* بدأ المجتمع الإسرائيلي يصحو من صدمته بالتحالف المفاجئ الذي أقامه بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية مع حزب كاديما المعارض برئاسة شاؤول موفاز، وتساءل عن سبب هذا التحالف بالإضافة إلي الأسباب المعلنة حول خوف نتنياهو من سيطرة المتطرفين والمستوطنين علي حزبه، وخوف موفاز من انهيار حزبه في الانتخابات المقبلة، خاصة أن استطلاعات الرأي في إسرائيل أفادت بأن خروج تسيبي ليفني من حزب كاديما شكل ضربة أخري للحزب الذي كان قد فقد نصف قوته في الاستطلاعات السابقة. كبار قادة الجيش والمخابرات السابقين في إسرائيل بالإضافة إلي عدد من المحللين السياسيين رجحوا احتمال أن يكون هدف هذا التحالف هو التمهيد لضرب إيران، فعدد من الجنرالات سمي هذا التحالف المفاجئ باللعبة الإيرانية، واستخدمت التعبير ذاته "داليا ايتسيك" الرئيسة السابقة للكنيست ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب كاديما. من هنا فإن الجمهور الإسرائيلي الذي يؤيد عادة إقامة حكومة وحدة لم يقبل هذه المرة تفسيرات نتنياهو وموفاز بأنها جاءت لخدمة مصالح الدولة، وبناء علي استطلاع رأي في إسرائيل أجرته صحيفة معاريف فإن 71% من الإسرائيليين يرون أن دوافع موفاز في هذا التحالف هو مصلحته الشخصية والحزبية، فيما قال 6.16% إنه بغية الحرص علي مصالح الدولة وقال 47% إنهم لا يصدقون أن هذه الحكومة ستحقق ما أعلنه كل من نتنياهو وموفاز. ويضاف إلي ذلك أن تقارير إسرائيلية أكدت أن هذا الاتفاق لم يأت كطوق نجاة لحكومة نتنياهو فقط الذي أوشك علي إجراء انتخابات مبكرة قبل 14 شهراً من موعدها الطبيعي، لكنه أنقذ أيضاً حزب كاديما من خسارة محرجة في انتخابات قريبة كان من شأنها تقليص مقاعده في الكنيست إلي عشرة مقاعد فقط، فموفاز هو الرابح الأكبر من الاتفاق إذ سيكون نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً بلا حقيبة وحيداً عن كاديما في الحكومة، وعضواً في اللجان السياسية الأمنية.. كما يتوقع تسلم الحزب المنضم إلي الائتلاف الحاكم رئاسة لجنة المالية في الكنيست علي أن يتولي أيضاً ملف السلام في الشرق الأوسط. يأتي ذلك أيضاً في وقت حرج جداً بالنسبة لنتنياهو حيث تلقي فيه ضربتين من طرف خصومه من اليمين المتطرف داخل حزبه وداخل ائتلافه الحكومي أيضاً، وانتهاء مؤتمر حزب الليكود إلي فشل ذريع وهتافات معارضة لرئيسه نتنياهو، واتهامات قاسية له ب "الهرب"، فكانت عجلة السباق نحو انتخابات مبكرة للكنيست "البرلمان" الإسرائيلي مع قرار الحكومة الإسرائيلية في جلستها غير العادية تقديم موعد الانتخابات في الرابع من سبتمبر المقبل، وأقدم نتنياهو علي هذه الخطوة من مركز قوة، إذ أن كل استطلاعات الرأي كانت قد أشارت إلي أن حزبه سيحظي بزيادة مقاعده في الكنيست من 27 حاليا إلي 31 في الانتخابات إذا جرت اليوم ويشكل الحكومة المقبلة من موقع أقوي. غير أن تفسيرات عدة تظل قائمة وشاهدة علي تصرفه هذا، فثمة من يري أن نتنياهو أقدم علي هذه الخطوة خشية أن تجري الانتخابات في السنة المقبلة، عندما يكون باراك أوباما الرئيس الأمريكي قد انتخب مجدداً للرئاسة لدورة ثانية، فالرئيس الأمريكي سيكون أقوي خلال فترة حكم ثانية، ويكون قد تحرر من ضغوط الشارع، وهو يتوقع أن يبدأ أوباما بتوجيه انتقادات إليه تؤدي إلي سقوطه مثلما حصل مع نتنياهو نفسه في فترة رئاسة بيل كلينتون عام ،1999 إذ خسر يومها الانتخابات لصالح إيهود باراك، ومثلما حصل أيضاً لإسحق شامير من قبله في فترة رئاسة جورج بوش الأب حيث خسر لصالح إسحق رابين. وتظل التكهنات المرجحة تجاه هذا التحالف الذي ستنشأ عنه حكومة وحدة وطنية أن يكون تحالف الحرب، فالتاريخ السياسي الإسرائيلي يشير إلي أن حكومات الوحدة الوطنية التي أقيمت في إسرائيل عادة كانت من أجل القيام بحرب أو مواجهة حرب، ومن هنا تأتي قناعة الكثيرين بالإضافة إلي خشيتهم أن يكون التحالف المفاجئ الذي جمع نتنياهو بموفاز لتشكيل حكومة وحدة دليل تراجع عن موقف موفاز لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران بدعوي منعها من تطوير السلاح النووي، واقتراباً من موقف نتنياهو الداعي دائماً لشن هذه الحرب، فتاريخ حكومات الوحدة الوطنية في إسرائيل قد ينذر بسوء بغض النظر عن المصالح الحزبية والشخصية الضيقة المختبئة وراءها!!