"التضخم ، سيكون من أبرز العوامل السلبية التي ستواجهها العديد من اقتصاديات الربيع العربي خلال الفترة المقبلة"، وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي عن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، الصادر أمس الأول، والذي توقع أن يرتفع معدل التضخم في مصر من 9.7% عام 2012 إلى 11.4% في 2013 متأثرًا بمخططات الحكومة لتخفيض الدعم الذي تنفقه على السلع والطاقة، بحسب تقرير المؤسسة الدولية التي يجري فريق من خبراءها مفاوضات مع الحكومة المصرية في الفترة الحالية للاتفاق على الرؤية الاقتصادية لمصر بعد الثورة.
"ساهمت أحداث عام 2011 في خلق توقعات بإجراء إصلاحات اقتصادية شجاعة لتلبية تطلعات الشباب"، بحسب توصيف تقرير صندوق النقد الدولي عن الوضع الاقتصادي في دول الربيع العربي، إلا أن توقعات الصندوق عن الأداء الاقتصادي على الأجل القصير تحمل مؤشرات محبطة لتلك التوقعات، حيث يشير التقرير إلى أن إعادة هيكلة سياسات الدعم، وهي أحد أبرز الإصلاحات المطلوبة، ستساهم في دفع معدلات التضخم في مصر مع الضغوط المختلفة التي تدفع باتجاه ارتفاع الأسعار.
وصنف التقرير، مصر ضمن ست دول بالمنطقة تعد الأكثر تأثرًا بصدمات أسعار الغذاء العالمية، مع ارتفاع نسبة واردات مصر الغذائية، وحذر من أن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود في الفترة المقبلة من المرجح أن يساهما في إضعاف الأداء الاقتصادي لمصر.
"هناك أكثر من سبب لهذا التأثر.. حيث تعد مصر من أكبر الدول المستوردة للقمح على مستوى العالم، بالإضافة إلى أنها تستورد نحو 85% من استهلاكها من الزيت"، كما تقول مونيت دوس، مدير الأبحاث ببنك الاستثمار برايم.
وأشار التقرير، إلى أن الزيادات المتوقعة في إنتاج مصر من الغاز الطبيعي ستوجه إلى تلبية الطلب المحلي وليس للتصدير وتوليد الإيرادات، متوقعًا ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 3% سنويًا حتى عام 2017، "بالرغم من أن المنطقة بها 41% من الاحتياطيات العالمية للغاز الطبيعي إلا أن معظم إنتاجها يتم استهلاكه محليًا".
ويتوقع محللون، ارتفاع معدلات التضخم بنسب أعلى من التي يتوقعها صندوق النقد، حيث تتوقع "دوس" أن يصل معدل التضخم خلال 2013 إلى ما بين 13 إلى 15% مع اتجاه الدولة إلى رفع الدعم عن بعض المنتجات البترولية، مثل بنزين 95، وتوزيع أنابيب البوتاجاز من خلال الكوبونات، وإلغاء دعم الطاقة عن المصانع.
وتواجه مصر والعديد من دول الربيع العربي ضغوطًا متزايدة منذ عام 2010 لزيادة الإنفاق الاجتماعي، وفقًا لتقرير الصندوق، إلا أن معدلات الزيادة في الإنفاق العام بمصر منذ ذلك التاريخ تبدو أقل مقارنة بدول أخرى شهدت تظاهرات اجتماعية واسعة مثل الأردن وتونس، بحسب رصد صندوق النقد.
واعتبر التقرير، أن الإنفاق على الطاقة ودعم الغذاء وزيادة أجور العمال بالقطاع العام كانوا أبرز الأوجه التي استحوذت على تلك النفقات.
واعتبر التقرير أيضًا، أن دول الربيع العربي، مصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس وسوريا، ستحتاج لخلق 18 مليون فرصة عمل جديدة خلال عشر سنوات لاستيعاب العمالة العاطلة والقوى الجديدةالداخلة للسوق، وهو ما سيتطلب زيادة في النمو الاقتصادي ب2% سنويًا على الأجل الطويل، "هذه الزيادة لن تتحقق بدون المزيد من استقرار الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية وتحسين التنافسية"، كما يؤكد الصندوق.