جامعة بنها ضمن تصنيف التايمز البريطاني لأفضل جامعات العالم 2026    غانا تستضيف أول نسخة من قمة FDC Summit الإقليمية لتعزيز التكامل الرقمي الإفريقي    فودافون بيزنس وموبكو للتطوير العقاري تتعاونان لتقديم حلول الاتصال الذكية    السيسي: نواصل العمل مع أمريكا والوسطاء لتنفيذ وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات    بسبب عطل كهربائي بالساونا.. اندلاع حريق في منزل فينيسيوس جونيور بمدريد    الداخلية تكشف ملابسات منشور "مركز التجميل" المتداول على مواقع التواصل الاجتماعى بالقاهرة    ياسمين عبد العزيز تخوض الموسم الرمضانى بمسلسل "وننسى اللي كان"    وزير الصحة يحيل مسؤولي مستشفى الخازندارة إلى التحقيق وينهي تعاقد شركة الأمن    فؤاد بدراوي يتقدم بأوراق ترشحه لانتخابات النواب بالدقهلية    شيخ الأزهر: نحمد الله على نهاية الحرب في غزة ونثمن جهود السيسي وترامب لتحقيق السلام    «المصري اليوم» تُحلل خارطة المقبولين في كلية الشرطة خلال خمس سنوات    بالأسماء.. 24 مرشحًا تقدموا بأوراقهم لخوض انتخابات مجلس النواب بالإسماعيلية    بالأسماء تعرف علي أوائل الدورات التدريبية عن العام 2024 / 2025 بمحافظة الجيزة    نقيب الإعلاميين يهنئ الرئيس السيسي والمصريين بتأهل المنتخب الوطني لمونديال كأس العالم    هل أمم أفريقيا 2025 نهاية مشوار حسام حسن مع منتخب مصر؟ رد حاسم من هاني أبوريدة    رئيس جهاز "العلمين الجديدة" يشهد افتتاح بطولة العالم للسباحة بالزعانف ببورتو مارينا    نادي جامعة حلوان يهنئ منتخب مصر بالتأهل التاريخي لكأس العالم 2026    باسل رحمي: نؤهل المشروعات على معرفة آليات التصدير ومتطلبات الأسواق الخارجية    استبعاد معلمة ومدير مدرسة بطوخ عقب تعديهما على تلميذ داخل الفصل    نائبة وزيرة التضامن الاجتماعي تبحث مع وزير التنمية الدولية النرويجي تعزيز التعاون الثنائي في مجالات التنمية والحماية الاجتماعية    نادى أدب ديروط فى أسيوط يحتفل بذكرى نصر أكتوبر المجيد    الرحمة طبع مش تمثيل.. 4 أبراج قلبهم أبيض وحنية الدنيا فيهم    سحب فيلم المشروع x من دور العرض السينمائي.. لهذا السبب    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 9 اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    بدء التشغيل التجريبي لوحدة طب الأسرة ب العطارة في شبين القناطر    وكيل صحة الدقهلية يوجه بوضع لافتات إرشادية لتيسير حركة المترددين على المجلس الطبي العام    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 134 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    6 علاجات منزلية للكحة المستمرة    تحذير من «الري» بشأن تداول بيانات أو تصريحات منسوبة إليها    بعد معاينة الطب الشرعي.. جهات التحقيق تصرح بدفن طفل فرشوط بقنا    بعد 24 ساعة من حكم الإعدام.. "القودة" تنهي خصومة ثأرية في أبو حزام بقنا    حبس المتهمين بقتل بلوجر المطرية    قسطنطين كڤافيس وشقيقه كيف يُصنع الشاعر؟    رأي توفيق الحكيم في المرأة والحب.. السر في البطاطس    الأطفال في القانون، دعوى قضائية تطالب بعدم نشر صور المتهمين منهم والمعرضين لخطر    أشرف زكي لليوم السابع: وقف الحرب انتصار للإرادة المصرية وحفظ حقوق فلسطين    زيلينسكى يتهم روسيا بمحاولة زرع الفوضى فى أوكرانيا بقصف منشآت الطاقة    إطلاق قافلة زاد العزةال 47 من مصر إلى غزة بحمولة 3450 طن مساعدات    إصابة 12 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    67 ألف شهيد و170 ألف جريح.. حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة    الحكومة تعلن أسعار الحديد والأسمنت اليوم.. زيادة جديدة في مواد البناء    أستاذ قانون دولى: اتفاق شرم الشيخ انتصار للدبلوماسية المصرية ومصر تعيد رسم خريطة السلام    لليوم الثاني، محكمة شمال بنها تتلقى أوراق المرشحين المحتملين لانتخابات النواب    صبحي: لسنا راضين عما حدث بمونديال الشباب وسيتم تغيير الجهاز الفني    التقييمات الأسبوعية للطلاب فى صفوف النقل عبر هذا الرابط    برشلونة يعلن رسميا إقامة مواجهة فياريال في أمريكا    محمود مسلم: السيسي يستحق التقدير والمفاوض المصري الأقدر على الحوار مع الفلسطينيين والإسرائيليين    هل يجب التوقف عن بعض وسائل منع الحمل بعد سن الأربعين؟ استشاري يجيب    هل يجوز منع النفقة عن الزوجة لتقصيرها في الصلاة والحجاب؟.. دار الإفتاء تجيب    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    اتحاد الكرة: نشكر الرئيس السيسي على دعمه للرياضة.. ونتمنى أن يكرر حسام حسن إنجاز الجوهري    أسعار البيض اليوم الخميس 9 أكتوبر    شاهيناز: «مبحبش أظهر حياتي الخاصة على السوشيال.. والفنان مش إنسان عادي»    سما المصري توجه رسالة ل المستشار مرتضى منصور: «ربنا يقومه بالسلامة بحق صلحه معايا»    عاجل - بالصور.. شاهد الوفود الدولية في شرم الشيخ لمفاوضات غزة وسط تفاؤل بخطوة أولى للسلام    من أدعية الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى سوريا مطلوب صفقة مع الشيطان
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 02 - 2012

