شهد العراق، أول من أمس الثلاثاء، يوماً استثنائياً لعشاق المسرح، حيث امتلأت مدرجات المسرح الوطني التي تتسع لما يقرب من 500 كرسي بالجمهور وبفناني الوفود العربية المشاركة في افتتاح "مهرجان الشباب المسرحي العربي الأول" والذي يشكل تظاهرة متفردة على صعيد الأنشطة المسرحية العربية الخاصة بالشباب والذي تمتد فعالياته لثمانية أيام (من 6 إلى 13 نوفمبر). وفي كلمته الافتتاحية، ألقى وزير الثقافة العراقي، سعدون الدليمي، القفاز بوجه المنادين بتحريم الفن ومشتقاته الإبداعية الأخرى، قائلاً: "الذين يقولون إن الفن حرام والمسرح حرام والملتقيات الشبابية المفرحة ذات الإرادة في التغيير وفي مد جسور التواصل بين الناس حرام، أقول لهم عيشوا في زواياكم المظلمة فنحن سنشعل الشموع في كل الزوايا، سنطاردكم بإبداعنا، بإرادتنا، بإرادة الشباب". أما مستشار وزارة الثقافة، الدكتور حامد الراوي، فصرح ل"العربية.نت" قائلاً إن هذا المهرجان هو باكورة فعاليات "بغداد عاصمة الثقافة العربية"، وإذا كانت دورته الحالية مقتصرة على بعض الوفود (فرق عربية من المشرق والمغرب ومن الخليج) فإن الدورة القادمة عام 2013 ستشهد مشاركات أكثر "بما يعطي الصورة الحقيقية لبغداد الحضارة والتاريخ، بغداد التي لا نريدها عاصمة للثقافة العربية لعام واحد فقط وإنما لكل الأعوام والمهرجانات". أما نادية علي، الفنانة الفلسطينية المشاركة في مسرحية "نساء بلا ملامح" لفرقة الشباب الجزائرية، فلم تكتم فرحها في زيارتها ومشاركتها الأولى في المنافسة الإبداعية مع فناني المسرح العربي الشباب. ومن جانبه، قال المخرج العماني يوسف البلوشي: "كنا خائفين من المجيء بسبب ما نسمعه من انعدام الأمن في بغداد، لكن ذلك الشعور سرعان ما تبدد منذ الاستقبال الأول لنا في المطار"، متوقعاً أن تحقق مسرحيته "الخوصة والزور" نجاحاً طيباً.
ولم يراود هاجس الأمان البلوشي وحده، فقد أقر به أكثر من ضيف عربي، لكن ليلة الافتتاح التي أحيتها الفرقة الوطنية للفنون الشعبية ورقصها الأخاذ والمعزوفات التراثية للفرقة السيمفونية العراقية بقيادة المايسترو علي خصاف، وأنغام العود الأصيلة التي داعب أوتارها سامي نسيم وفرقته "فرقة منير بشير"، كل هذه العوامل أضافت السكينة والاطمئنان لقلوب المشاركين وكأنها بشارة وعد قادم. وشارك الجميع في "زواج فياجرا"، مسرحية الافتتاح التي ألفها وأخرجها صلاح منسي وقدمتها الفرقة الوطنية للتمثيل، والتي تتحدث عن "المسكوت عنه في حياتنا"، حيث قال المخرج: "في هذا العمل نحاول أن نساعد وطننا على الوقوف.. ربما نفشل.. لكن المهم لنا شرف المحاولة". ومن جانبه، قال شفيق مهدي، المدير العام لدائرة السينما والمسرح، ل"العربية.نت": "أعتبر المهرجان انتصاراً لثقافة العراق وثقافة العرب ولفنون العرب جميعاً بسبب التحدي الذي يعيشه الفنان العراقي والفنان العربي.. وحضور أكثر من 250 شخصية عربية وأجنبية إلى بغداد هو عيد ليس للمسرحين فقط ولكن لعموم المثقفين". ومن جانبٍ آخر، فقد شكلت لجنة برئاسة سامي عبد الحميد، أحد أعمدة المسرح العراقي والعربي، ومعه ممثلون من بلدان عربية أخرى، ستوزع جوائز المهرجان التي بلغت قيمة مجموعها 71 ألف دولار. وفي سياق متصل، سيشهد المهرجان ما يقرب من 20 بحثاً لكبار النقاد والباحثين العراقيين والعرب يكون عنوانها الرئيسي "مسرح الشباب ما بعد الربيع العربي".