استمرار الخلاف بين «شركاء الثورة» الإخوان المسلمين والأحزاب والقوى المدنية له نتيجة استراتيجية واحدة هى أن يعود أحمد شفيق وخلفه الحزب الوطنى «المنحل» إلى قيادة البلاد خلال شهور.. فهل يعى الطرفان ذلك وهل يقبلانه؟!. من حق الفريقين ان يختلفا، كما يشاءان، فى أى قضية لكن عليهما أن يدربا أنفسهما على كيفية إدارة هذا الاختلاف بصيغة لا تحوله كل مرة إلى ما يشبه حروب داحس والغبراء.
أخطأ الإخوان المسلمون خطأ استراتيجيا كبيرا حينما قرروا بحسن أو سوء نية التظاهر فى ميدان التحرير يوم الجمعة الماضى، ثم حينما اشتبكوا مع متظاهرى الأحزاب والقوى التى كانت تتظاهر ضدهم، ثم أخطأوا ثالثا حينما انكروا وجودهم فى الميدان ولجأوا إلى حكاية الطرف الثالث ثم بدأوا لعبة التبريرات، ولا يريدون التحلى بالشجاعة والاعتذار عن هذه الأخطاء؟!.
فى المقابل فإن بقية الأحزاب التى كانت طرفا أصيلا فى الثورة تخطئ حينما تتعامل مع الإخوان باعتبارهم الحزب الوطنى والسبب ببساطة أنهم لم يسرقوا السلطة بل حصلوا عليها سواء كانت برلمانية أو رئاسية عبر انتخابات حرة وبالتالى فمن حقهم أن يحكموا وبعدها نحاسبهم.
ومن حق غيرهم من القوى السياسية أن يتظاهروا ويحتجوا ويفندوا سياسات الرئيس مادام ذلك فى إطار سلمى، ولا يعقل أن نسمع «تخوينا» من الإخوان لأى فصيل سياسى قرر التظاهر ضدهم، ومن المؤسف أن يستخدم الإخوان نفس اللغة التى كان يستخدمها الحزب الوطنى.
وفى المقابل أيضا فإن على خصوم الإخوان السياسيين الإقرار بأن الوصول إلى السلطة لا يكون بانتقاد الإخوان فقط بل عبر آلية ديمقراطية متفق عليها وهى صندوق الانتخاب.
لو كنت مكان الرئيس مرسى وقادة الإخوان لدعوت كل القوى السياسية الرئيسية التى كان لها دور رئيسى فى إنجاز الثورة، وتناقشنا فى العبور من الأزمة الراهنة أولا، ثم كيفية إيجاد آلية لتنظيم وإدارة الخلافات ثانيا.
ثم هل نسى الطرفان أن توافقهما الآن فى غاية الحيوية من أجل إنجاز الدستور؟! وإذا قدر لهما فعل ذلك فمن الممكن ان يشكل هذا الأمر جسرا للعبور من الأزمة.
لا أعرف هل لاحظ الطرفان ان أعضاء بارزين فى الحزب الوطنى بدأوا يتكلمون بصوت أعلى عن إعادة الحزب، وبعضهم بدأ فى تشكيل كتل سياسية، بل بدأوا يتحدثون فى التفاصيل ومكان المقارا.
لا أعرف أيضا هل لاحظ الإخوان وخصومهم زيادة نبرة وجرأة قادة الفلول خصوصا بعد أحكام البراءة فى قضية الجمل؟!.
مرة أخرى من حق أى شخص أن يمارس العمل السياسى مادام ذلك فى إطار القانون، لكننا نتحدث هنا عن السياسة وكيف يمكن أن يمثل «غباء بعض الإخوان وخصومهم معا» فرصة ذهبية لإجهاض الثورة بالكامل.
الطريقة التى نمارس بها السياسة فى مصر يندر أن نجدها فى مكان آخر، وهى أن كل طرف يتصور أنه الوحيد الذى يمتلك الحق واليقين والحقيقة، لا أجد حزبا أو شخصا لديه فضيلة التواضع للاقتناع بأنه جزء من كل وانه ربما يكون مخطئا.
مرة أخرى وللأسف يبدو أنها لن تكون أخيرة على الإخوان باعتبارهم الذين يحكمون التأكد بأنهم يستحيل قيادتهم للبلاد بمفردهم لأن مشاكل البلاد كارثية، هم يحتاجون الآخرين خصوصا شركاء الثورة لكى «يشيلوا معهم جزءا من الشيلة».
إذا أدرك الإخوان هذا الأمر، فلماذا إصرار بعضهم على المضى قدما فى طريق «المغالبة لا المشاركة».
يتساءل المرء أحيانا: أين هو دور مستشارى ومساعدى الرئيس إذا لم يكن دورهم هو أن يقولوا له الآن إن ما يحدث يخصم من رصيده ولا يضيف؟!.