اتهم سياسيون يساريون مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة بالانحياز لرجال الأعمال والاعتماد على اقتصاد السوق، وحرية العرض والطلب وتقليص سيطرة الدولة، محذرين من «التوجه الرأسمالى» للسلطة الحاكمة ما سيزيد «الفقراء جهلا وفقرا»، على حد تعبيرهم، عقب ثورة اتخذت من «العدالة الاجتماعية والعيش والحرية» شعارا لها. وعد عبدالغفار شكر، وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، السياسة الاقتصادية التى تتبعها جماعة الإخوان المسلمين «امتداد لسياسة الحزب الوطنى المنحل الذى يعتمد على اقتصاد السوق، وحرية العرض والطلب بعيدا عن سيطرة الدولة، ما سيكون له بالغ الأثر على الفقراء الذين سيزدادون جهلا وفقرا»، حسب رأيه.
وأضاف «اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولى يؤكد استمرار تبعيتنا لقواعد الصندوق وسياساته الاقتصادية»، لافتا إلى أن «وجود الزكاة ومشاريع إعاشة الفئات الأكثر فقرا والمعاشات المخصصة لذوى الإعاقة لن تنهى الأزمة فتحقيق العدالة الاجتماعية يستلزم تطبيق سياسات تؤسس للتنمية وتعتمد على اتباع آليات محددة كفرض الضرائب التصاعدية وزيادة مخصصات الصحة والتعليم».
واتفق معه الناشط اليسارى خالد عبدالحميد الذى قال إن «انحيازات مؤسسة الرئاسة لأصحاب رءوس الأموال واضحة للغاية»، مدللا على ذلك «بمساعيها للحصول على قرض صندوق النقد الدولى بدلا من اللجوء لفرض الضرائب التصاعدية وتحديد حد أقصى للأجور ورفع الدعم عن الطاقة الثقيلة، الذى سيغضب رجال الأعمال».
وانتقد عبدالحميد تصريحات رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك، الذى أبدى استعداده للتعاون مع رجال الأعمال المحسوبين على النظام السابق شرط عدم تورطهم فى قضايا فساد أو سرقة للمال العام، مشيرا إلى أن بعض رجال أعمال النظام السابق شاركوا فى زيارة رئيس الجمهورية الأخيرة للصين.
وأضاف «يؤمن القائمون على مشروع النهضة، الذى أعدته جماعة الإخوان المسلمين، بالليبرالية الجديدة التى اتبعها نظام الرئيس المخلوع، فالمشروع ينحاز للأغنياء، من خلال تسليع الخدمات على حساب الفقراء، ويؤمن بأن اللى معاهوش ميلزموش»، على حد تعبيره.
ويرى الناشط اليسارى أن الاختلاف الوحيد بين توجهات النظام الحاكم الحالى ونظام مبارك، هو أن «الإخوان يلعبون الليبرالية الجديدة بنزاهة وشرف، فهم يتبعون نهج النظام السابق مع محاولات تطهيره»، لكنه استدرك بالقول إن الازمة فى أن «الاستغلال أحد أشكال الفساد الذى اندلعت بسببه ثورة 25 يناير، فهذه الثروات لم تجمع فقط عن طريق الفساد بل عن طريق الاستغلال».
من جهته، دافع الدكتور عبدالله شحاتة، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، عن توجهات الحزب الاقتصادية قائلا «اتهامنا بتبنى التوجه الاقتصادى الليبرالى الذى يأتى على حساب حقوق الفقراء ومحدودى الدخل غير صحيح، فالعدالة الاجتماعية أحد أهم ركائز البرنامج الاقتصادى للحزب».
وأضاف «مستعدون للتعاون مع رجال الأعمال، المحسوبين على النظام السابق ممن لم يثبت تورطهم فى قضايا فساد أوسرقة المال العام، بمواصلة عملهم، ولا نخشى من تبعات ذلك لأن بيئة العمل بعد الثورة تختلف عما كان عليه الحال قبل اندلاعها، فلا مجال لمحاباة أى منهم على حساب المصلحة الوطنية».
وأوضح «عليهم كذلك الالتزام بسداد الضرائب، وهناك اتجاه لفرض الضريبة العقارية على أصحاب المشروعات فى مارينا والتجمع الخامس».
ونفى شحاتة اتهام حزبه بمحاباة رجال الأعمال، بسعيهم للحصول على قرض صندوق النقد الدولى بدلا من فرض الضرائب التصاعدية، قائلا «دعا الرئيس حكومة هشام قنديل لاستنفاد البدائل المحلية قبل طلب القرض الذى تتحمل الحكومة المسئولية الكاملة عن شروط الحصول عليه، خاصة أنه يغطى جزءا ضئيلا من عجز الموازنة الذى يقدر ب25 مليار دولار».
واستدرك قائلا «لمصر حصة رسمية فى الصندوق تقدر بمليار و200 مليون دولار»، مبررا طلب الحكومة الحصول عليه ب«رغبتها فى التأكيد على أنها تملك رؤية لحل الأزمات بهدف تشجيع الاستثمار وضخ رءوس الأموال، وإعطاء رسائل تطمينية بأن الاقتصاد المصرى فى طريقه للاستقرار بعد عامين من الركود».