"الزراعة": المجازر الحكومية تستقبل 7900 أضحية في اليوم الثالث للعيد    "الزراعة" تتابع برامج إكثار تقاوي المحاصيل الحقلية بمحطة بحوث الجميزة    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين إثر قصف إسرائيلي على خان يونس    حكومة غزة: ارتفاع ضحايا فخاخ المساعدات ل125 شهيدا و736 مصابا    المجلس الوطني الفلسطيني: العدوان تسبب في شطب أكثر من 5200 عائلة من السجل المدني    عاجل.. الزمالك يقترب من حسم صفقة المدافع الجزائري زين الدين بلعيد لمدة 3 مواسم    رونالدو يكشف: عملت مترجمًا ل ميسي!    محافظ الغربية يعلن السيطرة الكاملة على حريق شونة كتان بزفتى    غارة إسرائيلية على الشهابية جنوب لبنان دون إعلان رسمي عن المستهدف    براتب 10 آلاف جنيه.. الإعلان عن 90 وظيفة في مجال الوجبات السريعة    رابط التسجيل المبكر لجامعة القاهرة الأهلية، ونظام الدراسة والتخصصات المتاحة    الخليفي: ديمبيلي يحافظ على الصلاة.. والتسجيل في إسبانيا أسهل من فرنسا    ريندرز: سأسافر إلى مانشستر سيتي لإجراء الفحص الطبي    محافظ مطروح يُقيل نائب رئيس مدينة براني ويحيل مدير النظافة للتحقيق بسبب تردي الأوضاع    الوطني للأرصاد: منى ومكة المكرمة ومزدلفة تسجل 45 درجة    ثاني أيام العيد "كامل العدد" على مسرح البالون.. هشام عباس يتألق في ليلة غنائية    "الناس بتتحاسب وعنكبوت بشوك".. "ماذا رأت حلا شيحة في رؤيا يوم القيامة؟    إلهام شاهين من الساحل الشمالي.. «الله على جمالك يا مصر» | صور    مدير التأمين الصحي في الأقصر تتفقد سير العمل بعدد من المستشفيات    لدغة عقرب تُنهي حياة "سيف"| المئات يشيعون جثمانه.. والصحة ترد ببيان رسمي    عقرهما كلب شرس.. تفاصيل إصابة طالبين داخل "سايبر" بالعجوزة    فرحة العيد جوه النيل.. إقبال على الرحلات النيلية بكفر الشيخ ثالث أيام العيد    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    "صحة غزة": أزمة نقص الوقود تدخل ساعات حاسمة قد يتوقف خلالها عمل المستشفيات    هدف الزمالك.. خطوة واحدة تفصل زين الدين بلعيد عن الوكرة القطري    الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء فى القطاع    المتحف المصري بالقاهرة يحتفي بزوار عيد الأضحى المبارك |صور    درة تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال احتفالا بالعيد والجمهور يعلق (صور)    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    عمال الشيوخ: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية للعام الرابع "مؤشر ممتاز"    «الحج دون تصريح».. ترحيل ومنع «المخالفين» من دخول السعودية لمدة 10 سنوات    طريقة عمل كفتة الحاتى بتتبيلة مميزة    استقبال 1500 مريض وإجراء 60 عملية جراحية خلال أيام عيد الأضحى بمستشفى جامعة بنى سويف    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    اللواء الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك الملقب ب"نبي الغضب" يحذر من وصول إسرائيل إلى نقطة اللاعودة وخسارة حروب المستقبل!.. كيف ولماذا؟    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    هل تشتهي تناول لحمة الرأس؟.. إليك الفوائد والأضرار    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    العثور على جثة رضيعة داخل كيس أسود في قنا    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    الشرطة الكولومبية تعتقل فتى بتهمة محاولة اغتيال المرشح الرئاسي ميجيل أوريبي    أمين المجلس الأعلى للآثار يتفقد أعمال الحفائر بالأقصر    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    كامل الوزير يتابع حركة نقل ركاب القطارات ثالث أيام العيد، وهذا متوسط التأخيرات    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة هيكلة الساحة السياسية المصرية وصياغة الدستور
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 10 - 2012

