أثار ظهور سوس النخيل، بعدد من المزارع، بالوادى الجديد، قلق المواطنين بالمحافظة التى يعتبر النخيل مصدر الدخل الرئيسى لأكثر من 90 % من أبنائها، محذرين من وقوع كارثة محققة تهدد أكثر من مليون ونصف المليون نخلة، تنتج البلح السيوى. «الشروق» قامت بجولة وسط العديد من مزارع المحافظة، لتقف على شكاوى المواطنين، الذين يؤكدون على وجود خطر وشيك يداهم أرزاقهم، إذا لم تتحرك الدولة لإنقاذهم.
التاريخ المرضى للنخيل
يرى كثير من مزارعى الوادى أن سوسة النخيل ظهرت أول مرة، بمركز الفرافرة، فى المنطقة الغربية فى عام 2005 بمنطقة بئر البلد ودير البلد بالفرافرة، ثم اكتشفت للمرة الثانية للمرة الثانية فى عام 2008 بمركز الخارجة وبالاخص بمنطقة طريخة، والخارجة 1، ومنطقة نخيل عين أبوصالح، مؤكدين أن تلك المناطق لا تزال، هى البؤر الاساسية التى تظهر بها سوسة النخيل الحمراء. ومنذ بداية ظهور تلك الحشرة وأعمال الفحص المستمرة للنخيل لم تتوقف، من خلال فرق المشرفين والمهندسين الزراعيين بكل مراكز المحافظة، مطالبين ببذل جهود أكبر من قبل الحكومة، نظرا لأن النخيل هو مصدر رزقهم الوحيد.
ويقول أحد مزارعى النخيل بمنطقة طريخة بالخارجة، محمد على، إن السوسة ظهرت منذ فترة فى المنطقة وتم إعدام العديد من النخيل فى إطار المقاومة المستمرة من خلال قطع الأشجار، ووضعها فى حفرة وحرقها بالكيروسين ضمانا لعدم انتشار السوسة، مؤكدا أن هناك مقاومة واجراءات وقائية، خشية ظهور السوسة.
وطالب على، بتوفير كميات من الكبريت، لتعفير جروح النخيل، أثناء تقليمه، فى ظل أن تلك الفترة بتشهد تقليم أشجار النخيل من الجريد والسعف الزائد، وهو إجراء يتم بشكل ثانوى عقب انتهاء محصول جنى البلح، مشيرا إلى ضرورة قيام وزارة الزارعة، بعدم تحميل الفلاح أى من التكاليف الخاصة بالرش الوقائى للنخيل.
ويرى مزارع آخر بالخارجة، عبدالهادى محمد، أن هناك فرقا وأعمال فحص بشكل مستمر لمقاومة سوسة النخيل الحمراء المدمرة، التى أتلفت عددا كبيرا من النخيل بمناطق مختلفة بالمركز، وقال: «المشكلة التى نواجهها هى فسايل النخيل التى نقوم بغرسها حديثا فهناك مبيدات وقاية للفسايل الصغيرة قبل غرسها وزراعتها بتعمل على عدم وجود اليرقات الصغيرة للسوسة والتى حسبما سمعنا من خبراء الزراعة بتكون متواجدة بجزع النخلة الصغيرة دون رؤيتها، وهذا المبيد الوقائى يؤدى إلى ضمان نجاح زراعة وغرس فسائل النخيل الصغيرة.
وقال مزارع نخيل بالخارجة محمود حسين إن سوسة النخيل الحمراء لم تظهر بمنطقة عين الشيخ، لكنها ظهرت بمناطق أخرى بمزارع النخيل بالخارجة، وتابع: نخشى انتقالها للمزارع الاخرى خاصة أن اكتشافها أمر صعب جدا، ويحول النخلة إلى ما يشبه الغربال خلال فترة وجيزة، مشيرا إلى ضرورة القيام برش مبيدات وقائية بجميع مزارع ومناطق النخيل بشكل دورى لضمان عدم ظهور وانتقال سوسة النخيل الضارة المعروفة بإيدز النخيل أو سرطان النخيل.
واعترف حسين بقيام المسئولين بالقطاع الزراعى بفحص النخيل، لكنه تساءل ثم أجاب على نفسه: هل المشرفون والمهندسون الزراعيون بيصعدوا جميع اشجار النخيل لفحصها ام أن الفحص بيتم بشكل صورى والنظر للنخلة بشكل سريع من الخارج دون الوصول لقلب النخلة؟، هذا أمر صعب على المشرفين.
وشدد على ضرورة توفير مبيدات رش وقائى لجميع المزارع لأن السوسة إذا ظهرت بمزرعة نخيل يصعب التغلب عليها نهائيا فى ظل أن محصول البلح هو الاقتصاد الاساسى للمحافظة الصحراوية ولابد من اتخاذ الاجراءات الوقائية الكفيلة للقضاء على سوسة النخيل الحمراء تماما.
