تحديد الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجالس إدارة شركات التأمين أو إعادة التأمين    رئيس الوزراء يتابع خطط التوسع في مشروعات تحلية مياه البحر    الزراعة الذكية في مواجهة المناخ: ندوة بالوادي الجديد تدعو لدمج التكنولوجيا لتحقيق الأمن الغذائي    هل تخصيص قطعة أرض مميزة بالبحر الأحمر يعني بيعها؟ "المالية" تكشف التفاصيل    إزالة 215 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية بالمنيا    عبد الصادق يتابع مستجدات مشروع الإسكان ويصدر حزمة قرارات لدفع معدلات التنفيذ وتسريع التسليم"    كييف: مقتل أو إصابة أكثر من مليون جندي روسي في الحرب    تحطم طائرة هندية في مطار أحمد آباد وعلى متنها 242 راكبًا    الأونروا تعلن انقطاع جميع الاتصالات مع موظفيها في غزة    الوداد يعزز صفوفه بضم عمر السومة استعدادًا لكاس العالم للأندية    ميسي يعود إلى ميامي استعدادًا لمواجهة الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    ننشر تفاصيل لقاء الهيئة البرلمانية لدمياط مع وزير الشباب والرياضة    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    ضبط 93.850 ألف لتر مواد بترولية بحملة تموينية بكفر الدوار    خلافات وبلاغات وفيات وصلح ثم تنازل مفاجئ.. تسلسل زمنى لعاصفة آل نوال الدجوى    متحدث مجلس الوزراء: حفل افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون على مستوى عالمي    عبد الرحيم كمال رئيسًا للجنة تحكيم مسابقة ممدوح الليثي بالإسكندرية السينمائي    وزير الصحة يبحث مع شركة "MSD" تعزيز التعاون    محافظ المنوفية يعلن تدشين قافلة طبية للكشف المبكر وعلاج الأورام بالمجان    الثانوية العامة 2025.. 6451 طالبا يؤدون الامتحانات داخل 18 لجنة ببورسعيد    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    قاض أمريكي يحكم بعدم جواز ترحيل الناشط الفلسطيني محمود خليل    كلمة واحدة ورقم جديد.. الكشف عن قميص أرنولد مع ريال مدريد    النيابة تصرف عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون والاستعلام عن المأذون في واقعة زواجه من قاصر    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    اليوم.. عرض بير السقايا وأسطورة الغريب بثقافة قنا ضمن مسرح إقليم جنوب الصعيد    مفاجأة.. شكوك تحيط بمستقبل دوران مع النصر    سحب 929 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    تجارة أسيوط تكرم عمالها تقديرًا لعطائهم وجهودهم المخلصة    خلال لقائه مع مبعوثة الاتحاد الأوروبى.. وزير الخارجية يؤكد على ضرورة الحفاظ على استقرار الممرات الملاحية الدولية    سعر اليورو اليوم الخميس 12 يونيو 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    «ماضيين إيصالات أمانة».. المجلس القومي للطفولة والأمومة يُعلق على واقعة زفاف الشرقية    موعد مباراة الأهلى ضد إنتر ميامى في افتتاح كأس العالم للأندية    وزير الثقافة يفتتح المعرض الاستعادي للفنان الراحل أشرف الحادي بعنوان «الفنان النبيل»    الزمالك يكشف تفاصيل تكاليف سفر أحمد حمدى لألمانيا    إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص ب المنيا    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    منظمة الصحة العالمية: رصد متحور كورونا جديد بصورة متقطعة في ألمانيا    صينية تحاول اقتحام منزل جونجكوك بعد ساعات على تسريحه من الخدمة العسكرية    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    بعد واقعة عريس متلازمة داون.. طبيب نفسي يوضح الحالات التي يُمنع فيها الزواج    الغفوة الصباحية بين الراحة الوهمية وتشويش دورة النوم.. ماذا يقول العلم؟    أقرب رفيق.. برقية تهنئة من زعيم كوريا الشمالية لبوتين بمناسبة يوم روسيا    كل ما تريد معرفته عن نظام المنافسة فى كأس العالم للأندية 2025    قرار جمهوري بالموافقة على تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي، اعرف التفاصيل    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    آكسيوس: نتنياهو يطلب وساطة أمريكا للتوصل إلى اتفاق مع سوريا    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى أين تأخذ رياح «الربيع العربى» القضية الفلسطينية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 26 - 11 - 2012

الزمان مطلع شهر يوليو 2000م، والمكان العاصمة المصرية القاهرة.

