقد طويل الأمد وشرط جزائي خرافي    كريم فؤاد يجرى أشعة رنين لتحديد موعد انتظامه فى تدريبات الأهلى    التعليم توجه المديريات بخطوات جديدة لسد العجز في المدارس للعام الدراسي الحالي    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث تروسيكل مصرف قناطر حواس    وزير التعليم: 88% من طلاب أولى ثانوي اختاروا نظام "البكالوريا المصرية"    السجن المؤبد والمشدد في جريمة قتل بطوخ.. جنايات بنها تُصدر أحكامها على 12 متهما    عريس ال Ai.. أول قانون يواجه ظاهرة زواج البشر من روبوتات الذكاء الاصطناعى    انتصار قضائي جديد لشيرين عبد الوهاب على شركة روتانا أمام محكمة النقض    وزير الثقافة: قافلة مسرح المواجهة والتجوال ستصل غزة حال توفر الظروف المناسبة    «القوس بيعشق السفر».. 5 أبراج تحب المغامرات    افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية "التراث الأثرى الإيبروأمريكى" بمكتبة الإسكندرية    وفاة الفنان سمير ربيع.. بدون ذكر أسماء وشيخ العرب همام أشهر أعماله    بعد تعيينه شيخاً للمقارئ أحمد نعينع: أحمد الله على ما استعملنى فيه    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بجلسة الأربعاء بتداولات تتجاوز 5 مليارات جنيه    انطلاق فعاليات اليوم العالمى لغسيل الأيدى بمدارس سوهاج    اليوم العالمى لغسل اليدين.. خطوات بسيطة لتحضير صابون سائل من مكونات طبيعية    وزير الصحة يبحث إنشاء مراكز تدريب للجراحة الروبوتية فى مصر    كرم الضيافة    البلدي يتراجع 4 جنيهات، أسعار كرتونة البيض اليوم الأربعاء ببورصة الدواجن    وزير الدفاع الألماني: إذا اختبر بوتين حدودنا فسنرد بحزم    36 جامعة مصرية فى تصنيف التايمز    مصر تعين سفيرا جديدا في إثيوبيا    رئيس مجلس النواب يستقبل السفير محمود كارم رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان    اللجنة الخاصة: استثناء "فوات الوقت" في استجواب النيابة للمتهمين    هيقولوا مخي اتلحس.. باسم يوسف: خايف من الحلقة الجاية من برنامج "كلمة أخيرة"    ياسمين علي تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. لهذا السبب    ضبط 340 قضية مخدرات و89 قطعة سلاح وتنفذ 62 ألف حكم خلال 24 ساعة    مانشستر يونايتد يوافق على تجديد عقد كاسيميرو    الإغاثة الطبية بغزة: 170 ألف مواطن فلسطيني استقبلوا بمستشفيات القطاع خلال عامين    منال عوض: مصر تمضي بخطى ثابتة نحو تعزيز الإدارة المستدامة للمخلفات الإلكترونية    لإنهاء ملفات التصالح.. محافظ أسيوط يشدد على متابعة المراكز التكنولوجية    مصر والأردن يفتتحان اجتماع المجلس الوزاري المشترك الثالث لوزراء المياه والزراعة العرب    إنجاز دولي في الرعاية الصحية.. «الإسكوا» تمنح «جهار» جائزة النجمات الذهبية    تهشم سيارة هالة صدقي في حادث سير بالشيخ زايد (تفاصيل)    انخفاض درجات الحرارة يتسبب في ارتفاع أسعار الدواجن بالبحيرة    الاعتداء على مروان البرغوثى في سجون الإحتلال وإصابته بكسر 4 من ضلوعه    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    مجموعة بحري.. نبروه يواجه دكرنس ودمنهور يصطدم ب سبورتنج بدوري القسم الثاني «ب»    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكاية الصكوك ولماذا تثير كل هذا الجدل؟
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 01 - 2013