شهدت الساحة السياسية المصرية فى الأسابيع الأخيرة نشأة أحزاب وتشكل اصطفافات لتكوينات سياسية بغرض تعزيز القوى والاستعداد للنزالات السياسية التى تنتظر مصر فى الأشهر القادمة. نشأ حزب الدستور ليكون على ما يستخلص من تصريحات مؤسسيه ومواقفهم بمثابة الوفد المصرى بعد قرن من الزمان من نشأة الوفد الأول وتطويرا له، بمعنى أن يكون الإطار الجامع للوطنية المصرية، المتمسكة بالديمقراطية والحداثة، والواعية بالقضية الاجتماعية التى لا يمكن للمجتمع المصرى أن يتماسك بدون التصدى لها بعزم وفاعلية وكفاءة.وتشكل التيار الشعبى، يجمع بين طياته أنصار الاتجاهات التقدمية فى السياسة المصرية من ناصريين جدد واشتراكيين وغيرهم، وقد قبلوا صراحة بتعدد الأحزاب، وبالديمقراطية التمثيلية، وبتداول السلطة، مع تقديمهم للقضية الإجتماعية باعتبار أن النجاح فى التصدى لها هو الذى يصون الوطنية المصرية والحداثة. ونشأ أيضا تحالف «الأمة المصرية» يضم بين أجنابه عددا كبيرا من الأحزاب أكبرها الوفد الجديد والمصريين الأحرار بالإضافة إلى شخصيات بارزة، وهو تجمع هدفه، على ما يبدو، هو الديمقراطية الإجرائية، والدفاع عن الدولة المدنية. ولعل ما يميز هذا التحالف هو ماضى تعامل بعض مكوناته مع العهد السابق.

التعامل مع العهد السابق أو مع بعض بقاياه هو خط تمايز، ولذلك ارتسم فى الساحة السياسية اصطفاف للتيار الشعبى، والدستور، والتحالف الشعبى الاشتراكى، مع عدد من الأحزاب والتكوينات السياسية الأخرى التى يجمعها كلها الدفاع عن الوطنية المصرية، والحداثة، والتصدى للقضية الاجتماعية، مع الانفتاح على العالم وأفكاره وإن كان هذا الانفتاح مصحوبا بالدعوة الى حلول عادلة لمشكلات مصر والعوالم التى تنتمى إليها. السبيل إلى الدفاع عن القيم المذكورة فى نظر هذه الأحزاب والتكوينات هو إقامة دولة مدنية لا لبس فيها، تصون المساواة وعدم التمييز بين مواطنيها، أيا كانت عقيدتهم، رجالا ونساء، وتكفل الحقوق والحريات.

حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسى للإخوان المسلمين، يستعد لعقد مؤتمره الأول، وسيكون هذا المؤتمر المرة الأولى التى يخرج فيها الإخوان المسلمون، أو مستخدمو أدوات السياسة من بينهم، إلى العلن، يناقشون قضايا السياسة والاقتصاد، ويتخذون القرارات ويعلنونها على الملأ. هذه أيضا إعادة هيكلة لأنها يمكن أن تكون مقدمة لفصل تفرضه ضرورات السياسة وإيقاعها، بين جماعة الإخوان المسلمين، الدعوية والاجتماعية، من جانب، وحزبها العامل فى سياسة الدولة، من جانب آخر.

الأزمة التنظيمية فى حزب النور الذى نشأ على عجل فى سنة 2011 هى بدورها مخاض لإعادة هيكلة فى داخل الحركة السلفية بين القائمين بالدعوة، والناشطين فى الحقل السياسى.

●●●

غير أن إعادة الهيكلة لا تخص الفاعلين من أحزاب و تجمعات سياسية وحدها، بل هى تتعلق أيضا، بل وبشكل خاص، بالمسائل الحالية على الساحة السياسية المصرية، والواقع هو أن هذه المسائل هى السبب فى نفس إعادة هيكلة الفاعلين وهى التى ستتمحور حولها النزالات السياسية المرتقبة.

أول هذه النزالات هو ذلك الخاص بالدستور الجارى إعداد مسودته وهو نزال سيتمحور أساسا حول ثلاث مجموعات من المسائل. المجموعة الأولى هى المسائل المتداخلة المتعلقة بالعلاقة بين مجال الدين ومجال السياسة؛ وبحماية الحقوق والحريات؛ وبالمساواة وعدم التمييز بين المواطنين، أيا كانت عقيدتهم، أو لونهم أو أصولهم العرقية، رجالا كانوا أو نساء. المجموعة الثانية خاصة بسلطات رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية، وبالفصل بين السلطات والتوازن فيما بينها. أما المجموعة الثالثة فهى المتعلقة بدور الدولة فى تأمين التمتع الفعلى بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية. فى هذا المقال، نتناول المجموعة الأولى من هذه المسائل.

