قال ناعوم تشومسكى إن أكبر انجازاته فى تعلم اللغة العربية إنه قرأ كتاب «الأيام»، السيرة الذاتية لطه حسين. كان الفيلسوف الأمريكى يحكى بقدر كبير من التواضع عن تجربته قبل سنوات طويلة فى تعلم اللغة العربية، وهو يستعد لحوار مع الإعلامى يسرى فودة خلال الساعات القليلة التى حل فيها ضيفا على القاهرة.
أعوامه التى اقتربت من ال84 والساعات القليلة الشاقة التى قضاها بين غزةوالقاهرة، لم تمنعه من عقد جلسات المرشحين الرئاسيين حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح، وعقد محاضرة فى الجامعة لكن قبلها استقبل فى غرفته بالفندق القريب من سفارة بلاده فى القاهرة يسرى فودة.
المهمة الأصعب كانت العثور على مائدة صغيرة ليضع عليها العالم الأمريكى فنجانا من الشاى، صوته الخافت، أجهد بنهاية اليوم، وكان يحتاج لرشفات عدة خلال الحوار الذى استمر لساعة. اعتدل فودة فى جلسته وأمسك حزمة من الأوراق ونسخة من نص مناظرة باراك أوباما وميت رومنى. «الحوار سيكون على نصفين»، هكذا قال فودة، «سأطرح السؤال أولا باللغة العربية ثم اتبعه بالإنجليزية»، استكمل فودة شارحا للمفكر الكبير «هى أمور تقنية متعلقة بالمونتاج».
هدوء قليل من التوتر سيطر على الغرفة. فنيون ومصورون وطاقم برنامج «آخر كلام». طلب من تشومسكى أن يقف مجددا لتركيب الميكروفون. «اتنين؟» تساءل تشومسكى ضاحا: «صوروا اللقطات دى يا جماعة»، قال فودة. تأكيد أخير على الكاميرات الثلاث فى الغرفة، «كله تمام».
ثم بدأ اللقاء، فى النصف الاول تحدث تشومسكى عن رحلته إلى غزة «زرت أماكن مختلفة. لم يكن لدى الكثير من الوقت للخروج إلى الشارع، وقابلت بالأساس طلابا لكن التقيت أيضا نشطاء ومسئولين». تحدث عن «حدود لا يوصى أحد بها» وعن «ساعات من الانتظار فى المعبر وإجراءات بيروقراطية. لا شىء يحدث سوى أن تنتظر وتنتظر».
تحدث عن الغزويين «الواقعين فى المصيدة» وعن «إسرائيل التى ربما تحاول إجبار الفلسطينيين على الرحيل». فى هذا الجزء من الحوار طرح يسرى 11 سؤالا منها ما تعلق بالسياسة الأمريكية والعلاقة الخاصة مع إسرائيل.
ظهرت علامات التركيز على وجه تشومسكى، وهو يمد رأسه للأمام عله يلتقط بعض الكلمات من السؤال باللغة العربية، قبل أن تلتقط أذناه اللغة التى اعتاد عليها. فى الجزء الثانى، كان المجال لطرح 10 أسئلة إضافية نصفها نقلها يسرى فودة من مواقع التواصل الاجتماعى «تويتر وفيس بوك». تحدث عن الإخوان المسلمين والعلاقة مع أمريكا «لا تمانع واشنطن وجود الإسلاميين فى الحكم. انظر إلى السعودية»، يشرح تشومسكى. والرئيس محمد مرسى فى رأيه «يتجه لنظام أشبه بالنظام السابق، ربما مع قدر أكبر من حرية التعبير وحرية التنظيمات، لكن السياسات العامة لن تختلف كثيرا». دقت الساعة السادسة مساء، كان على المفكر والمناضل السياسى أن يستعد لجولته الأخيرة على بعد خطوات فى مقر الجامعة الأمريكية، خلف الأسوار التى وضعها العسكر فى شارع الشيخ ريحان.