فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    رئيس جامعة حلوان: الوعي هو خط الدفاع الأول لحماية الهوية الوطنية    وزير المالية بالجامعة الأمريكية: إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي قريبًا    رابطة تجار السيارات تكشف أسباب تراجع سوق المستعمل ومفاجأة بشأن الفترة المقبلة    كواليس الاتفاق .. قيادات حماس ومتحدثوها: لا تنازل عن سلاح المقاومة وإدارة غزة وطنية فلسطينية    مروان العمراوي: أجواء بطولة العالم للسباحة بالزعانف في العلمين رائعة    إصابة مبابي في فوز فرنسا أمام أذربيجان بتصفيات كأس العالم    رياح واضطراب ملاحة وسقوط أمطار.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا السبت    محمد قناوى يكتب : مهرجان الجونة.. من البريق إلى التأثير    محمد سامي يهدي مي عمر «رولز رويس» بمناسبة عيد ميلادها | صور    خالد العناني يصل القاهرة لأول مرة بعد انتخابه مديرا عاما لليونسكو    الخواجة: الزمالك يستحق التضحية من جميع أبنائه.. وأتمنى تدارك الأخطاء خلال التوقف    القبض على عاطل سحل طالبة لسرقة هاتفها فى المنيرة الغربية    رحيل زوجين في يوم واحد يهز قرية بقنا.. قصة حب تُروى بالدموع في الترامسة    كاميرا القاهرة الإخبارية توثق فرحة عودة الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة    نضال الشافعى بعد اتفاق شرم الشيخ ووقف الحرب: مصر استعادت غزة بالحكمة والقيادة الرشيدة    37 عامًا من الإبداع.. الأوبرا المصرية تحتفل بعطائها الفني    كيفية علاج انخفاض ضغط الدم المفاجئ بالمنزل    فيديوهات رقص تقود صانعة محتوى للسجن    أخبار مصر اليوم.. وزير الصحة يتابع تنفيذ 28 مشروعًا صحيًا في 12 محافظة.. البيئة: مصر تتبنى رؤية متقدمة لإدارة مواردها الطبيعية    سباق الانتخابات.. 183 مرشحًا أجروا الفحوصات الطبية بالمنيا    ضياء السيد: الرئيس السيسي أنهى حرب غزة واتفاق شرم الشيخ يؤكد ريادة مصر    الاتحاد البرازيلي يخطط لتجديد عقد أنشيلوتي حتى 2030    بعد إلغائه.. ما هو قانون قيصر الذي خنق الاقتصاد السوري لخمسة أعوام؟    شيخ الأزهر يعزي المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الأسبق في وفاة شقيقته    عزيزة    وكيل المخابرات المصرية السابق: حماس طلبت منا الوساطة لإطلاق سراح أسراهم مقابل شاليط    شرب سوهاج تصدر فيلما قصيرا لتعريف ذوى الاحتياجات الخاصة بقضايا المياه    عماد كدواني: المنيا تستحوذ على أكثر من نصف المستهدفين بالتأمين الصحي الشامل في المرحلة الثانية    حسام موافي: الكلى تعمل بضغط الدم فقط.. وانخفاضه المفاجئ يسبب الكارثة    جاهزون للتعامل مع أي تطورات في الإصابات.. مستشار الرئيس للصحة: لا داعي للقلق من متحور كورونا الجديد    وكيل المخابرات المصرية السابق: إسرائيل فشلت فشلا ذريعا بمعرفة مكان شاليط    نائب محافظ المنيا يتفقد أعمال تطوير ميدان النيل ومجمع المواقف    نيابة العامرية تطلب تحريات العثور على جثة فتاة مقتولة وملقاة بالملاحات في الإسكندرية    مواهب مصرية في الملاعب الأوروبية تنضم للمنتخبات    الخارجية الفرنسية: علينا تقديم الدعم اللازم لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار بغزة    برلماني: الرئيس السيسى صنع الفارق فى المنطقة    10 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب «السوق السوداء»    الرئيس السيسي وعبقرية المخابرات المصرية.. كيف صنعت القاهرة معجزة السلام فى غزة ومنعت تهجير الفلسطينيين    مكتب رعاية المصالح الإيرانية يهنئ المنتخب بتأهله لكأس العالم: إنجاز للأبطال المصريين    الزمالك: ندرس ضم مدرب عام مصري لجهاز فيريرا    اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10 اكتوبر 2025    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    لبنان: بيروت ودمشق اتفقتا على تشكيل لجان مشتركة لمعالجة الملفات العالقة    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    «أوقاف المنيا» تعقد 109 ندوة علمية في «مجالس الذاكرين» خلال أسبوع    "إدارة الصراع والضغوط والقلق النفسي" ندوة توعوية لجامعة قناة السويس بمدرسة أم الأبطال    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد أبو بكر الصديق بالإسماعيلية (بث مباشر)    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاع الشطار عن هيبة ومكانة الخلافة الإسلامية «2-2»
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 11 - 2012