بعد عام تقريبا على اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة، تبدو سوريا على وشك كارثة هائلة ذات أبعاد معنوية وإستراتيجية. وتلوح فى الأفق حرب أهلية شاملة. كما تتزايد احتمالات ان تشتعل الأحداث فى الشام حربا تقليدية، وربما غير تقليدية، متعددة الجبهات. غير أن كثيرين فى الغرب، وبعض الحكومات العربية، وحتى فى المعارضة السورية مازالوا يعتقدون بإمكان حدوث «انهيار محكوم» لحكم بشار الأسد. ووفقا لهذا الرأى، يمكن للضغط من جميع الاتجاهات تحطيم الحكومة ومؤيديها فى الداخل والخارج، وسوف يكون أى موت أو دمار ناجم، وأى رد فعل إقليمى سلبى، ضمن حدود مقبولة. ولكن لسوء الحظ، هناك ثلاث مشكلات على الأقل تجعل من حدوث انهيار محكوم أمرا مستبعدا:

أولا: ربما يكون نظام الأسد، وهو ما يزال يتمتع بتأييد كبير من الجيش والنخبة، وشرائح أخرى من السكان، قادرا على إطالة أجل نهايته الدموية بمساعدة من أطراف خارجية. فقد انضمت روسيا التى تعتبر سوريا رصيدا استراتيجيا لا يمكن الاستغناء عنه إلى الصين فى تصويت على قرار الأمم المتحدة ضد حكومة الأسد.

كما تعتمد مصالح إيران الحيوية على نظام الأسد، الذى يعتبر قناة مهمة لنقل دعم طهران إلى جماعة حزب الله المسلمة الشيعية فى معركتهما المشتركة ضد إسرائيل.

وثانيا: من الأرجح أن يتخطى العنف الطائفى الناجم عن إطالة أمد الانهيار الحدود الأخلاقية أو الاستراتيجية المقبولة للغرب وحلفائه ناهيك عن الشعب السورى. وسوف تتسارع الصراعات الطائفية التى تفرق بين العلويين وغيرهم من الأقليات وبين غالبية السكان السنة، مما يضاعف التوتر فى لبنان المجاور، حيث ينظم المقاتلون السنة صفوفهم ويشنون هجمات داخل سوريا الآن، وكذلك فى العراق حيث تزايد بشدة تهديد العنف الطائفى فى الأسابيع الأخيرة.

