التنسيقية: استمرار توافد أبناء الجالية المصرية في فرنسا للإدلاء بأصواتهم    جامعة أسيوط التكنولوجية تحصد المركز الخامس في مسابقة الكاراتيه (صور)    السياحة تشارك في المعرض السياحي الدولي ITTF وارسو    أسعار مواد البناء.. سعر الحديد في السوق    التخطيط تشارك في منتدى تمكين المرأة اقتصاديًا بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    إيران والغرب ووكالة الطاقة الذرية.. مواجهة على حافة الغموض النووي    زيلينسكي يرفض إقالة أقوى مستشاريه رغم تفاقم فضيحة فساد كبرى    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بنجلاديش إلى 5 قتلى ونحو 100 مصاب    اليابان تعيد تشغيل أكبر محطة نووية بالعالم بعد أكثر من عقد على فوكوشيما    تحديد موعد المؤتمر الصحفي لمدرب الزمالك قبل مواجهة زيسكو الزامبي    يورتشيتش يتحدث عن تحدي ريفرز يونايتد قبل موقعة دوري أبطال إفريقيا    محمد المنياوي يتوج بذهبية رفع الأثقال البارالمبي في دورة ألعاب التضامن الإسلامي    بعد حصوله على أفضل مدرب.. فليك يكشف لماركا عن نواقص برشلونة    تجديد حبس 11 أجنبيا بتهمة تهريب أقراص مخدرة بقيمة 2.7 مليار جنيه بالقاهرة    حرام عليكم، مصطفى كامل يفتح النار على أعضاء نقابة المهن الموسيقية لهذا السبب    يوسف شاهين الغائب الحاضر في مهرجان القاهرة السينمائي    تعاون جديد بين هيئة الكتاب ومكتبات مصر العامة لتوسيع إتاحة الإصدارات في القاهرة    الرعاية الصحية تطلق حملة توعية لضمان الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية    جامعة بنها وحياة كريمة ينظمان قوافل طبية وتوعوية بقرية الجلاتمة بمنشأة ناصر    السياحة: تزايد أعداد السائحين البولنديين للمقصد المصرى بنمو 37% خلال 9 شهور    "النيابة" تستمع لأقوال المتهمين في واقعة قتل شاب بالدقهلية وإخفاء جثمانه 6 سنوات    حبس شاب 15 يومًا بعد إطلاق نار عقب نتائج انتخابات النواب بالفيوم    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بين عائلتين بقنا    ضبط 367 قضية مخدرات و229 قطعة سلاح نارى فى حملة موسعة    قائمة بنوك تتلقى رسوم حج القرعة 2026.. اعرف التفاصيل    رشا عبد العال: النظام الضريبي المتكامل للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي 20 مليون جنيه    أسعار الفراخ والبيض اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    تليجراف: ستارمر على وشك الموافقة على إنشاء سفارة صينية عملاقة جديدة فى لندن    إكسترا نيوز من موسكو: العائلات وكبار السن من أبرز مشاهد انتخابات النواب    تعرف على سر سورة الكهف.. وفضل قراءة السورة يوم الجمعة❤️    أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة وفضلها العظيم    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" أذكار الجمعة التي تغيّر يومك للأفضل    كهرباء الإسماعيلية مهتم بضم كهربا    وصول حكام مباراة الزمالك وزيسكو إلى القاهرة    "المهن التمثيلية" تحذر من انتحال اسم صناع مسلسل "كلهم بيحبوا مودي"    بورسعيد الأعلى، جدول تأخيرات السكة الحديد اليوم الجمعة    بقيادة ميسي.. إنتر ميامي يفتتح ملعبه الجديد بمواجهة أوستن    فيديو| ضحايا ودمار هائل في باكستان إثر انفجار بمصنع كيميائي    أهلي جدة يستضيف القادسية لمواصلة الانتصارات بالدوري السعودي    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    الرئيس الفنزويلي يأمر بنشر أسلحة ثقيلة وصواريخ على سواحل الكاريبي ردا على تحركات عسكرية أمريكية    أصداء إعلامية عالمية واسعة لزيارة الرئيس الكورى الجنوبى لجامعة القاهرة    شهيدان بنيران الاحتلال خلال اقتحام القوات بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة    مصادر: انتهاء استعدادات الداخلية لتأمين المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    أخبار مصر: مصير طعون إلغاء الانتخابات، تفاصيل اعتداء 4 عاملين بمدرسة دولية على 6 تلاميذ، أبرز بنود خطة السلام في أوكرانيا    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال بمرور 1700 على مجمع نيقية    بورصة وول ستريت تشهد تقلبات كبيرة    تحذير جوي بشأن طقس اليوم الجمعة.. خد بالك من الطريق    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    المتحف المصري يفتح أبوابه لحوار بصري يجمع بين العراقة ورؤى التصميم المعاصر    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    هل عدم زيارة المدينة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح بقناة الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لننقذ الثورة من بين فكى الدولة العميقة
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 11 - 2012

لن تكون هناك مفاجأة مذهلة إذا ما قمنا ذات صباح لنشارك فى مراسم وأد ثورة 25 يناير العظيمة مذرفين دموع الحزن والندم معا. ولا يأتى هذا الحديث من فراغ بل على العكس الكارثة تكاد تقترب يوما بعد يوم وتعالوا معا نستعرض مراحل مسار الأحداث.


