لم تكتمل فرحة الفنان صلاح السعدنى لا بتكريمه فى مهرجان الاسكندرية السينمائى، ولا بمرور خمسين عاما على احترافه التمثيل.. كان الفنان الكبير يؤهل نفسه للوقوف عند تلك اللحظة الفارقة من عمره ورحلته.. كان يشعر ان يوم تكريمه هذا هو تكريم لمشوار وعطاء واخلاص، كان سعيدا هكذا لمحت عينيه فى صباح ذلك اليوم، لكن تلك العيون قد اختلفت ملامحها عصر اليوم نفسه، تبدلت فرحتها حزنا وشجنا، فقد علم برحيل اعز رفقاء تلك الرحلة وهو المخرج الكبير اسماعيل عبدالحافظ. صمت السعدنى ورفض الكلام مع أى احد لحظات ولم يردد سوى «لا حول ولا قوة الا بالله». توقع الجميع ان يرفض السعدنى حضور حفل تكريمه لكنه قرر الذهاب وهناك نسى نفسه كثيرا ليحول ندوة تكريمه إلى ندوة تأبين لصديقه عبدالحافظ مستغلا وجود الكاتب محفوظ عبدالرحمن والفنانة سميرة عبدالعزيز والمخرجة انعام محمد على ليشركهم فى هذا التأبين متحدثين عن عبدالحافظ، وهنا قال له محفوظ «يا صلاح انت بذلك تتجنى على نفسك المفروض نحتفى بك فى اللحظة دى، وليكن عبدالحافظ فى توقيت لاحق وفى ندوة خاصة وتليق بقدره، ورفض السعدنى واستكمل الكلام عن علاقته بالمخرج الراحل واصفا اياه ب«الفلاح وابن القرية الذى تمسك بالعادات والتقاليد المصرية، وكشف عن الجانب الانسانى فى حياته بأنه السعدنى يفرض عليه عددا من الفنانين غير المنتشرين فى الاعمال الفنية كنوع من المساندة لهم وكان عبدالحافظ يرحب بهم ولا يرفض اشراكهم فى اى عمل من اعماله.
وسرد السعدنى الواقعة الشهيرة التى حدثت بين أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ بعد الجزء الثانى من ليالى الحلمية عندما تأخر عكاشة فى كتابته، فارتبط عبدالحافظ بمسلسل اخر هو «شارع المواردى» لتليفزيون دبى، مما تسبب فى شرخ بين الثنائى الفنى الشهير، وكان هذا الشرخ كفيلا بأن يسند استكمال «ليالى الحلمية» لمخرج اخر، حتى تدخل الحاج ابراهيم نافع عمدة الجيزة ليصلح بينهما وتعود الحياة إلى مجاريها وتستكمل أجزاء الحلمية.
هذه هى طبيعة السعدنى لإيثار كل أصدقائه على نفسه فقد كانت ندوة تكريمه ندوة استرجاع لذكرياته عن كل من بدأ معهم.. عادل إمام وسعيد صالح حيث بدأوا جميعا من تحت الصفر هكذا قال السعدنى الذى لم يخجل عنما أضاف «كلنا بدأنا كمبارس».
بعد الندوة مباشرة حرض السعدنى العودة إلى القاهرة لإلقاء نظرة الوداع على إسماعيل عبدالحافظ وحضور جنازته مسترجعا أياما من الشهد والدموع.