هل اتفق نتنياهو وباراك على شن هجوم عسكرى على إيران؟

هل اتفق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إيهود باراك، فيما بينهما، على شن هجوم عسكرى على المنشآت النووية فى إيران؟ يشغل هذا السوال فى الآونة الأخيرة كثيرون من المسئولين فى المؤسسة الأمنية وقيادة الحكومة فى إسرائيل.

كذلك فإنه يشغل عدة حكومات أجنبية يبدو أنها لا تفهم ما الذى يحدث هنا، وذلك فى ضوء وجود شائعات آخذة فى الازدياد فحواها أن إسرائيل تخطط لعملية عسكرية غير مسبوقة من شأنها أن تغير وجه الشرق الأوسط، وأن تضمن مصير دولة اليهود لأجيال كثيرة مقبلة. لكن فى المقابل مازال جدول الأعمال فى إسرائيل مفتقرا إلى أى جدل عام حقيقى فى هذا الشأن.

وفى واقع الأمر فإن القيادتين الأمنية والسياسية فى إسرائيل منقسمتان إزاء هذا الموضوع إلى عدة معسكرات: المعسكر الأول يؤكد أن الفائدة التى ستترتب على شن أى عملية عسكرية ضد إيران ستكون محدودة للغاية، لذا فإن المجازفة بها ستنطوى على مخاطر رهيبة، إذ من المتوقع أن يرد الإيرانيون بقصف صاروخى مكثف من إيران نفسها، ومن لبنان بواسطة حزب الله، ومن قطاع غزة بواسطة حركة «حماس» وربما تندلع حرب إقليمية تؤدى إلى القضاء على إسرائيل. بناء على ذلك من الأفضل لإسرائيل أن تعتمد على العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وفى حال امتلاك هذه الأخيرة أسلحة نووية فلن يكون ذلك نهاية الدنيا.

المعسكر الثانى يقول إن على إسرائيل عدم الإسراع فى اتخاذ أى خطوة عسكرية ضد إيران التى لن يكون فى إمكانها امتلاك أسلحة نووية فى غضون العامين المقبلين وربما أكثر، وانتظار انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، ذلك بأنه فى حال فوز الرئيس الأمريكى باراك أوباما بولاية ثانية، أو فى حال فوز رئيس جديد من الحزب الجمهورى، فمن المتوقع أن يأخذ كل منهما على عاتقه موضوع مهاجمة إيران. فى الوقت نفسه ثمة احتمال بأن يتغير النظام فى إيران فى هذه الأثناء.

أما المعسكر الثالث فيضم رؤساء جميع الأجهزة الأمنية المركزية فى إسرائيل، وهم رئيس هيئة الأركان العامة اللواء بنى غانتس، ورئيس جهاز الموساد تامير باردو، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان» الجنرال أفيف كوخافى، ورئيس جهاز الأمن العام «شاباك» يورام كوهين، وهؤلاء جميعا يرفضون الإقدام على أى عملية عسكرية ضد إيران فى الوقت الحالى، لكن نظرا إلى كونهم تسلموا مهمات من منصبهم حديثا فإنهم مازالوا أقل تبلورا فى هذا الشأن من أسلافهم.

وأخيرا ثمة معسكر رابع يبدو أنه يضم رئيس الحكومة ووزير الدفاع، إذ يعتقد كثيرون فى إسرائيل أنهما يدفعان الأمور فى اتجاه شن هجوم عسكرى على إيران. ومعروف أن نتنياهو أعلن فى مستهل ولايته أن «الرئيس الإيرانى» محمود أحمدى نجاد هو هتلر، وإذا لم يتم كبحه ستحدث محرقة أخرى. أما باراك فإنه لا يستعمل المبررات نفسها، لكونه يدفع فى اتجاه شن هجوم عسكرى على إيران لكبح برنامجها النووى.

ولابد من القول إنه فى حال إقدام إسرائيل على شن هجوم عسكرى على إيران فإن إحدى المشكلات العويصة ستكون كامنة فى أحوال الطقس. ونظرا إلى كوننا على أعتاب فصل الشتاء، يمكن الافتراض بأن أى عملية عسكرية فيه ستكون خاضعة لقيود كثيرة، ومع ذلك فإن الذين يعتقدون أن نتنياهو وباراك اتفقا فيما بينهما على مهاجمة إيران يؤكدون أن احتمال وقوع هجوم كهذا ربما يكون واردا فى فصل الربيع أو فى فصل الصيف.