قام شعب مصر بأروع ثورة عندما تقاطرت يوم 25 يناير يوم عيد الشرطة جموع شبان عاديون غير مسيسين ومن طبقات مختلفة من السباك والنجار والعاطل إلى الطبيب والمحامى والمهندس والمسلم والقبطى، بدون أى قيادة ولا تنظيم من أى فصيل سياسى فى تناغم تام ووحدة تقارب المعجزة الإلهية.

وعندما سقط الشهداء بيد شياطين النظام الذى حماهم فى السابق وما زال يحميهم حتى الآن، سارعت الفصائل السياسية والنخب بالمشاركة بعد أن شعروا أن النظام يترنح تحت ضربات الثوار المجهولين فأكملوا معهم المسيرة وسقط رئيس الدولة وحزبه وأولاده فى يوم سجله التاريخ، وانتشت جموع الشعب وزعماء الفصائل والنخب بهذا النصر، ووقعنا فى اول حفرة عندما عدنا إلى أهلنا فرحين مهللين بنجاح الثورة وبسقوط رئيس الجمهورية وتفكك حزبه وأعوانه.

ومن الطبيعى أن يخلف ذلك فراغا سياسيا فى السلطة لم تتقدم ولم تتمكن القوى السياسية بمحاولة لتغطيته وكان من الطبيعى أن تتقدم القوات المسلحة لملء هذا الفراغ والاستيلاء على الحكم، ولكن بأسلوب مستحدث ومغاير وهو حكم المجموعة فى صورة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدلا من حكم الفرد.


لعب العسكر بكل القوى الوطنية وتنقلوا بين هذه القوى لعقد تحالفات واتفاقات ما تلبث أن تخبو فتتجه نحو فصيل آخر وكانت خديعة الحوار والمجلس الاستشارى من بين أدوات اللعب ولم يقتصر الأمر على كهن الكبار الذين تعلموه فى مسيرتهم فى دهاليز الدولة العميقة، بل أتوا بالكهنوت كله مجسدا فى ترزية القوانين والدساتير وبينهم بعض القانونيين الوطنيين ذوى الفكر القديم، وراحوا يتخبطون ويخطئون فى أمور لا خبرة لهم فيها كما ساد فكرهم النمط العسكرى الذى يكاد لا يعرف اللون الرمادى بين الأبيض والأسود والذى وقع فى ذات خطأ شرطة مبارك فلجأ لاستخدام القوة وخلف المزيد من الشهداء نتيجة عقيدته العسكرية فى حل المشكلات بالقوة المادية المجردة، وكانت النتيجة أنهم بقوا فى السلطة زهاء عامين خلافا لوعودهم بإرساء الديمقراطية خلال ستة أشهر.

وكان العبد الضعيف قد غامر بحسن نية بإرسال كتاب للمشير طنطاوى يوم 20 فبراير2011 يقترح خطوة عملية هى تفعيل دستور 1971 بدون تعديلات مبارك والسادات، وإلغاء حالة الطوارئ وإصدار قانون استقلال القضاء وإجراء انتخابات تحت الإشراف القضائى لتشكيل مجلس نيابى والاستفتاء على رئيس للجمهورية، على أن ينص على إجراءات صياغة عقد اجتماعى جديد يترجم آمال واهداف الثورة فى فسحة من الوقت الذى لم يكن يستوعب انتخاب جمعية تأسيسية قبل إرساء النظام الجديد، ولكن هذا الاقتراح وجد طريقه نحو الأدراج العميقة لرجال الفكر القديم، وساد الارتباك والغموض فلم نقدم حتى على الخطوة الأساسية وهى انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور كما فعلت تونس وعرجنا على مسار مرتبك لم يسفر عن أى نتائج محسوسة.

وتحولت الثورة فى هدوء إلى انقلاب عسكرى لا يعرف إلا أساليب وآليات الدولة العميقة، ولما شعر العسكر بالخناق يضيق عليهم تفتق ذهن مستشاريهم على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية ترضى الشعب وتسكت الثوار على أن يحتفظ المجلس العسكرى بالسلطة الواقعية وينقلب الرئيس وأعضاء البرلمان إلى خشب مسندة مستخدمين قوانين وقضاة الدولة العميقة ومجندين كل من أضير من إسقاط مبارك.

