في الحادية عشرة والثلث، وصل الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، إلى مقر المجلس حيث كان ينتظره نحو أربعين من رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف وكبار مقدمي البرامج في القنوات الفضائية، وبعض الكتاب منذ الساعة العاشرة والنصف. قنديل اعتذر بشدة للصحفيين؛ لأنه كان في افتتاح مؤتمر «اليورمني» في مصر الجديدة، وقال ضاحكًا: «رغم التحسن الملحوظ في المرور.. فقد كانت هناك سيارة مقلوبة هي السبب في التأخير!!».
معظم الصحفيين اكتشفوا متأخرًا، أن عنوان اللقاء هو «الحوار المجتمعي حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي.. الحقائق التحديات الأهداف ذات الأولوية».
قنديل تحدث في بداية اللقاء، الذي استمر حوالي أربع ساعات، قائلا: "إن مصر ستعود إلى دورها القيادي، ورغم أننا ما زلنا في مرحلة انتقالية، فإن هناك إشارات إلى أننا نسير على الطريق الصحيح خصوصًا في مسألة إنجاز الدستور، ثم تقدم بالعزاء لأسر ضحايا حادث انقلاب سيارة الأمن المركزي في سيناء، وهناك تحقيق في الحادث ولابد من مكافحة الإهمال".
أشار قنديل إلى، أن: "الوزارة تبذل أقصى جهد ممكن منذ أول لحظة لتوليها المسؤولية، بل إن وزراء فيها مارسوا أعمالهم قبل أن ينتقلوا إلى مقارا وزاراتهم، ومعظمهم يعملون «ستة أيام ونصف في الأسبوع»".
أضاف قنديل: "إننا إذا كنا نستهدف تحقيق 4 إلى 4.5٪ نموًا فإن هذا يتطلب استثمارات تصل إلى 276 مليار جنيه، الحكومة ستوفر منها مائة مليار والباقي على القطاع الخاص"، مشيرًا إلى "وجود «اندفاع» عالمي على دعم الاقتصاد المصري، وأنه قابل منذ توليه المسؤولية 235 مستثمرًا ودبلوماسيًا من أجل عودة الاستثمارات مرة أخرى".
وكشف قنديل عن، أنه "سيزور جنوب السودان والجزائر قريبًا، وأن افتتاح الممر البري بين مصر والسودان سيوفر سدس تكاليف النقل ويفتح الطريق بين الإسكندرية وكيب تاون في جنوب إفريقيا".
ورغم الصعوبات، قال قنديل إن: "هناك مؤشرات إيجابية مثل أن «ستاندردبور» حذفت مصر من قائمة المراقبة، وتم إنشاء 703 شركات ولأول مرة تنمو الصادرات الصناعية بنسبة 5.8٪ في الربع الثالث من عام 2011 2012 بعد عام كامل من الهبوط المستمر، كما أن الصين واليابان رفعا الحظر عن سائحيهما إلى مصر، وتم افتتاح الخط الجوي المباشر بين إسطنبول وشرم الشيخ وافتتاح ميناء جديد في طابا، بالإضافة إلى دراسة إنشاء نظام بنكي مالي إسلامي موازٍ للنظام المصرفي الموجود".
وقد سلم قنديل دفة الحوار إلى الدكتور أشرف السيد العربي، وزير التخطيط، الذي بدأ حديثه بمداعبة الصحفيين، مؤكدا أنه "لم يسبق له تولي رئاسة مصلحة الضرائب".
وقال العربي، إن: "هناك مجموعة من المشاكل الهيكلية التي تواجهنا؛ أبرزها تراجع النمو الاقتصادي من 3 4٪ في السنوات العشر الأخيرة إلى 1.8٪ ثم 2.2٪ وفي العامين الأخيرين وهو معدل يقترب من معدل النمو السكاني، كما أن معدل الاستثمار لا يتجاوز 16٪ وهو رقم منخفض، مؤكدا أن الهدف هو مضاعفة النمو من الآن وحتى عام 2022 ليصل إلى 7.5٪".
مشيرًا إلى، أن: "التحدي الثاني هو الفقر الذي وصل إلى 25٪ ومعدل البطالة 13٪ ثم عجز الموازنة الذي وصل إلى 170 مليار جنيه في الحساب الختامي الذي انتهى في 30 يونية الماضى بنسبة 11٪ عن الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم كبير وينذر بالخطر، ونقدر أن العجز سينخفض في الموازنة الحالية إلى 135 مليار جنيه، لكن ذلك ليس أمرًا مؤكدا".