رنَّ جرس الهاتف فى منزل السياسى الفلسطينى المرموق، د.أحمد صدقى الدجانى، وفوجئ الرجل بأن الرئيس ياسر عرفات هو الذى يطلبه. رحب الدجانى بعرفات، وألح الأخير على ضرورة اللقاء السريع بينهما.توجه الدجانى، من فوره، إلى قصر الضيافة بمصر الجديدة، حيث ينزل عرفات وما إن التقيا، حتى تعانقا، وبكى عرفات على كتف الدجانى، الذى جمدته المفاجأة؛ فهو معارض عنيد لاتفاق أوسلو، الذى تحمس له عرفات فى حينه، توهماً منه بأن هذا الاتفاق سينقذ عرفات من المحاولات الدؤوبة لحكام الخليج من أجل الإطاحة به من سدة رئاسة كل من «منظمة التحرير الفلسطينية» و«فتح»، على حد سواء وفى ضربة واحدة، عقاباً لعرفات على مساندته الرئيس العراقى، صدام حسين، فى غزوه الكويت (صيف 1990م). ولم يدرِ عرفات بأنه كان يستجير من الرمضاء بالنار، فإذا كان الرئيس الفلسطينى محصِّلة للتوازنات الرسمية العربية، منذ تأسست «جامعة الدول العربية»، قبل نحو سبعين عاماً، فإن إفلات عرفات من مطرقة النظام السياسى العربى أدخله إلى المفرمة الصهيوأمريكية، الأمر الذى لم يلتقطه عرفات إلا متأخراً، وبعد فوات الأوان.

اعترف عرفات للدجانى بصحة تقدير الأخير لاتفاق أوسلو، وخطأ تقدير عرفات ومن معه لذاك الاتفاق. ثم دخل الرجلان فى حوار مجاملات؛ قبل أن يتوجه عرفات، فى الشهر نفسه، إلى الولايات المتحدة، ويحضر محادثات كامب ديفيد الثانية، مع نظيريه الأمريكى، بيل كلينتون، والإسرائيلى، إيهود باراك. وهى المحادثات التى انتهت بالفشل، على النحو المعروف. ما دفع عرفات إلى التعجيل بإشعال «انتفاضة الأقصى والاستقلال»، موظفاً تدنيس آرييل شارون لباحة الأقصى الشريف (28/9/2000م) فى تفجير تلك الانتفاضة.

غنىٌّ عن القول بأن عرفات إنما هدف بتفجير الانتفاضة إلى، أولاً، الانتحاء بسخط جماهير الضفة الغربية وقطاع غزة فى اتجاه المحتل الإسرائيلى، بعد أن استفحل ذاك السخط ضد الفساد غير المسبوق لأجهزة سُلطة الحكم الفلسطينى الإدارى الذاتى المحدود، إلى الضغط على باراك لانتزاع مكاسب حقيقية منه. وحسبى أن عرفات أراد أن يكرر مشهد حرب أكتوبر، التى استخدمها السادات فى تحريك الموقف مع إسرائيل، والتوجه نحو التسوية.

حقق عرفات هدفه الأول، وإن خاب هدفه الثانى، لأنه دخل الانتفاضة مجرداً من الشرطين الضروريين للانتصار وهما الجبهة المتحدة للفصائل المستندة إلى برنامج إجماع وطني؛ حتى أن «حماس» و«الجهاد» و«الشعبية و«الديمقراطية» خاضت جميعها غمار كفاح مسلح، كلٌّ حسب خطه السياسى، فيما ظلت أهداف عرفات من «انتفاضة الأقصى والاستقلال» أسيرة عقله وحده؛ فأفلت زمام الموقف من يد عرفات، وكان حين يريد التهدئة مع إسرائيل، يفاجأ بعملية فدائية أو استشهادية من أى من الفصائل الأربعة المشار إليها. ما أوقع الانتفاضة ضحية الشد والجذب، المزاودة والمناقصة. لذا ما كان لتلك الانتفاضة أن تنتصر.