ما ان اكتمل تشكيل مجلس الشورى بتعيين ثلث أعضائه حتى طالعتنا وسائل الاعلام بأن أول تشريع ينوى المجلس إصداره هو قانون صكوك التمويل الاسلامية. وتتابعت الاخبار بعد ذلك: مشروع قانون قدمته وزارة المالية وآخر أرسلته هيئة الرقابة المالية وثالث جاء من حزب الحرية والعدالة، وتوقعات بمليارات الدولارات ستتدفق على مصر، وتحذيرات من ضياع السيادة المصرية على قناة السويس، ثم سحب القانون من مجلس الشورى بعد أن اعترض عليه الأزهر الشريف والأحزاب وحتى الحكومة التى اقترحته اصلا. فما الموضوع بالضبط؟ وما هى الصكوك التى يدور حولها كل هذا الجدل؟ وهل هى خير مطلق ام شر مطلق؟.

الصكوك ببساطة أداة من الأدوات المالية وأشهرها الأسهم والسندات التى تصدرها الشركات لكى تتمكن من الحصول على التمويل الذى تحتاج إليه فى نشاطها. والفارق بين الأسهم والسندات أن الأسهم تمثل ملكية فى الشركة ويكون لحاملها نصيب فى الأرباح او الخسائر، بينما السندات تمثل قرضا على الشركة ويكون حامل السند دائنا لها ويحصل فى نهاية مدة السند على المال الذى اقرضه مضافا اليه الفائدة المتفق عليها دون أن يكون له شأن بربح الشركة أو خسارتها. أما الصكوك فهى نوع من أنواع السندات بمعنى أنها تمثل مديونية لا ملكية ولكنها تختلف فى أنها تسعى للتوافق مع الشريعة الإسلامية، أى أن يكون العائد عليها مرتبطا بأداء الشركة وبالربح أو الخسارة التى تحققها، خروجا على الأصل فى السند العادى الذى يحقق عائدا متفقا عليه. هذا عن الصكوك التى تصدرها الشركات. أما الصكوك السيادية (التى تصدرها الدولة) فهى أيضا أقرب ما تكون إلى سندات وأذون الخزانة ولكن تختلف فى أن عائدها ينبغى أن يكون مرتبطا بأداء المشروع الذى تموله وليس ثابتا أو مقررا بشكل مسبق. والصكوك ليست اختراعا مصريا ولا ظاهرة جديدة، بل عرفتها دول كثيرة فى العالم، إسلامية وغير إسلامية، وأكبر سوق لها فى الوقت الحالى فى ماليزيا التى تخصصت فيها منذ ما يزيد على ثلاثين عاما.

ولكن إن كان الموضوع بهذه البساطة، فما الذى جعله محلا لكل هذا الجدل فى الأسابيع الاخيرة؟ تقديرى أن هناك اربعة أسباب أثارت سوء فهم شديدا فى تناول الموضوع إعلاميا وسياسيا، فصار يبدو أكثر أهمية وأكثر تعقيدا مما ينبغى.

هناك أولا مشكلة أن الإعلام قد تناول الموضوع دون تفرقة بين الصكوك الخاصة التى تصدرها الشركات والصكوك العامة التى تصدرها الدولة، بينما مشروع القانون الذى قدمته وزارة المالية يتعلق بالصكوك العامة، والمشروع الذى قدمته هيئة الرقابة المالية يتناول الصكوك الخاصة التى تصدرها الشركات، أما حزب الحرية والعدالة فكان قد قدم لمجلس الشعب السابق بمشروع يسعى لتغطية الموضوعين معا. وعدم التفرقة بين الثلاثة مشاريع جعل الموضوع يبدو أعقد مما هو فى الحقيقة.