واقترح إبراهيم اسماعيل، أحد مزارعى النخيل، انشاء صندوق خاص لمكافحة سوسة النخيل الحمراء بعيدا عن صندوق مكافحة آفات النخيل الحالى فى ظل أن الآفات الاخرى أقل ضررا من سوسة النخيل الحمراء وقال يتم جمع موارد الصندوق خلال موسم جنى لمحصول من خلال الجمعيات والوحدات الزراعية التعاونية لأنها سوسة فتاكة ولا يجب التهاون فى مكافحتها لأن المحافظة تضم كميات كبيرة من أشجار النخيل وإذا انتشر وباء السوس الاحمر سيصعب السيطرة عليه فى ظل صعوبة اكتشافه.
إعدام 1000 نخلة
يقول المهندس محمد هلالى أحد المهندسين الزراعيين بإدارة المكافحة بمديرية الزراعة بالوادى الجديد، إن أعمال الفحص للنخيل مستمرة من قبل المهندسين والمشرفين الزراعيين على مستوى المحافظة والفحص الدائم من أجل اكتشاف أى إصابات جديدة للنخيل بالسوسة الحمراء فى ظل توعية المزارعين بأعراض الاصابة بالسوسة للنخيل والتى تتمثل فى اصفرار لأطراف الجريد بالنخلة ووجود صوت داخل لب النخيل وظهور ما يشبه نشارة الخشب ورائحة كريهة بالنخلة فتلك الاعراض الاساسية للنخيل المصاب بسوسة النخيل الحمراء.
وقال ل«الشروق» ننصح المزارعين بضرورة تعفير جروح أشجار النخيل بمادة الكبريت عقب عمليات التقليم التى تكون بيئة لتكاثر يرقات السوسة المدمرة، مشيرا إلى أنه اجراء وقائى ولابد من تكاتف المزارعين والابلاغ عن أى أعراض تصيب النخيل، خشية تفاقم الاصابات وتعرض النخيل المصاب للإعدام والحرق بالكيروسين.
من جانبه، قال الدكتور عادل عبدالرحيم عجمى، مدير عام مديرية الزراعة بالوادى الجديد ل«الشروق» إن سوسة النخيل الحمراء، منذ أن ظهرت فى 2008، وإلى الآن لم تظهر سوسة النخيل بعيدا عن تلك الاماكن سواء بالفرافرة أو الخارجة، لأنها البؤر الرئيسية للسوسة، فلم يتم اكتشاف وجودها بأشجار نخيل مركز الداخلة أو باريس أو بلاط.
وقال عجمى، أعمال الفحص مستمرة فنخيل المحافظة تم فحصة نحو 29 مرة من بداية ظهور السوسة الحمراء المدمرة وهناك إعدام لعدد من أشجار النخيل منذ بداية ظهور السوسة فى ظل تفاقم الاصابة والاضطرار إلى اعدام النخيل المصاب فتم إعدام نحو 936 شجرة نخيل مصابة بمركز الفرافرة خلال سنوات الاصابة، بالإضافة إلى إعدام أكثر من 100 شجرة بمناطق الاصابة بمركز الخارجة، وكان آخرها اعدام نخلتين بمنطقة طريخة من خلال الحرق بالكيروسين.
وأكد عجمى، على وجود عدة طرق لمكافحة سوسة النخيل الحمراء فهناك رش النخيل والحقن بمبيد، التافابان، احد المبيدات الوقائية فاللتر الواحد يكفى لوقاية 20 نخلة كبيرة و30 فسيلة صغيرة، وهناك التعفير بمادة الكبريت لجروح النخيل عقب إجراء عمليات التقليم وتم توفيره للمزارعين.
وأضاف أن جمعية مصطفى محمود بالقاهرة، أرسلت جهاز للقضاء على السوسة من خلال الموجات الكهربائية المنخفضة التى يتم توصيلها للنخيل المصاب فيقضى على يرقات السوسة والسوسة أن وجدت وتم اجراء التجارب على عدد من النخيل واثمر الامر عن نتائج طيبة.
وقال عجمى، هناك نقاط للحجر الزراعى لمنع نقل وخروج فسائل النخيل الصغيرة من مركز لآخر خشية انتقال الحشرة المدمرة من منطقة لأخرى وهناك موظفون متخصصون للمراقبة الزراعية فى كمائن بلاط والمنيرة وبغداد وابومنقار بالفرافرة وغرب الموهوب بالداخلة، وفى حالة ضبط اشجار نخيل صغيرة بيتم اعدامها بشكل مباشر.
وانتهى إلى القول: تباعد المراكز الخمسة بالمحافظة جعل انتقال السوسة صعب، والأمر الاكثر صعوبة، أن السوسة لازلت مبهمة علميا فلم يتم التوصل لتحديد دورة حياتها، لأنها تظهر فى اوقات مختلفة فتتطلب فحصا دوريا مستمرا.