لم تمض عدة سنوات على وقائع حصار بغداد، حتى بايع العامة سنة 202 ه أحد أبناء البيت العباسى وهو ابراهيم بن المهدى لمناوئة المأمون وعناصره الفارسية، ورغم تغلب إبراهيم بن المهدى على بغداد ونواحيها؛ فإن المأمون سرعان ما قدم من بلاد فارس ليقضى على تلك الحركة الخطيرة.

وحينما فر الخليفة المستعين من سامراء إلى بغداد هربا من سطوة القادة الأتراك، عازما على مقاومتهم اعتمادا على نائب بغداد (نائب الخليفة) محمد بن عبد الله بن طاهر الذى شرع فى تحصين بغداد، ولجأ إلى الاستعانة بالعيارين، وعاملهم لأول مرة معاملة الجند حيث ضمهم إلى سلاح المشاة والفرسان، وأعطاهم رواتبا منتظمة.

وعندما قامت العناصر التركية بحصار بغداد سنة 252ه مدة عام لإجبار المستعين على التنازل عن الخلافة، جرت كثير من الوقعات بين الطرفين مثل باب الشماسية التى «انهزم فيها أكثر عامة أهل بغداد، وثبت أصحاب البوارى (العيارين)»، كما أشار الطبرى فى الجزء التاسع من تاريخه.

ورغم الاستبسال البطولى للعيارين للحفاظ على حرمة عاصمتهم بغداد، فإنها تهاوت أمام جحافل العسكر التركى الذين أرغموا المستعين على التنازل عن الخلافة للمعتز.

كما ناصر العيارون سعى الخليفة المهتدى سنة 256 ه لنزع وصاية القادة الترك عليه، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل، وانتهت بمقتل المهتدى.

وعندما أسست العناصر الفارسية الدولة البويهية (نسبة إلى القائد على بن بويه الفارسى)، حاولت إحكام سيطرتها على بغداد ونواحى العراق، الا أن أحد العيارين ويدعى عمران بن شاهين تصدى لنفوذهم فى منطقة البطيحة الواقعة بين واسط والبصرة، وأستمر يدير شؤونها مدة أربعين عاما منذ 329 ه معتمدا على أعوانه من العيارين والشطار، ونجح فى إفشال كل محاولات السلطان معز الدولة البويهى لاستردادها فاضطر إلى الاعتراف به حاكما عليها.

ولم يتوان العيارون كذلك عن مهاجمة ممثلى السلطة البويهية وحلفائها من كبار التجار الذين دأبوا على ظلم الرعية خاصة فى أواخر عصرها الذى أتسم بتدهور أحواله، حيث ارتفع شأن أحد قادة العيارين ويدعى أبوعلى البرجمى الذى «أسرف فى نهب أموال التجار» الا أنه مع ذلك «كان فيه فتوة، وله مروءة، لم يعرض إلى امرأة، ولا إلى من يستسلم اليه». وبلغ نفوذ البرجمى حدا تراجعت معه سلطة الدولة البويهية مما دفع أهل حى الرصافة الواقعة شرقى بغداد إلى مطالبة خطيب مسجدها الجامع «إما أن تخطب للبرجمى، وإلا فلا تخطب لسلطان غيره». كما يذكر ابن الأثير فى حوادث سنة 425 ه.

وحينما سيطرت العناصر السلجوقية على مقاليد الخلافة العباسية فى بغداد، تصاعد دور العامة، وفى الصدارة منهم العيارين، فى مساندة الخلفاء العباسيين الذين حاولوا التخلص من السيطرة السلجوقية، ففى سنة 521 ه حاول عسكر السلطان محمود السلجوقى اقتحام بغداد، وحين علم الخليفة العباسى بذلك أمر بادخال العسكر فى السلاح، «وألبسوا الملاحين السلاح.. ورمى العيارون أنفسهم فى الماء» لمقاتلة عسكر السلطان الذين تراجعوا منهزمين عن بغداد.