وعلى النقيض مما حققه عبدالناصر الذى حول الانقلاب إلى ثورة أصدرت بعد شهرين أخطر قانون ثورى اجتماعى فى مصر وهو قانون الإصلاح الزراعى وتوالت انتصارات الشعب على يدى عبدالناصر رغم ما قام به من قمع وقسوة تجاه كل من وقف ضده أو عارضه.


ولم تستوعب النخب والفصائل الوطنية مدى كهن العسكر، فراحت تتلذذ بتحطيم بعضها البعض ومع فوز التيار الإسلامى رفضت الفصائل المعارضة لآليات الديمقراطية وحكم الصندوق، تحالفت لوضع المصاعب والعقبات من كل نوع أمام الحكم الجديد، فبقانون وقضاء الدولة العميقة تم حل البرلمان وابطلت الجمعية التأسيسية مرة وربما كانت فى طريقها للحل مرة أخرى، واصبح كل المصريين خبراء وفقهاء فى الدستور الذى اتخذ ذريعة لتعطيل ركب الديمقراطية وإسقاط التيار الإسلامى.

وبدوره راح غلاة المتطرفين من التيار السلفى يفصلون دستورا يصلح للخطابة على منابر المساجد، ويتسابقون فيه إلى فرض أطروحات تخطاها الزمن وتركها الفقهاء منذ زمن إعمالا لأصول الدين والشرع وتحقيقا للمبدأ الأصولى المعروف بالمصالح المرسلة.

ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل فاقه إلى التفكير فى غرف منعزلة فثارت بعض الفئات التى صنعها مبارك وأطلق عليها صفة القضاء، وصاحت النسوة فى المناداة بما اعتقدته من حقوق المرأة وربما طالب السباكون والحلاقون وغيرهم بمواد تخصهم فى الدستور وعلت صيحة دستور لكل المصريين التى لا تقدم أى جديد ولا تقدم أى مفهوم دستورى جديد بل تطرح أمرا مفترضا وتحصيل حاصل. وصاحب ذلك كله مطالب فئوية عادلة ولكنها ظالمة للثورة بطرحها قبل بناء الدولة الجديدة.

ولكن الكارثة الكبرى هى أن الدولة العميقة طالت ذراعها وذاع تهديدها وعلا صوتها ووصل ضجيجها للقصر الجمهورى، فأفشلت أكثر من قرار للرئيس ولم يبدأ الرئيس فى فرض وتوسيع شرعيته الثورية بعد أن قدم أكبر إنجاز للثورة بإلغاء الحكم العسكرى المباشر، وتبدى للمراقب أنه اذا لم يكن الرئيس متباطئا، فإن الهيئة الاستشارية للرئاسة إما أنها تفتقد الخبرة والمرونة وإما أنها ما زالت تدور فى دهاليز الروتين وتعمل تحت تأثير فكر الدولة العميقة.


أقول هذا وأنا أناشد الرئيس أن يأخذ شرعيته الثورية بقوة ويجرى الانتخابات البرلمانية دون تعويق وأعود مرة أخرى للدعوة إلى تفعيل دستور 1971 بعد إسقاط تعديلات مبارك عدا المادة الثانية وتعديل السادات لفتح مدة الرئاسة وتخفيض مدة الرئيس إلى اربع سنوات على أن يكلف عدد من الفقهاء الدستوريين بوضع مسودة للدستور الجديد مستعينين بدستور 1923 و1971 و1854 فضلا عن الجهد المتميز للجمعية التأسيسية، ويجرى بعد التوصل إلى صياغة مقبولة للعقد الاجتماعى الجديد الذى يحقق أهداف الثورة انتخاب جمعية تأسيسية لمناقشة الدستور الجديد وطرحه على الاستفتاء ليبدأ نفاذه بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالى.

وأقول للرئيس وليسمح لى كمواطن أو حتى باعتبارى من قرية مجاورة لقريته فى ههيا، أنقذ الثورة من بين فكى الدولة العميقة وأن نصف ثورة لا تكفى وأقول للمتربصين أن الميادين والتحالفات لا تولد أصواتا فى الصندوق، وعليهم أن ينزلوا للشارع لبناء قواعدهم ويسهل فوزهم أو تشكيل معارضة قوية وفقا للآليات الديمقراطية وليس بالهجوم والاتهامات والتخوين.

هل يسمعنى احد؟ ترى أيكون هذا هذيان شيخ منصرف ! ليكن، ولكن من فضلكم أنقذوا مصر من الكارثة وقد رأيتم الجميع يتآمر على مياهنا فى الجنوب وغازنا فى المتوسط والفقر والمرض والبطالة وانهيار القيم يزحف على ما بقى لنا من أصالة وقوة. ولنعمل جميعا على تحقيق الرفاهية والعزة والكرامة لشعبنا وامتنا داعيا الله أن يوفقنا وأن يحفظ مصر عزيزة كريمة فعالة ومؤثرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.