"عاهدوني على أن لا نعود غنما نساق بالعصا" بهذه الجملة الشهيرة للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح المستبعد من انتخابات الرئاسة السابقة يستمد أنصاره وتابعوه فكرة التمرد على الطاعة العمياء التي نشأؤا عليها لسنوات طويلة. الفكرة في حد ذاتها قد تبدو غريبة على قطاع عريض منهم نشأ وتربي على مبدأ السمع والطاعة وعدم النقاش فيما يقال، ربما لن يكون فقط سببه الانتقادات التي تعرضوا لها من قبل التيارات السياسية المختلفة والتي وصفت بعضهم بالخراف لإتباع سياسة الحشد على أي قرار.
تناقض في المبادئ "الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية" عبارة لجأ لها بعض أنصار الشيخ حازم للأخذ بها مؤخرا، بعد الانتقادات والاتهامات التي وجهت لهم عبر وسائل الإعلام، فهم ليسوا متشددين وفي نفس الوقت خطوطهم الحمراء في التحرر تبدو قريبة.
حركة "أحرار" هي إحدى الحركات التي انطلقت بعد استبعاد أبو إسماعيل من انتخابات الرئاسة، لتكون حلقة وصل بين بعض الشباب الإسلامي والتيارات السياسية الأخري، حيث ضمت في تشكيلها عدد من أعضاء رابطة التراس وايت نايس المشجعة لنادي الزمالك.
عمل الحركة لا يقتصر على الحوار مع الاخر فقط ولكن أيضا المشاركة في الأحداث السياسية، والتجمعات التي تساند موقفهم السياسي ولا تمانع في الدخول باشتباكات أحيانا مع المخالفين لها إذ تطلب الأمر، لكن الاشتباك له قواعد محددة. لا يجب أن يستمر الاشتباك طويلا وأن يتم التحرك بشكل جماعي بعد فضه، قاعدتين أساسيتين يعتمد عليهم أعضاء الحركة حال دخولهم اشتباكات معتمدين مقولة "الاتحاد قوة" كمبدأ أساسي في هذه الحالات.
تاريخ المشاركة في الأحداث السياسية لم يبدأ بمحاصرة النيابة خلال التحقيق مع أحمد عرفه، ولكن بدأ مع اعتصاك العباسية وهي المرة الوحيدة تقريبا التي تم فيها اعتقال أحد منهم، حيث شاركوا في أحداث السفارة الأمريكية وحاصروا دار القضاء العالي بعد الإعلان الدستوري وإقالة المستشار عبد المجيد محمود.
الغموض مطلوب أحيانا الحركة لا تسعي للشهرة، ولكن تفضل أن تبقي في الظل وغامضة، وهناك اتفاق على عدم الحديث عنها بوسائل الإعلام، وهو اتفاق ملتزم به غالبية أعضائها، ولا يوجد تناقض بين أعضائها وأرائهم واتجاهتهم، فعلى سبيل المثال عدد منهم يشجع الكرة لكونهم من المؤسسين في رابطة وايت نايتس، بينما مؤسس الحركة أحمد سمير والشهير ب"أحمد بوست" يدخن السجار حيث أن الحركة بنيت على فكرة "سنحيا كراما" و"الأفكار لا تموت" كما يقول لنا أحدهم. أمن الدولة في العهد السابق..
لا لمشروع الدستور على خطى الجماعات السلفية الجهادية ولأسباب متقاربة قررت حركة "أحرار" رفضها لمشروع الدستور الجديد بعد دراسة أجرتها على مواد الدستور، حيث كان من اهم أسباب رفضها للدستور هو النص على أن السيادة للشعب وليس لله، كما اعترضت الحركة على وضع الشريعة في الدستور
"تعلمنا من الشيخ حازم أبو إسماعيل أن ندعو الناس للتوحيد ونسعى بفكرتنا لكل الناس ونجلس مع الليبرالي والشيوعي، فهدفنا أن نذوب مع بعضنا وجذب الآخرين من الذين يعيشون حياتهم بلا هدف إلى فكرتنا، وأن يعيش مؤمنا بأن الله سيحاسبه وأن الله يراه ولابد أن يراعي الله فيما يفعل"، كلمات يوضح بها سيد مصطفى المنسق العام لائتلاف "أمتنا" إحدى الحركات المناصرة لأبو إسماعيل والمنخرطة في حركة أحرار ضمن عدة حركات مؤيدة للشيخ انضموا إليها.
