على مدى السنوات الإحدى عشرة الماضية، بينما كنا نقاتل فى حرب غير ضرورية فى العراق، وأخرى طويلة دون داعٍ فى أفغانستان، كانت القيادة المدنية الأمريكية تتعرض لانتقادات حادة - مبررة – بسبب سوء تقديرها وعدم وجود استراتيجيات لتحقيق النصر. ولكن حتى مع استمرار تلك النزاعات، لم يتعرض قادتنا العسكريون لأى مساءلة من الرأى العام. ويتحمل جنرالاتنا فى الواقع، الكثير من اللوم بسبب الأخطاء فى الحربين. فقد عجزوا، بشكل خاص عن فهم الصراعات التى كانوا يواجهونها - ثم تخلفوا عن تكييف استراتيجياتهم مع المواقف التى يواجهونها بحيث يمكن مواصلة القتال بفعالية أكثر.
●●●
وحتى الآن، بينما تتجه الحربان للانتهاء، مازالت أخطاء الجنرالات فى مأمن من محاسبة الرأى العام، أو حتى من إجراء مراجعة داخلية كبيرة. وبينما كانت حرب فيتنام بسبيلها للنهاية، قام الجيش بعمل دراسة بحث عن الذات، لحالة فرق تدريب الضباط. على حد علمى، لا يتم الآن إجراء مثل هذا التحقيق الجاد. بدلا من ذلك، يواصل المحللون العسكريون تمجيد كبار ضباط وزارة الدفاع، فى حين وضعوا كافة اللوم تقريبا على على الزعماء المدنيين بسبب ما ظهر من أخطاء فى حروبنا.
وكما يلاحظ العقيد بول ينجلينج، الذى تقاعد مؤخرا، فإن الجندى الذى كان يفقد بندقيته خلال أحلك أيام الحرب فى العراق، تتم معاقبته أكثر من الجنرال الذى يخسر جانبا من الحرب.
وفى الماضى كانت جلسات الكونجرس للاستماع، ربما ينجم عنها دليل يتحدى ما يصل إليه الجيش من رضا عن الذات. ولكن الساسة اليوم، يخشون للغاية اتهامهم ب«انتقاد قواتنا» لدرجة أنهم يعجزون عن التحقيق فى أداء أولئك الذين يقودون هذه القوات.
●●●
فى نفس الوقت،تظل كثيرا من التساؤلات المهمة بلا إجابة.
فلماذا على سبيل المثال، يجرى تبديل كبار قادتنا فى الحرب على نحو متسلسل؟ ففى أوائل هذا الشهر، اختير الجنرال جوزيف دانفورد ليحل محل جنرال جون ألان، لقيادة القوات الأمريكية فى أفغانستان. سوف يصبح الضابط الحادى عشر الذى يقود حربنا هناك منذ 11 عاما.
ويعتبر تبديل القوات مناسبا، خصوصا عندما يتم نقل وحدات كاملة إلى الداخل أو الخارج. ولكن تبديل كبار القادة دوريا بصورة سنوية لا معنى له من ناحية الإدارة. تخيل محاولة تشغيل شركة عبر تبديل كبار المسؤولين التنفيذيين فى كل عام. أو تخيل لو أن جنرال جورج مارشال، رئيس أركان الجيش، فى بداية 1944، قبل ستة أشهرمن بدء الحرب الجيش أبلغ الجنرال دوايت أيزنهاور، القائد الأعلى للحلفاء؛ أن الوقت قد حان لإعطاء شخص ما آخر فرصة للقيادة.
ويرى زميلى السابق أندرو إكسوم، وهو ضابط سابق بالجيش، يجرى دراسات على التمرد، أن مثل هذا التغيير السريع، دليل على «الغطرسة المعتادة التى اتبعها الجيش الأمريكى مع النزاعين فى العراق وأفغانستان». وحتى الآن، لم يشكك زعماؤنا السياسيون فى سياسة التبديل الدورى للقادة العسكريين.
●●● ولماذا، أيضا، يولى قادتنا العسكريون هذا القدر من الاهتمام لدفع قواتنا إلى ساحة الحرب، بينما لا يكادون يولون اهتماما لما سيحتاجونه بمجرد انتهاء المعارك الأولية.
كان هذا هو الحال فى العراق: ركز قادتنا العسكريون على التخطيط لغزو العراق عام 2003، لكنهم تجاهلوا عمليا مهمة التخطيط لما يمكن أن يحدث خلال فترة الاحتلال الطويلة التى أعقبت ذلك. على الرغم من أنه كان واضحا، منذ البداية تقريبا، أن نهج مطاردة المتمردين لم يفلح، وأن اللجوء إلى قوة النيران الثقيلة أدى إلى نتائج عكسية، وحتى أوائل عام 2007 لم تكن الولاياتالمتحدة تطبق استراتيجية فعالة. بحلول ذلك الوقت، كان جيشنا قد حارب فى العراق لفترة أطول مما فعل فى الحرب العالمية الثانية.
فلماذا لم تستعد قواتنا بصورة أفضل لمواجهة تحدى حماية المدنيين من رجال المقاومة، واستجواب المسلحين المشتبه بهم واعتقال مقاتلى العدو؟ ولمدة عقد تقريبا لم يطرح قادتنا السياسيون هذه التساؤلات التى ظلت دون إجابة من قبل قادتنا العسكريين. ولا شك أن مخاطر عدم المعرفة كبيرة - فنحن نعرف أن لدينا جيشا قويا إلى حين، لكننا حقا لا نعرف إذا كان لدينا الجيش المناسب لما سنواجهه من صراعات خلال العقدين المقبلين.
وكان ذلك هو ما اكتشفه البريطانيون، بصعوبة فى الحرب العالمية الثانية. ففى عشية الحرب، كانت البحرية الملكية البريطانية أكبر بحرية فى العالم، غير أن القادة العسكريين البريطانيين، لم يتفهموا أن حاملة الطائرات، والغواصة، قد غيرتا بشكل حاد طبيعة الصراع البحرى.
●●●
لن يكون مفيدا للجيش الأمريكى أن يواصل طمأنة نفسه إلى أنه الأفضل على هذا الكوكب، كما لو أن ليس هناك ما يتعلمه. كما أن كبار قادة البنتاجون مدينون للأمة وللجنود الذين يقودونهم بفترة من التواضع، والتفكير الرصين، مع حلول يوم المحاربين القدامى كل عام. كما أن الوقت قد حان كى يوجه إليهم زعماؤنا السياسيون الأسئلة الصعبة أيضا.
2012 كل الحقوق محفوظة لشركة النيويورك تايمز لمبيعات الخدمات الصحفية . يحظر نشر هذه المادة او إذاعتها او توزيعها باى صورة من الصور .