هجر السياح منذ فترة طويلة، مدينة معرة النعمان، التي تحتوي على متحف يضم "أكبر مجموعة من الموزاييك في الشرق الأوسط".
وتقول مصادر سورية: "إن المتحف نجا من عمليات النهب، لكنه أصبح مهددًا بالدمار بسبب المعارك الضارية في المدينة".
ويتعرض المتحف الواقع في وسط معرة النعمان، في شمال غرب البلاد؛ لخطر القصف اليومي، الذي يصيب المدينة التي أصبحت مسرحًا لاشتباكات عنيفة بين المجموعات المقاتلة المعارضة والقوات النظامية.
وتقبع سيارة مفتوحة الغطاء محترقة وقد مزقها الرصاص، على الطريق أمام البوابة الخشبية للمبنى، التي تغطيها زخارف حديدية تعود إلى القرن السابع عشر، كما ذابت كومة من الإطارات القديمة، بعد أن اكتمل احتراقها وسط دخان أسود كثيف.
ويتولّى فتى وضع على رأسه عصبة خضراء تدل على انتمائه إلى المقاتلين الإسلاميين، حراسة المبنى، حاملا بندقية كلاشينيكوف، كما كتبت عبارة "سننتصر" على أحد جدران المبنى.
وتحت القبة في بهو المبنى، ألصقت على الأرض لوحة فسيفسائية للرئيس حافظ الأسد، بينما تجمع في المكان، عدد من المقاتلين المعارضين لتناول الفطور مستندين إلى لوحة فسيفسائية رومانية، يبدو فيها ذئب وهو يطارد فريسته.
ويحيط هيكل بساحة المتحف المرصوفة الضخمة وعليه تيجان الأعمدة الأثرية، وتتناثر في المكان أغراض الجنود من قوارير بلاستيكية وفرش قذرة وجوارب نشروها لتجف تحت الشمس.
وفي مدخل المتحف يتجمع عدد قليل من المسلحين المعارضين، كما تم سجن سبعة جنود من الجيش النظامي أسروا خلال المعارك الأخيرة في الرواق خلف حاجز حديدي.
وشيد المتحف عام 1665 إبان حكم السلطان مراد الجلبي؛ ليكون استراحة للمسافرين، وقد تبدلت وظيفته أكثر من مرة، وتغير إلى مقار متعددة، فتحول حينًا إلى ملحق للمسجد الكبير وسوق، ثم مخزن بسيط قبل أن يصبح متحفًا وطنيًّا.
ولم يتعرض البناء منذ تشييده لسوء، ويبدو المبنى كقلعة جدرانها سميكة، وحولها باحة مربعة واسعة في منتصفها جامع، وتعرض موجودات المتحف، في قاعات تعلوها قباب.
وتم جمع عدد كبير من لوحات الموزاييك المكشوفة والمحفوظة منذ قرون، واستحضرت هذه اللوحات من مملكة أفاميا وأنطاكية القديمة، ومن المدن السورية المندثرة، وتصور أنواعًا من الحيوانات ومشاهد الصيد والمآدب.
ويعد النقاد اللوحات من روائع هذا الفن الذي ولد في أور (العراق حاليًّا)، ثم انتقل إلى اليونان القديمة ثم إلى الإمبراطورية الرومانية، وبلغ ذروة شهرته إبان الإمبراطورية البيزنطية.
كما يعرض المتحف عددًا من الخزفيات والفخاريات والدمى، التي تعود إلى ما قبل العصر الإسلامي، وبينها ما يعود تاريخه إلى ألفين أو ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، بحسب اللوحات التوضيحية المعلقة في المتحف.