« أم الفلول: ويقولك بشار قال إنه مستعد يتحاكم فى مصر... بشار أصلا ومرسى ضد بعض... الإخوان دول بيكدبوا. الموظفة الثورية: ده ع الفيسبوك يا جماعة. الفلولى: طب يورونا بقى الفيديو اللى اتقال فيه الكلام ده. الموظفة الثورية والموظف الصعيدى (فى صوت واحد): دى نكتة يا جدعان». هذا الحوار هو إحدى اليوميات التى يدونها محمد يحيى الموظف بمحكمة بالقاهرة على الفيسبوك، سواء كحالات Status أو ملاحظات Notes، مقدما لأصدقائه نظرة على المكتب الذى يعمل فيه، والذى يصل عدد الموظفين فيه إلى نحو 13 موظفًا من خلفيات اجتماعية وثقافية مختلفة.
محمد الذى يعمل فى الوظيفة نفسها منذ 4 سنوات يقول: «هذا المجتمع هو الوحيد الذى لا أعتقد أن الأفلام بالغت فى تقديمه». يعرض محمد دائما حوارات المكتب التى كثيرا ما تدل على قصور فى الثقافة أو ميول طائفية أو مواقف طريفة للموظفين، مما يعطى انطباعا أنه يضيف من عنده بعض الجمل للتشويق، يقول محمد: «أنا أكتب المواقف والحوارات كما هى، وأرد على من يعتقد أننى أضيف جملا من عندى أن خيالى لا يمكن أن يصل إلى هذا الحد».
اتجه محمد للوظيفة كنوع من الاضطرار بسبب ظروفه الصحية التى يناسبها مجهود الوظيفة، ورغم أننى أحدثه كموظف فإنه يبدو مغتربا بشكل ما عن زملائه، على الأقل للحد الذى يجعله يكتب عنهم ويصنفهم بهذه الطريقة: «عندما التحقت بالمكتب كنت مذهولا، لم أكن قد احتككت بناس مثلهم من قبل، وجدت أن هناك مشكلة فى معلوماتهم العامة وآرائهم كإيمانهم الكبير بنظرية المؤامرة مثلا، وقت الثورة بدأ الحديث عن السياسة، وأحببت أن أوضح للناس طبيعة هذه الأصوات، فهم من الشعب المصرى أيضا».
محمد لديه تصنيف للموظفين نابع من تصرفاتهم وآرائهم وهو ما يسهل متابعة ما يضيفه على صفحته، فهناك الموظف الفلولى والموظفة الثورية والموظفة العايقة والموظف الإخوانى والموظف «البزرميط» الذى لا يثبت على رأى، ولكنه يضيف: «الموظف المصرى فلول بطبعه إلا لو كان قادما من خلفيات محددة».
يبدو أن العلاقة بين الموظفين والدولة أيضا ليست واضحة، فبحسب كلام محمد «العمل محدود»، والدولة أيضا لا تهتم بمناخ عمل الموظفين، الموظفون هم من يشترون الأقلام التى يعملون بها، والعاملون بالمكتب جمعوا من بعضهم البعض لتركيب تكييف فى المكتب. يضيف محمد: «الحقيقة أنا لست متعاطفا لو حصلت مطالبات لموظفين من الدولة، أنت بالفعل تأخذ مرتبا قليلا ولكنك لا تعمل سوى ساعات قليلة تمثل نصف وقت عمل، وقد يمر يوم أو اثنين بلا عمل». يشير محمد إلى أن الكثيرين من الموظفين الرجال يقومون بعمل آخر بعد الظهر فى حين تكتفى النساء بعمل البيت.
ويعلق محمد على فكرة البيروقراطية المشهورة عن الموظفين: «بالطبع هناك تعقيدات كثيرة فى العمل الوظيفى، من المفترض أنها موجودة للحفاظ على المال العام، ولكنى أعتقد أحيانا أنها موجودة فقط لتشغيل الناس».
الانطباعات التى يقدمها محمد يحيى عن عالم الموظفين الخاص به غالبا ما يتم استقبالها بشكل ساخر وتضفى صورة سلبية عنهم، ويقول: «هم أناس طيبون على المستوى الإنسانى، دائما هناك مفهوم العشرة المصرى، السيدات كبيرات السن يعاملونك كابنهن، وإن كان لهذا أيضا جانبه السلبى، أنا أتحدث عن أشياء سلبية فقط لأننى أكتب عن آرائهم ومواقفهم الفكرية لا تصرفاتهم الشخصية».
ويشير محمد إلى صفات معينة من الممكن أن تصف الموظف المصرى: «هناك مناخ عام للكسل، وهناك إحساس بالجبن والتملص من المسئولية، ولكن رغم الجبن فهناك إحساس أيضا بأن أحدهم غير قادر على رفت الموظف من وظيفته مثلا».
يفكر محمد فى إعداد كتاب من الحوارات التى يجمعها من عالم المكتب، وهو لا يزال غير مستقر على شكل الكتاب وإن كان يميل للاكتفاء بالرصد وتقديم الحوارات كما هى.