يواصل مصطفي حديثه قائلا "نحن نسعى بفكرتنا لكل الناس ونجلس على المقاهي مع الشباب، بعضنا يدخن ويشرب الشيشة، وستتعجب من حجم التنوع بداخلنا، بل نزعم أن هذا التنوع لم يكن لأي حركة سياسية من قبل لأننا ليس لنا نمط أو شكل محدد، بل إن حركة أحرار هي نبض حقيقي لواقع الشباب الحر المحب لدينه وبلده، فهي حركة شمول تدور مع الحق حيث دار، تارة تراها حركة ثورية وتارة اخري تراها حركة حقوقية وثالثة تراها دعوية وخيرية، فلن نترك بابا من الحق نستطيع أن نطرقه إلا وطرقناه، ولكل واحد مكان في الحركة يستطيع أن يترك فيه بصمته بإذن الله"
حازم مرجعية فكرية المرجع الفكري للحركة هو الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، فرغم عدم تبعيتهم المباشرة لهم، أو جود علاقة بينهم لكن كلامه بالنسبة لهم مقدس، لا يقبل النقاش، فضلا عن أن رمز الحركة هو الأسد، وهو نفس اللقب الذي يلقب أنصار أبو إسماعيل شيخهم به نسبة لمسجد "أسد بن الفرات" الذي يلقي به الدروس بالدقي.
أمر الشيخ بالاعتصام أمام مدينة الإنتاج الإعلامي، انتقل العشرات منهم على الفور دون تردد متحملين برودة الطقس والإقامة في خيام أمامها مساحات شاسعة من الخلاء زادت من شدة الهواء، الانتقال لم يكن سوي لاعتقادهم الكامل بأن الشيخ دائما على صواب، فهم يعيشون على أفكاره ومعتقداته السياسية، الأمر الذي يتناقض مع مبدأ التمرد الذي دشنوا الحركة من خلاله. "قل لي مرة أخطأ فيها هذا الرجل سواء فيما يتعلق بآراءه في المجلس العسكري أو في المعارضة الآن"، هكذا يقول أحد أعضاء الحركة مدافعا عن علاقاتهم بالشيخ حازم صلاح لافتا إلي أن بعضهم لم يلتقوا به شخصيا لكن قناعاتهم بأرائه لا تتطلب لقاء شخصي.
الداخلية لم تدرك التغير أعضاء الحركة كانوا ينتظرون إخلاء سبيل زميلهم رغم ضبط سلاح في منزله حسب محضر الشرطة، لكن طول فترة التحقيق لم تمنعهم من التحرك سريعا والاعتصام ومحاصرة مبني المحكمة حتى صدور قرار النيابة بإخلاء سبيله، رافضين المغادرة دون زميلهم المقبوض عليه من منزله.
خالد حربي مؤسس حركة حازمون كان واقفا وسط الشباب خلال التحقيق مع عرفه وباعتباره وجه معروف وأحد القيادات الموجودة للشباب، طلبه أحد الضباط المسئولين عن تأمين النيابة، ودخل معه إلي وكيل النيابة وطلب منه صرف الموجودين لأن من بينهم التراس وهو ما يتضح من الهتاف.
حربي شرح للضابط ووكيل النيابة أن هذا الهتاف هو النسخة الجديدة من هتافات الإسلاميين، لأن جميع الموجودين أمام المحكمة من الشيوخ أصدقاء أحمد ومعارفه، وليس لهم علاقة بالالتراس، كلمات كما يصف حربي نزلت على الضابط والمحقق كالصاعقة.
المتخصص في شئون الحركات الإسلامية كمال حبيب قال ل"الشروق" أن مثل هذه الحركات الشبابية تنشأ نتيجة عدم وجود مؤسسات قادرة على استيعاب طاقاتهم، سواء جماعة الاخوان أو الأحزاب الإسلامية الجديدة وقد يكون لبعضهم ملاحظات على أداء هذه الأحزاب.
وأضاف أن هذه الحركات يغلب عليها فقدان القيادة وعدم وجود أجندات أو إيدلوجيات معينة تعمل لتنفيذها على المدي الطويل مما يجعل عملها يغلب عليه الطابع الميداني الخاضع للاستجابة لظروف وأفعال وقتية، مرجعا حالة نشاطهم مؤخرا إلي ظروف المجتمع وغياب الأمن ومؤسسات الدولة بمعناها الحقيقي.
وأشار إلي أن بعض هذه الحركات تتعلق بالأشخاص أكثر من الأيدلوجيات؛ بمعني أنها تسير وراء شخص واحد كالشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل دون أن يكون لها موقف محدد سوى موقفه الشخصي، معتبرا أن تشكيل غالبيتها يغلب عليه دائرة الشبكات الصغيرة التي تنشأ من خلال الأصدقاء والأهل والمعارف.