●●●

الصوت الأعلى للسلفيين فى الجمعية التأسيسية فى تشكيلها الحالى يذهب إلى حد الرغبة فى دمج المجال السياسى بالمجال الدينى. الداعون إلى الدولة المدنية وإلى التمييز بين المجالين الدينى والسياسى فى إمكانهم جمع حجج كثيرة من التاريخ المعاصر لمصر ومن فكرها وفقهها الحديثين تدعم موقفهم، وهى حجج سيساندها المصريون. لم يكن التمييز بين المجالين فى مصر انقطاعا مفاجئا ولا كان قطيعة حادة بينهما، بل كان تطورا طبيعيا صاحب نشأة الدولة الحديثة فى مصر من القرن التاسع عشر إلى القرن العشرين. سيكون على الإخوان المسلمين أن يتخذوا موقفا سياسيا من هذه المواجهة بين التيار السلفى وأنصار الدولة المدنية، وهى مواجهة سياسية لأنها لا تخص المعتقد ولا الشعائر ولا الأخلاق فى شىء بل هى تتعلق بسياسة الجماعة الوطنية ومشكلاتها. وإن كان الإخوان ينادون بعلاقة أقوى بين المجالين الدينى والسياسى، فإنه ليس معروفا عنهم تنديد بالدولة الحديثة فى مصر ولا عداء لها. رأب الصدع بين الفاعلين السياسيين بشأن العلاقة بين المجالين السياسى والدينى ممكن، والعبء الأهم فى ذلك يقع على أنصار الدولة المدنية وعلى الإخوان المسلمين.

حماية الحقوق والحريات من أى انتقاص منها بدعوى حماية القيم والأخلاق، أو صيانة الأمن القومى مسألة ثانية تتصل بالعلاقة بين المجالين السياسى والدينى، من جانب، وبسلامة بناء النظام السياسى وبأدوات ازدهاره وتصحيح مساره واختياراته، من جانب آخر. القيم والأخلاق لا تحمى بنص دستورى، ولا حتى بالموعظة، وإنما بأن يمارس المواطنون حريتهم فى نشر هذه القيم والأخلاق وفى الدعوة إليها. أما الأمن القومى فإن الحريات هى التى تصونه لأن من شأنها أن تصحح السياسات الخاطئة التى تعرضه هو نفسه للخطر، وما زالت فى الأذهان أمثلة عديدة للآثار الوخيمة على سلامة الوطن لغياب الحريات. علاوة على ذلك، صيانة الأمن القومى عبارة مطاطة استخدمت لاحتكار السلطة وإساءة استخدامها، ولقمع المعارضين، ولقد كان الإخوان المسلمون أبرز من عانى من القمع بدعوى صيانة الأمن القومى وبغيرها. لذلك فإن عليهم أن يستخلصوا دروس الماضى عند وضع القواعد للمسقبل وأن يدركوا أنه كما أن الأمور لم تدم لغيرهم فإنها لن تدوم لهم. التحالفات المدنية لا تعدم حججا تساند بها دفاعها عن الحقوق والحريات، إلا أن عليها أن تبلورها وأن تنزل بها إلى المواطنين.

●●●

المساواة بين المواطنين وعدم التمييز بينهم لأى سبب كانا مسألة جوهرية فى صيانة الوطن المصرى. الوجه الأول لهذه المسألة يتعلق بالمساواة بين المواطنين الأقباط والمسلمين. الدستور وثيقة سياسية تنظم العلاقة بين مؤسسات للدولة، من جانب، وبينها وبين المواطنين، من جانب آخر. المواطنون أمام الدستور والقانون، وفى الممارسة، سواء، بل ينبغى أن يوفر الدستور والقانون السبل لتحقيق المساواة الفعلية بين المواطنين فى الممارسة. على حزب الحرية والعدالة أن يترجم تأكيد الإخوان المسلمين على تمسكهم بعدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين إلى مواقف عملية من أحكام الدستور، وعلى التحالفات المدنية أن تبلور مواقفها وأن تبينها للمواطنين.

المرأة المصرية ناضلت من أجل نيل حقوقها والمساواة مع الرجل، وساندها المجتمع المصرى فى نضالها لعقود طويلة فى القرن العشرين. فضلا على الجانب الأخلاقى لحماية حقوق المرأة، فالمنتظر من أى مجتمع يتطلع إلى البناء والتنمية والتقدم أن يستفيد من إمكانيات كل المواطنين، نساء ورجالا. حماية حقوق المرأة وتمتعها بالمساواة هما اللذان يمكِّناها من أن تقدم أفضل ما عندها للمشاركة فى تقدم الوطن. تحالفات القوى المدنية ينبغى أن تعمل عن قرب مع منظمات المرأة المصرية، بل تضمها إليها. وعلى حزب الحرية والعدالة أن يتخذ فى هذه المسألة موقفا واضحا.

●●●

ميزة أساسية لإعادة هيكلة الساحة السياسية هى أنها تختصر عدد الفاعلين السياسيين، وهى بتركيزها لقوى الفاعلين المدنيين تثرى الحياة السياسية بأطراف تستطيع إن أحسنت التخطيط والتصرف والاتصال بالجمهور أن تؤثر فى النقاش العام بحجج تستمدُ من تجربة الدولة الحديثة فى مصر، وهو تأثير سيزيد مفعوله إن كان مصحوبا بنقد لإخفاقات هذه التجربة. ميزة جوهرية أخرى هى أنها ستدفع الإخوان المسلمين فى حزب الحرية والعدالة إلى أن يطوروا أفكارهم وإلى أن يتخذوا مواقف لا لبس فيها من المسائل الخلافية فى الدستور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.