ثالثا: سوف يضيف نزوح المهاجرين الناجم عن ذلك عنصرا آخر من عناصر زعزعة الاستقرار إلى الأزمة الإنسانية. فسوريا تستضيف بالفعل ملايين اللاجئين العراقيين والفلسطينيين، المتوقع أن يشهدوا المزيد من المعاناة والخسائر.

وبعيدا عن الانهيار المحكوم، هناك سيناريو أكثر احتمالا وهو محاولة يقوم بها الأسد وإيران وحزب الله فى اللحظة الأخيرة لإنقاذ النظام السورى، ولديهم الوسائل للقيام بذلك.

والأرجح أن قوى «محور المقاومة» هذه سوف توجه قوتها العسكرية الهائلة التى تشمل الأسلحة الكيميائية فى حالة سورية ضد أعدائها فى معركة من أجل وجودها الجماعى. والأمر الأكثر ملاءمة لهذه الدول الثلاث، أن هناك طرقا متعددة يمكن عن طريقها استدراج إسرائيل إلى صراع كبير من دون أن يبدو الأسد أو حزب الله مسئولين فى نظر مؤيديهما. ولعل هجوما صاروخيا وحيدا من جنوب لبنان يقتل عددا كبيرا من المدنيين الإسرائيليين، يعتبر احتمالا قويا.

وعلى الولايات المتحدة وحلفائها الاستعداد لترتيب ضربة وقائية عسكرية واسعة النطاق، وتنفيذها بسرعة، من أجل مواجهة هذ الموقف الخطير بشكل مسئول. وحتى وفق سيناريو أفضل الأحوال، سوف يعنى ذلك سيطرة القوات البرية على أجزاء كبيرة من الأراضى اللبنانية والسورية. إلا أنه يبدو أن الإقدام على تخطيط عمل وقائى وتنفيذه أمرا مستبعدا للغاية، نظرا للقيود السياسية والمالية التى تواجهها البلدان الغربية حاليا، ناهيك عن عواقب اندلاع حرب كبرى فى الشرق الأوسط على المصالح الغربية.

ومن ثم، لا يكفى إلقاء اللوم على الفيتو الروسى والصينى فى مجلس الأمن أو حتى على نظام الأسد القاتل بسبب الخطر الذى يجتاح المنطقة فى الوقت الراهن حتى لو كانوا يستحقون الكثير من اللوم. بدلا من ذلك، ينبغى على واشنطن تبنى استراتيجية واقعية، وإن كانت بغيضة، تسعى لنزع فتيل الصراع بدلا من أن ينفجر فى وجه الجميع. وهذا يعنى التعامل مع الأسد.

لا شك أن الأسد رئيس قمعى، ووحشى وخطير، وهو المسئول عن معظم حالات الموت والدمار التى شهدتها سوريا فى الأشهر الأخيرة، لكن النتائج المترتبة على دفع ايران وسوريا وحزب الله لتجاوز خطوطهم الحمراء، من المرجح أن تكون أسوأ بكثير. ومن ثم، يتعين على الولايات المتحدة الاستغناء عن القاعدة غير الملائمة التى تحظر أخلاقيا التفاوض عندما يعتبر الرئيس متجاوزا للحدود خاصة عندما يمكن للتفاوض أن يخفف فعليا تداعيات فى المستقبل، مع تأمين المصالح والقيم فى نهاية الأمر.

●●●

ويعتبر السبب الرئيسى لعقد اتفاق مع الرئيس الأسد فى الوقت الراهن حتى وإن كان اتفاقا فيه من الترغيب ما هو أكثر من الترهيب أن عملية يقودها الغرب تقوض بشكل مطرد قدرة الرئيس السورى على استخدام العنف ورغبته فى ذلك، من شأنها تحقيق الاستقرار فى وضع إقليمى يتدهور بسرعة، وتحقيق انفتاح فى نظام سوريا السياسى والحد من القمع بمرور الوقت.

ولحسن الحظ، فإن أمريكا وحلفاءها أقوى بكثير من سوريا، وهو ما يعنى أنهم يمتلكون الأدوات والمرونة لاعتبار أن مثل هذه الاستراتيجية من التنازلات الوقائية تؤدى الى خاتمة ناجحة.

