تظل القضية الأمنية هي الهاجس الأكبر وأحد المبررات الهامة لإجراء الانتخابات الإسرائيلية المبكرة في 22 يناير القادم، حيث يرى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل تواجه مخاطر وتحديات في محيطها الإقليمي وحالة من عدم الاستقرار السياسي أو الأمني، فضلا عن الملف النووي الإيراني، مما يستوجب إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة جديدة قادرة على مواجهة هذه التحديات الأمنية المحيطة بإسرائيل، ويشير خبراء سياسيون إلى أن الحديث يدور الآن في إسرائيل حول هل تأتي القضية النووية الإيرانية أولا، أم التحولات والتغييرات الشاملة التي أنتجتها ثورات الربيع العربي.
ومن جانبه، أوضح الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية ورئيس وحدة الدراسات والبحوث الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن رئيس الحكومة الإسرائلية قرر إجراء انتخابات مبكرة في يشهر يناير القادم، استنادًا إلى توجهات ومبررات يعتقد أنها في صالح الشعب الإسرائيلي، وأولها احتمال ذهاب إسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، مما يتطلب اجماعًا وطنيًا وتفويضًا كاملا من الشعب له، من أجل وضع استراتيجية عمل لمواجهة المشروع النووي الإيراني.
ويرى الدكتور فهمي، أنه من المبررات التي استند إليها رئيس الحكومة الحالية في إسرائيل أيضا نقل رسالة إلى إيران، مفادها أن الخيار العسكري لم يسقط أبدًا من مخيلة صانع القرار في إسرائيل، وأنه ما زال موجودًا، بدليل أن إسرائيل ذاتها ستذهب إلى انتخابات تشريعية مبكرة لحسم موقفها.
وأشار إلى، أن من بين الدوافع أيضًا لإجراء انتخابات مبكرة هو وجود مخاوف حقيقية لدى نتنياهو من العمل مع الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في حال فوزه مرة أخرى في الانتخابات الأمريكية، حيث يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن أوباما في حالة فوزه سوف يتحرر من القيود الانتخابية وسيسعى لفرض خيارات انفرادية على إسرائيل يجعلها كدولة وحكومة في مأزق سياسي واستراتيجي، وبالتالي فإن تقديم موعد الانتخابات في إسرائيل جاء لعدم إعطاء الفرصة لأي طرف (أمريكي) بالتدخل في الانتخابات إذا جرت في موعدها.
ولفت الدكتور طارق فهمي، الانتباه إلى أن نفس هذه القضايا والهواجس الأمنية، والتي قد تكون قد عجلت بإجراء الانتخابات مبكرًا، هي نفسها قد تكون سببًا رئيسيًاا لتأجيلها في حال كسر الهدنة، وإذا ما أمطرت سماء إسرائيل بالصواريخ من التنظيمات الجهادية، خاصة وأنه قد عاش في الأسبوع الماضي أكثر من 1.5 مليون من الإسرائيليين في الملاجئ؛ خوفًا من الصواريخ وبالتالي فإننا في المشهد السياسي الإسرائيلي هناك مطالبات بتأجيل الانتخابات، فضلا عن أسباب مالية تتعلق بتمويل الحملات الانتخابية.
ويرى محللون سياسيون، أن قادة الليكود الحاكم الآن قد تعجلوا إجراء الانتخابات خشية قيام أحزاب الوسط واليسار بالائتلاف مع بعضها وهو خيار ما زال مطروحًا بقوة حتى مع تقديم موعد هذه الانتخابات، وهو أمر يقلق نتنياهو شخصيًا، وبالرغم من تقدم رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية، حسب نتائج استطلاعات الرأي.
وفي قراءة سريعة لبرامج الأحزاب الإسرائيلية.. يرى خبراء في الشؤون الإسرائيلية أن هذه البرامج في مجملها متشابهة، فما ترفعه أحزاب كاديما والليكود تنادي به حركة شاس الدينية، فلا يوجد جدول أعمال إسرائيلي واضح.
تشير استطلاعات الرأي، إلى أن تكتل الليكود بقيادة نتنياهو يظل الأوفر حظًا وأنه قد بدأ في تكوين ائتلاف جديد للحكم مع حزب "إسرائيل بيتنا"، الذي قد يكون الحصان الأسود في الانتخابات القادمة، وقد رفع نتنياهو شعار الحسم في المسائل العالقة والتعامل مع ما أسماه الجبهة المصرية تحديدًا، وليس الدولة والحكومة بما يعني الإشارة إلى الخيار العسكري، وهو الخيار المطروح بقوة كشعار.