وعندما قام السلطان مسعود السلجوقى بضرب الحصار على بغداد سنة 529 ه مستهدفا اخضاع الخليفة العباسى الراشد لنفوذه، ثار «العيارون ببغداد وسائر محالها.. وحصرهم السلطان نيفا وخمسين يوما فلم يظفر بهم» وعاد خائبا إلى مقره بهمذان فى فارس كما جاء فى الجزء الثانى من تاريخ ابن الوردى.

وعندما رفض الخليفة المقتضى بالله العباسى الاعتراف بالسلطان محمد بن محمود السلجوقى، ضرب الأخير حصارا حول بغداد سنة 552 ه لإجباره على ذلك، فتجلت بسالة العامة فى الدفاع عن بغداد حيث كان «صبيان بغداد (العيارون) يعبرون اليهم (الى العسكر السلجوقى) بالمقاليع وزراقات النار»، كما ألقوا بأنفسهم (فى الماء) وسبحوا وبأيديهم السيوف والمقاليع «فركبت المقاتلة (من السلاجقة) فى السفن تمنع الصبيان وكان يوما مشهورا». وحين صعد العسكر السلجوقى على سور بغداد لدخولها، فتح العامة الأبواب وتحدوهم قائلين «هذه الأبواب مفتحة فادخلوا منها، فلم يقدروا على أن يقربوها»، فانخذل عسكر السلطان وانسحبوا عن بغداد، كما ذكر ابن الجوزى فى المنتظم:ج 10.

وشهد العصر العباسى الأخير محاولة الخليفة الناصر لدين الله العباسى السيطرة على حركة الفتوة العيارية، وتجريدها من طوابعها الشعبية المتمردة، والحد من تصاعد مدها الجارف عن طريق إعادة تنظيمها، وفقا لتوجهاته السياسية، التى سعى من خلالها إلى اقامة علاقات قوية لجميع التيارات السياسية والدينية مثل التشيع والتصوف وأهل السنة، واحكام قبضته عليها، واستغلال صيت الفتوة المتنامى بين عامة المسلمين فى نشر نفوذه الأدبى والروحى ومن ثم السياسى فى أقطار العالم الإسلامى بعد انحسار نفوذ الخلافة عنها.

وقد شرع الخليفة الناصر اعادة تنظيم أسس وقواعد حركة الفتوة، وصبغها بطابع ارستقراطى (أى مرتبط بمصالح الطبقة العليا الحاكمة) وسمات صوفية، فاحتلت العامة (ومنهم العيارون بالطبع) المكانة الدنيا فى هرم هذا التنظيم بدعوى عدم اكتمال أهليتها، وان كان ذلك يرجع فى الأساس لمكانتهم الاجتماعية الوضيعة، كما حرص على محو كل أثر لطابع التعاون والمشاركة الجماعية الذى أتسمت به الفتوة العيارية، وأبعد تماما من تنظيمه الجديد قطاعا عريضا من العناصر التى كانت تنتمى إلى الطبقات الشعبية. ولكن لم يكتب لمشروع الخليفة الناصر النجاح المنشود على الصعيد الخارجى، لأنه فشل فى خلق روابط قوية بين سلطته وامراء أقاليم الأطراف، أما على الصعيد الداخلى فقد أخفق فى احتواء تنظيمات الفتوة العيارية، فلم تكف عناصرها عن ممارسة نشاطاتها فى نهب دور أصحاب المناصب العليا الذين أغتصبوا حقوق العامة، بل واغتيالهم إذا سنحت الفرص لذلك. ويمكن القول أن حركة العيارين قد فشلت فى احداث تحولات اجتماعية أو سياسية جذرية فى المجتمع البغدادى بسبب طابعها الإصلاحى الذى قلل من تأثيره موقف السلطة الحاكمة المعادى لها، والتى عمدت إلى استخدام الحملات الدعائية لتشويه صورتها عند العامة، أو استخدام العنف لتصفية تنظيماتها المختلفة. ومع ذلك فقد نجحت حركة الفتوة العيارية فى لفت الأنظار إلى سوء أوضاع العامة الاقتصادية والاجتماعية، واجبار السلطات الحاكمة على التخفيف من ظلم العامة فى بعض الأحيان.

كما تمكنت من مساندة الخلفاء العباسيين الذين تصدوا لتسلط العناصر الأجنبية على مؤسسة الخلافة، وحاضرتها بغداد والحفاظ على هيبتها، ومكانتها الرفيعة فى نفوس المسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.