استغلت عناصر من «فتح» أحداث 11 سبتمبر 2001م. فى الولايات المتحدة، وجاهرت تلك العناصر بمعارضتها للانتفاضة، قبل ان تطور تلك العناصر معارضتها لمجرد معارضة «عسكرة الانتفاضة». وتصدرت تلك العناصر واجهة ثلاثية، ضمت كلاً من عضو اللجنة المركزية لفتح، محمود عباس، ومسئول الأمن الوقائى فى قطاع غزة، العقيد محمد دحلان، والإعلامى المعروف، نبيل عمرو.

هكذا اكتمل المثلث بضلعه السياسى (عباس)، وضلعه العسكرى (دحلان)، وأخيراً البوق الذى تُرِك لعمرو. وقد حدث أن توجَّه الثلاثة (بربطة المعلم) إلى عرفات فى «المنتدى»، مقر قيادته فى قطاع غزة، يوم 5/11/2001م.، وألحوا على ضرورة وقف الانتفاضة، لكن عرفات رفض الاستجابة لإلحاحهم؛ فقدم دحلان استقالته، التى رفضها عرفات. وزاد هذا الإنقسام فى «فتح» شروط استحالة انتصار الانتفاضة.

منذ ديسمبر 2002م.، ألحت الإدارة الأمريكية على ضرورة إضافة موقع رئيس الوزراء فى «النظام الأساسى» للحكم الذاتى (بمثابة الدستور)، على أن يتولى ذاك المنصب محمود عباس، دون غيره. وتبنت «اللجنة الرباعية» الإلحاح الأمريكى. فيما ماطل عرفات فى تنفيذ هذا الطلب؛ إلى أن أقنعه الاتحاد الأوروبى، مطلع مارس 2003م.، بضرورة الإسراع بالاستجابة لمطلب «الرباعية»، خاصة وأن القوات الأمريكية كانت على وشك اجتياح العراق، مما يوفر لشارون فرصة ذهبية لإقصاء عرفات، وتنصيب عباس، بينما العالم كله منشغل بما يجرى فى العراق. ما دفع عرفات إلى الاستجابة، وحين وضعت الحرب الأمريكية ضد العراق أوزارها، حرَّك عرفات أنصاره، فى مظاهرة بمدينة رام الله، ضد عباس، ووصفته فى شعاراتها بأنه «كرزاى فلسطين»، ما جعله يعدل عن تقديم خطة حكومته إلى المجلس التشريعى، واستبدل بها استقالته المسبَّبة؛ بعد مائة يوم قضاها فى إرباكات وعقبات افتعلها له أنصار عرفات!

حسب رواية مرجَّحة، فإن شارون عرض على الثلاثة إياهم ضرورة التحرك السريع للتخلص من عرفات، ويسجل لعباس بأنه طلب استبعاده من هذا الأمر!


كانت تلك الجلسة بعد أيام معدودة من إطلاق الرئيس الأمريكى، جورج دابليو بوش، يد شارون فى أمر التخلص من عرفات، فى مكالمة هاتفية بين الرئيسين، فى 14/4/2004م، عندها خرج شارون يزف للصحفيين أمر إطلاق بوش يد شارون فى أمر التعامل مع عرفات. ومنذ يوليو من العام نفسه، أخذت الصحف الإسرائيلية تتداول فى أمر خليفة عرفات، الذى سرعان ما تم اغتياله بالسم الغامض، فأسلم الروح، فى باريس، فى 11/11/2004م، حسب الصحفى الإسرائيلى المعروف أورى دان، صديق شارون وكاتم أسراره.

هنا طويت صفحة وفتحت أخرى فى تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية أولاً، وفى مستقبل قضية فلسطين ثانياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.