نفى المسئول عن إدارة الاحتياطيات الأجنبية بالبنك المركزى المصرى أن يكون البنك قد تحكم فى سعر العملة المحلية خلال الفترة السابقة، موضحا أن الانخفاض الكبير فى احتياطيات النقد الأجنبى خلال الفترة التالية للثورة جاء فى جزء منه نتيجة قيام المركزى بدوره فى توفير العملة الأجنبية لسد الاحتياجات الأساسية للمواطنين. «بعد الثورة تراجعت الاحتياطيات الأجنبية بنحو 20 مليار دولار، وهو التراجع الذى جاء متأثرا بما وفره المركزى من عملة أجنبية لهيئتى السلع التموينية والبترولية، بلغت نحو 800 مليون دولار شهريا، لتوفير السلع الاساسية» كما أوضح نضال الاعصر، مسئول العلاقات الخارجية والاستثمارات فى البنك المركزى، خلال مؤتمر عن اقتصاد ما بعد الثورة، عقده بنك الاستثمار بلتون مساء أمس الأول.
وأضاف الأعصر أنه تم سحب 7 مليارت دولار من الاحتياطيات لسداد التزامات ديون، و12 مليار دولار نتيجة لخروج رءوس الأموال الأجنبية من السوق المصرية، مؤكدا أن «المركزى لا يتدخل إلا لمواجهة المضاربات القوية على العملة المحلية».
«احتياطى النقد الأجنبى وظيفته أن يستخدم فى أوقات الأزمات» كما قالت رانيا المشاط، وكيل محافظ البنك المركزى، خلال الندوة، مشيرة إلى تدخل المركزى لمساندة البنوك مع تراجع مستويات السيولة لديها بعد الثورة. وقالت المشاط إنه «بفضل الثقة فى قطاعنا المصرفى، بلغت حجم تحويلات المصريين من الخارج 18 مليار دولار فى العام المالى 2011 2012، ولم تحدث أزمات فى القطاع مثلما حدث فى ظروف مشابهة بدول شرق أوروبا».
وأشار الأعصر إلى ارتفاع حجم الودائع بالعملات الأجنبية بأعلى من مستويات ما قبل الثورة، من 35 مليار دولار فى ديسمبر 2010 إلى 40 مليار دولار، مما يعد مؤشرا على ثقة رأس المال الأجنبى فى السوق المصرية.
وكان عدد من المحللين قد توقعوا أن يطلب صندوق النقد الدولى من مصر، خلال المفاوضات على قرض ب4.8 مليار دولار، تخفيض سعر الجنيه بعد التراجعات القوية فى الاحتياطيات الاجنبية خلال الفترة السابقة، إلا أن الأعصر قال إن المحادثات التى اشترك فيها مع صندوق النقد لم يطرح فيها هذا الطلب، مؤكدا أن سياسة سعر الصرف هى مسئولية البنك المركزى.
«هذه التصريحات تظهر المزيد من الشفافية أمام الاستثمار الأجنبى وتؤكد أن تدخلات المركزى فى الفترة الانتقالية لم تكن عشوائية» بحسب قول مسئول بغرفة التداول بأحد البنوك المصرية طلب عدم ذكر اسمه.
وكان تقريرا لوكالة بلومبرج الاخبارية قد رصد اتجاه المركزى المصرى للسماح للعملة المحلية بالتراجع تدريجيا خلال الاشهر الثلاثة الماضية وهو ما قلل من مخاوف المستثمرين بشأن مستقبل العملة، وفقا للوكالة. فيما قال أحمد هيكل، رئيس مجموعة القلعة، فى تصريحات له مؤخرا أن هناك العديد من صناديق الاستثمار تتطلع للدخول إلى السوق المصرية ولكنها تتخوف من تراجع سعر العملة المحلية مما يكبدها خسائر.
وتراجعت العملة المحلية أمام الدولار بنسبة 4.5% منذ بداية عام 2011، وفقا لرصد بلومبرج.
«تصريحات مسئولى المركزى تعطى تطمينا بأن التعاملات على الجنيه طبيعية وأنه فى حالة ترك العملة المحلية للعرض والطلب لن تتراجع بشكل قوى»، كما تقول الخبيرة الاقتصادية ريهام الدسوقى، مضيفة أن «المركزى يقوم بدوره الطبيعى فى توفير العملة الاجنبية لهيئات السلع الأساسية، فليس من دور تلك الهيئات أن تدخر احتياطيات من الدولار». وترى الدسوقى أن التزام المركزى بتوفير العملة الاجنبية اثناء عمليات خروج المستثمرين الأجانب من السوق، كانت ضرورية بالرغم من تأثيراتها السلبية على الاحتياطيات، «فى اللحظة التى يستشعر فيها المستثمر الاجنبى أن الخروج من السوق المصرية أمر صعب، ستتعرض سمعة الاستثمار فى مصر لضرر بالغ».
وبينما يرى محللون أن العملة المحلية مرشحة للتراجع أمام الدولار بنحو 20%، ترى الدسوقى أن هذه التقديرات مبالغ فيها.