فعلى التحالف واسع النطاق الذى يواجه الأسد حاليا أن يعد أولا صفقة كبرى تتخلى عن المطالبة باستقالته فورا. وفى المقابل، ينبغى أن يتشكل فورا فريق قوى ذو كفاءة من المراقبين العرب والدوليين، ينتشر فى أنحاء البلاد من أجل التحقق من سحب أسلحة الجيش الثقيلة وإطلاق سراح السجناء السياسيين. ويكون لهذا الفريق تواجد دائم، ويمكن للمواطنين الوصول إليهم منهم لتسجيل الشكاوى حول العنف الذى يقترفه أى طرف. وينبغى، بعد ذلك، عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية خارج سوريا، برعاية جامعة الدول العربية والأمم المتحدة. وهذا من شأنه تمهيد الطريق لكتابة دستور جديد وإنشاء التعددية الحزبية، ومراقبة إجراء الانتخابات البرلمانية فى وقت لاحق من هذا العام كما اقترح الأسد نفسه مؤخرا والانتخابات الرئاسية فى عام 2013. وينبغى أن يبدأ مؤتمر المصالحة أيضا تحقيقا فى أعمال العنف التى شهدها العام الماضى.

وهناك ثلاثة حوافز يمكن أن تجعل من الصعب على الأسد أن يرفض الاتفاق:

أولا: على أمريكا وحلفائها مطالبة الجيش السورى الحر وغيره من المتمردين بوقف عملياتهم. وربما يستلزم ذلك العمل مع بلدان مجاورة مثل تركيا والأردن، لإنشاء مناطق آمنة خالية من السلاح خاضعة للمراقبة، لإقامة المقاتلين وعائلاتهم وغيرهم ممن يخشون الانتقام.

ثانيا: تخفف الولايات المتحدة وأوروبا العقوبات وفقا لالتزام الحكومة بالاتفاق، ويقام مؤتمر دولى للمانحين من أجل دعم الاحتياجات المادية للشعب السورى.

أخيرا، حتى لا يعتبر الاتفاق مؤامرة غربية، يجب أن يتضمن محاولة جادة تقودها الولايات المتحدة للتوسط من أجل إعادة مرتفعات الجولان التى تسيطر عليها اسرائيل منذ عام 1967 إلى سوريا.

●●●

على الرغم من أنه لا يبدو أن هناك إرادة سياسية فى اسرائيل لمثل هذا النهج حاليا حيث لا ترى الحكومة ضرورة لتقديم تنازلات لحكومة الأسد الضعيفة المتداعية فإن بذل جهد سياسى أمريكى فى عملية سلام واعدة أمرا منطقيا. وعلى خلاف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية المتوقفة الآن، يمكن فى الواقع أن تنجح المحادثات مع سوريا (وكانت قد انهارت بسبب بضع مئات الأمتار من الأراضى فى 2000). ويمكن للتوصل إلى اتفاق بين سوريا وإسرائيل عزل محور إيران حزب الله المتعنت، فى لحظة حاسمة من المواجهة بشأن برنامج طهران النووى.

وربما يكون هذا المكسب، مع احتمال تطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا، مغريا لأعضاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، الذين ظلوا طويلا يعتبرون عقد اتفاق مع سوريا أمرا ممكنا سياسيا، وضروريا من الناحية الاستراتيجية.

من جانبها، ربما تجد الحكومة المهتزة بشدة فى دمشق أن هذه لحظة مواتية لقبول صفقة كوسيلة للنجاة من الهاوية، حتى لو كان من الأرجح أن يعنى ذلك خروج الأسد مستقبلا فى نهاية الأمر. وإذا رفض الأسد هذا الاتفاق، فربما يوفر هذا التصرف غير المنطقى، أفضل أمل فعليا حتى الآن من أجل تمزيق حكومته، والتحكم فى الانهيار الناجم عن ذلك.

ومن المسلم به، أن احتمالات تدبير مثل هذه الصفقة بنجاح الآن أقل كثيرا مما كانت عليه أوائل العام الماضى. ولكن إدراك أن العناصر المتشددة فى دمشق وبيروت وطهران يمكن أن تتسبب فى دمار إقليمى هائل، يثير جدلا طال انتظاره حول طرح صفقة ذات مصداقية وشاملة. ويمكن للمفاوضات الآن، بدلا من الحرب فى وقت لاحق، أن تؤدى إلى نتيجة أفضل بكثير بالنسبة لجميع الأطراف حتى لو كان ذلك يعنى إرجاء تلبية تطلعات السوريين من أجل الحرية إلى وقت متأخر كثيرا عما يود الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.