عرف البنك المركزى أمس الأول معدل «التضخم الأساسى» بأنه مقياس للتضخم مشتق من الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين، وهو المقياس الأساسى للتضخم حاليا، مستبعدا منه بعض السلع التى تتحدد أسعارها إداريا، كأسعار خدمات النقل التى تحددها الدولة فى المترو والأتوبيس، بالإضافة إلى بعض السلع التى تتأثر بصدمات العرض المؤقتة، وتتصف بالتقلب وهى على وجه التحديد الخضراوات والفاكهة. وفى إطار هذا التعريف، بلغ المؤشر 6.3% فى سبتمبر الماضى مقابل 5.8% فى أغسطس، فى الوقت الذى كان مؤشر أسعار المستهلكين قد وصل إلى نسبة 10.8% فى سبتمبر مقارنة بنحو 9% فى أغسطس، ويعتد بمعدل التضخم «مؤشر أسعار المستهلكين» فى صياغة السياسات المالية للدولة بمعنى أنه يسترشد به فى اتخاذ القرارات الخاصة برفع مستويات الأجور والمعاشات بما يتماشى مع معدلات التضخم، فإذا ما اعتمدت الحكومة على الاسترشاد بمعدل التضخم الأساسى، وهو أقل من مؤشر أسعار المستهلكين، فى صياغة سياسات الإنفاق لديها ستقل اعتمادات زيادة الأجور والمعاشات. إلا أن عبدالله شحاتة، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، استبعد إمكانية اعتماد الحكومة على مؤشر التضخم الأساسى عند تحديد الأجور مشيرا إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين هو المؤشر الذى يسترشد به فى زيادات الأجور والمعاشات نظرا إلى أنه الأكثر تعبيرا عن ارتفاعات الأسعار التى يلمسها المواطن فى حياته اليومية، مشيرا إلى أن زيادات الأجور تتم بمعدلات متماشية مع معدلات مؤشر أسعار المستهلكين وأحيانا بأعلى من هذا المؤشر. ويضيف شحاتة أن هناك عناصر أخرى تؤخذ فى الحسبان عند أخذ القرار بمعدل زيادة الأجور السنوية والتى تتعلق بتوافر الموارد المالية لدى الدولة وعجز الموازنة العامة. ويشير هانى جنينة، المحلل الاقتصادى بشركة فاروس، إلى أن الاقتصادات العالمية التى سبقت مصر فى تطبيق مؤشر التضخم الأساسى تعتمد على الرقم القياسى العام للأسعار وليس التضخم الأساسى فى تحديد مستويات الأجور والمعاشات. وعلى الرغم من أن البنك المركزى أعلن أن أسعار الفائدة التى يقررها، والتى تصل حاليا إلى 9.75 % للإقراض 8.25% للإيداع لن تتحدد وفق هذا المؤشر الجديد وحده ولكن اعتمادا أيضا على الرقم القياسى لأسعار المستهلكين فإن إعلان المركزى عن المؤشر الجديد قد يؤثر فى سياسات المركزى النقدية، بحسب رأى المحللين. يقول جنينة إن المؤشر سيقدم صورة أدق عن تغييرات الطلب المحلى مما سينعكس على قرارات المركزى بخصوص سعر الفائدة فى إطار سياسته لاستهداف التضخم «أتوقع استقرار أسعار الفائدة على المعدلات الحالية بسبب ظروف التحسن الاقتصادى إلا أن مؤشر التضخم الأساسى سيؤثر فى سياسات الفائدة على المدى الطويل» كما أضاف جنينة. وإذا ما انخفضت الفائدة تأثرا، بمعدلات التضخم الأساسى، فالمواطن العادى سيكون أول المتضررين نظرا إلى أن فوائد ودائع البنوك مصدر مهم لدخل الكثير من المواطنين، كانت الودائع نتيجة التخفيضات المتتالية للبنك المركزى بدأت فى الانخفاض نتيجة للانخفاضات المتتالية فى أسعار الفائدة ووفقا لتقرير البنك المركزى المصرى عن شهر أكتوبر ارتفعت الودائع بنسبة 0.21%، ورغم ذلك فإن هذه الزيادة جاءت أقل من نسبة الزيادة المحققة فى شهر يوليو مقارنة بشهر يونيه والبالغة 0.29%،. ويرى جنينة عكس ذلك حيث إن المواطن سيتأثر على المدى القصير من خلال انخفاض فوائد الودائع ولكنه سيستفيد بعد ذلك من خلال نشاط الاستثمار الذى سينتج عن انخفاض أسعار الفائدة على القروض ويخلق فرص عمل جديدة. ويختلف الخبراء حول إمكانية تعبير مؤشر التضخم الأساسى عن التغيير الحقيقى فى الأسعار، حيث يرى البعض أنه يقدم الصورة الأدق عن واقع التضخم المصرى «مصر من الدول منخفضة الدخل وتذهب نسبة كبيرة من الإنفاق فيها للغذاء ويقابل ذلك نقص فى الإنتاج وهذا هو السبب فى الرئيسى فى ارتفاع أسعار الأغذية» كما أوضحت دوس. «استبعاد أسعار الأغذية التى تتميز بالتقلب من مؤشر التضخم الأساسى سيجعله معبرا عن التغيير الحقيقى فى الأسعار» تبعا لما قاله تودر ألن، رئيس قسم التحليل الاقتصاد بشركة إتش سى لتداول الأوراق المالية معتبرا إعلان هذا المؤشر يعد خطوة أولى لدعم «سمعة البنك المركزى» فى مجال استهداف التضخم وبلوغ استقرار فى الأسعار على المدى الطويل. ويتفق هانى جنينة، مع هذا الرأى مشيرا إلى أن تذبذبات أسعار الأغذية لا تعكس فى كثير من الأحيان العرض والطلب فى السوق المصرية «أزمة السكر أبرز مثال على ذلك حيث إن ارتفاع أسعاره محليا سببه الأساسى ارتفاع الأسعار العالمية». ويرى البعض أن مؤشر التضخم الأساسى لا يتسم بالدقة فى التعبير عن مستويات الأسعار فى مصر حيث تقول مونيت دوس، محلل الاقتصاد الكلى، فى شركة برايم إن تغييرات الاسعار فى مصر لا تعكس نقصا فى المعروض العالمى من السلع أو بالتالى ارتفاع أسعارها، بقدر ما تعكس محدودية الإنتاج وزيادة الطلب المحليين، لذا فأسعار الأغذية، التى استبعدها مؤشر التضخم الأساسى، تتغير مستوياتها بناء على عوامل الطلب المحلى فى كثير من الأحيان.