وقال العربي: "إن العجز سيرتفع إلى 345 مليار جنيه عام 2017 إذا استمر الوضع على ما هو عليه، كما أن الدين العام سيصل إلى 2.8 تريليون جنيه بدلا من 1.2 تريليون في نفس الفترة.
وكشف العربي أن مجمل ما يوجه إلى التعليم والصحة والبنية التحتية لا يتجاوز 7٪ من إجمالي الموازنة مقارنة ب 26٪ أجورا ومرتبات وأكثر من 30٪ لدعم و22٪ لفوائد وأقساط الديون، منوها أن حجم الدين الخارجي وصل إلى 35 مليار دولار، يمثل 10٪ من إجمالي الدين العام.
وأصر الوزير على أن الحكومة تطبق الحد الأقصى للأجور من يناير الماضي، منوهًا إلى وجود خطة متكاملة لترشيد الدعم لكنها ليست لإلغائه.
وبعد أن استطرد في تقديم الأرقام والبيانات التي وصفها الحاضرون بأنها موجعة ومؤلمة ومأساوية طلب من الحاضرين أن يقدموا للحكومة مقترحات وحلولا وإجراءات محددة، ينبغي اتباعها حتى 30 يونيو المقبل لكي يتم زيادة إيرادات الموازنة.
بعض رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية، خصوصًا صحف الجنوب الفقيرة نسوا الهدف من الاجتماع وانشغلوا بمشكلة مؤسساتهم المالية.
لكن الكاتب فاروق جويدة دخل في صلب الموضوع، قائلا إنه رغم تظاهر واحتجاج معظم الفئات إلا أن الفقراء الحقيقيين لم يخرجوا بعد، ولم نر مظاهرة تخرج من منشية ناصر التي تبعد ثلاث دقائق فقط عن القطامية هايتس. ووجه جويدة حديثه للحكومة: أرجوكم ابتعدوا عن الفقراء لأنهم اللغم الأكبر وهم الذين تحملوا عبء سنوات مبارك وعبء المرحلة الانتقالية الأخيرة.
الكاتب الصحفي سعد هجرس قال: "إن زمن الإصلاح الاقتصادي انتهى لأن هناك ثورة، ولابد من إجراءات ثورية والناس مستعدة، للتحمل والصبر إذا شعرت أن هناك أملا، والمطلوب إدارة الثورة وليس إدارة فقر، مؤكدا أن السياسات الراهنة ستعيد إنتاج نفس نظام مبارك مع تغيير الوجوه." وتساءل حازم شريف رئيس تحرير «جريدة المال»: لماذا لم تتساقط ثمار النمو على الفقراء في العهد الماضي؟! مؤكدا أنها لن تتساقط أيضا في المستقبل مطالبا بسياسات جديدة وإعادة النظر في تمثيل العمال وتمثيل رجال الأعمال الحاليين، وخطة قومية لمحو الأمية.
وطالب خالد صلاح رئيس تحرير «اليوم السابع» بفلسفة سياسية جديدة تقوم على الإبداع وتقديم حلول مختلفة.
بدورها، قالت فريدة النقاش رئيس تحرير جريدة «الأهالي» إن الحكومة الحالية لم تستوعب روح ثورة يناير.
أما سالم وهبي، رئيس تحرير «الأهرام الاقتصادي» فأكد أن الحكومة ينبغي عليها مواجهة قضية الدعم والخبز، وألا تستمر في الخوف.
وقال مصطفى بكري، رئيس تحرير جريدة «الأسبوع»: "إننا أمام محاولة للقفز على الدولة المصرية، وأن خطابا سياسيا جعل البورصة تخسر 8 مليارات جنيه وكل شخص في الإخوان، يظن أنه الدولة المصرية."
وقال عماد الدين حسين مدير تحرير «الشروق» إنه ينبغي على الحكومة قبل أن تطلب من المجتمع مساعدتها في تقديم الحلول أن تشرح أولا برنامجها وسياستها وما هي انحيازاتها الاجتماعية والاقتصادية.
وعقب هشام قنديل بقوله: "إن الحكومة مع الفقراء ولسنا ضدهم ورغيف الخبز لن يمس أي فقير."