من جهة ثانية، فقد تم طرح الصكوك الإسلامية الحكومية من جانب من يؤيدون الأخذ بها باعتبارها الحل السحرى الذى سوف يخرج مصر من أزمتها الحالية ويمكننا من تجاوز عجز الموازنة وانقاذ العملة الوطنية وتحفيز النمو. وهذا كله غير صحيح بالضرورة. فالصكوك، كما سبق القول، ليست سوى أداة مالية وبالتالى فهى فى حد ذاتها لا تحقق أهدافا اقتصادية، لأنها وسيلة للتمويل، تتحقق بها الأهداف الاقتصادية بقدر ما يكون هناك إقبال عليها، وبقدر ما يكون المناخ الاقتصادى مواتيا، وبقدر ما تستخدم حصيلتها فى تمويل التنمية بدلا من تمويل عجز الموازنة. وكما أن افتتاح فرع جديد لبنك تجارى لا يزيد فى حد ذاته من المدخرات الوطنية، كذلك فإن استحداث أداة تمويل جديدة لا يحقق انتعاشا اقتصاديا بمفرده وإنما يساعد على تحقيقه إذا ما كانت السياسات والظروف مواتية.

ثالثا: فإن عرض الموضوع على الإعلام وعلى الرأى العام لم يكن واضحا بما يكفى، الأمر الذى أثار أسئلة مشروعة كثيرة لم تجد إجابة شافية حتى هذه اللحظة: هل يكون إصدار الصكوك لتمويل مشاريع تنموية أم لتمويل عجز الموازنة؟ وهل تكون أصول الدولة ضامنة للسداد أم لا؟ وما الجهة التى تحدد توافق الصكوك مع الشريعة الإسلامية؟ والأهم من كل ذلك، هل تمت دراسة السوق المحلية والعالمية للتحقق من وجود طلب حقيقى على تلك الصكوك أم أنها مجرد افتراضات غير مدروسة؟.

رابعا وأخيرا: فإنه ما أن طرح الموضوع على الساحة حتى أصابه مرض الاستقطاب الذى أصبح سمة الحوار السياسى والاقتصادى فى كل المجالات. المعارضون وجدوا فيه علامة أخرى من علامات «أخونة» الدولة والاقتصاد فهاجموه بضراوة باعتباره ساحة أخرى من ساحات الصراع السياسى ورفضوه شكلا وموضوعا، أما المؤيدون فبالغوا فى تصوير الأمر كما لو كان العصا السحرية التى ستحل مشاكل مصر الاقتصادية بضربة واحدة وتنقلنا فورا إلى مرتبة من النمو تقارب أو تتجاوز ماليزيا وتركيا وسنغافورة، بينما الحقيقة مرة أخرى أن الصكوك ما هى إلا أداة مالية، لا تحقق بذاتها طفرة اقتصادية ولا تمثل أخونة للنظام الاقتصادى، وأن معظم بلدان العالم، بما فيها تلك التى تركب الأفيال والتى تركب الصواريخ، تعرفها وتقبل العمل بها باعتبارها جزءا من منظومة كبيرة من الأدوات والأسواق المالية التى تقدم للجمهور بدائل مختلفة تناسب طبيعة واستثمار وعقيدة كل من يرغب فى الادخار.

شخصيا أرى أن إضافة أدوات مالية جديدة إلى السوق المصرية فكرة جيدة ويلزم الترحيب بها، ولكن دون مبالغة فى الحديث عن المعجزة الاقتصادية التى ستحقق بسببها، ودون تجاهل أنها فى النهاية تضيف إلى الدين العام الذى تتحمله الدولة، ودون أن يترتب عليها رهن الأصول العامة. والأهم من ذلك هو اعتبار الصكوك أداة مالية تضاف إلى ما هو موجود بالفعل وليس بديلا عن النظام المصرفى ولا الأسهم والسندات العادية ولا كل قنوات التمويل والادخار الأخرى. فالتنوع والتعدد مطلوب فى كل شىء، فى المجتمع وفى السياسة وفى الثقافة، كما أنه ضرورى فى التمويل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.