تجربة برامج المسابقات الخاصة باكتشاف المواهب وصلت إلى مرحلة كبيرة من الانتشار بفضل وجود نجوم الغناء الكبار على رأس المشاركين فى لجان التحكيم. صوت الحياة هناك هانى شاكر وسميرة سعيد، ومن الملحنين حلمى بكر. وإل إم بى سى تقدم برنامجا آخر بعنوان أحلى صوت يشارك فيه كاظم الساهر من العراق وشيرين من مصر وصابر الرباعى من تونس. وهناك برنامج آخر يشارك فيه محمد الحلو ونادية مصطفى. كل هذه البرامج أما فى الطريق للعرض، وبعضها بدأ بالفعل عرضه. وقبلهم برامج أخرى شارك فيها راغب علامه وأحلام فى أرب أيدول، وهناك نجوى كرم فى أراب جود تالانت. وجود هذه الأسماء ساهم إلى حد بعيد فى هذا التزاحم الكبير من كل المواهب العربية خاصة الذين يعتبرون هذه الأسماء المثل الأعلى لهم.
بقدر ما تساهم هذه البرامج فى حالة من الحراك داخل الوسط الغنائى بقدر ما تكون لها ضحايا من الأصوات التى تعلق آمالا عريضة على اجتيازها كل المراحل لتصل إلى النجومية التى تسعى من أجلها، لكنها تصتطدم بالكابوس وهو أن الحلم ينتهى بانتهاء البرنامج وأن تشجيع الساهر أو حماس نجوى أو راغب علامة لا يعنى أنهم أصبحوا نجوما بالفعل. خاصة أن هؤلاء النجوم لا يملكون القدرة على إجبار أصحاب هذه البرامج على الوصول بهذه الأسماء الشابة إلى الحلم الكبير. الآن نسأل: أين كارمن مطربة أرب أيدول وما الذى قدم لها. وأين من سبقوها فى البرامج الأخرى. هذه هى مشكلة الواهب التى طرحناها من قبل ولم نجد ردا. كما أننا لم نجد تراجعا فى أعداد الذين يتقدمون لهذه البرامج، وكأن قدر مواهب الشعوب العربية أن تتذوق من كأس الذين سبقوهم.
المشكله التى أصبحت تقفز إلى السطح بشكل كبير إن نجوم الغناء الكبار انشغلوا أو استسهلوا العمل فى هذه البرامج وتناسوا عملهم الأصلى وهو الغناء. فلم نعد نراهم داخل استوديوهات الصوت على المسارح فى حفلات نجوم الغناء تفرغوا، إما للجان التحكيم أو تسجيل البرامج. رغم أن هذا ليس دورهم فى هذه المرحلة لأنهم إذا كانوا يفعلون ذلك، وهم فى أوج تألقهم ماذا يفعلون عندما يصلون إلى سن المعاش. البعض يفسر هذا الاتجاه بأن التراجع الكبير فى عدد الحفلات داخل الوطن العربى بسبب ما تعرض له خلال العامين الأخيرين من ثورات وما تبعها من انفلات أمنى إلى جانب أن عملية الإنتاج فى عالم صناعة الأغنية أصابها انهيار كبير، شركات أغلقت وأخرى خفضت من حجم إنتاجها، وبالتالى هذا أدى إلى تراجع الأجور، والذى أدى إلى زحف النجوم إلى البرامج خاصة أن ما يحصل عليه بعض المطربين ربما يتجاوز أجره فى الألبوم الواحد، وزادت الأجور مع انتشار القنوات الفضائية وزيادة عددها، وبالتالى دخلوا فى صراع على النجوم هذا الصراع استغله النجوم بشكل جيد لصالحهم خاصة أن هذه القنوات كما توفر لهم الأجور توفر لهم قدرا كبيرا من الإبهار فى الظهور من خلال احتكار بعض الفورمات الخاصة ببعض البرامج العالمية مثل برنامج كاظم وشيرين فى برنامج أحلى صوت المأخوذ من برنامج «زا فويس»، وبالتالى وجد النجوم أنفسهم أمام أعمال ربما أكثر إبهارا من أعمالهم المصورة، وبذلك ضمنوا الظهور بشكل جيد أمام الجماهير، وتناسوا أن مهمتهم الأولى هى الغناء وليس التحكيم. هذا الانشغال رغم أنه يحقق عائدا ماديا مهما للمطرب فإنه يتبعه تراجع فى شعبيته على مستوى عمله الأصلى. لأن هذه البرامج تأخذ وقتا طويلا خلال التصوير، وبعض القنوات تطالب المطرب بعدم الانشغال بأى عمل آخر حتى ولو كان الغناء.
وهناك وجهة نظر أخرى تقول إن انشغال المطربين بهذه البرامج هو سبب وجودها حتى الآن على قيد الحياة الفنية على اعتبار أنهم ينفقون من العائد على بعض الأعمال سواء إنتاج أغانٍ جديدة أو تصوير بعض مما قدموه خاصة أن الشركات لم تعد تهتم بتصوير عدد من الغانى، وأغلبها يكتفى بتصوير عمل واحد فقط لضغط النفقات. وهناك شريحة أخرى تنتج لنفسها الألبوم كاملا وتعطيه لإحدى الشركات لتوزيعه كما فعلت غادة رجب فى ألبومها الأخير، وكما يفعل راغب علامة منذ فترة طويلة، وكذلك لطيفة حتى لا يقعوا تحت ضغط من الشركات التى أصبحت تشترط تخفيض الجور بنسب كبيرة البعض من المطربين اعتبرها إهانة فى حقه أن يتراجع بأجره إلى هذه المرحلة. وجهتان للنظر تطرحهما هذه القضية، لكن فى النهاية يبقى السؤال هل تأثرت الساحة الإجابة.. بالتاكيد لأن انشغال كاظم وهانى وشيرين وسميرة البعيدة منذ فترة وصابر الرباعى عن الغناء بأمور أخرى بالتأكيد يحدث فراغ كبير يضر بالساحة.