طلال رسلان يكتب: 30 يونيو.. استعادة الدولة من العجز إلى امتلاك أدوات القوة    مصادر: تحركات حكومية لحل أزمة مستحقات شركات الدواء لدى "الشراء الموحد"    استشهاد 14 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على مشروع قانون ترامب الضريبي    روسيا تشن أكبر هجوم جوي لها على أوكرانيا منذ بداية الحرب    أخبار مصر: تحذير من فيضانات مدمرة بالخرطوم، تعليق الشناوي على ضرب أحمد السقا لطليقته، مصير شيكابالا مع الزمالك، شاب يقتل والدته ويبحث عن جثتها مع المواطنين    منتخب السعودية يكرر سيناريو 3 ضيوف في الكأس الذهبية    خبر في الجول - اجتماع اليوم الأحد بين الخطيب وريبيرو لحسم ملفات الموسم الجديد    الرياضية: إيمري مرشح لتدريب النصر رغم التوصل لاتفاق مع جيسوس    بسبب موجة الحر، فرنسا ترفع درجة اليقظة للون البرتقالي في 53 مدينة    مصرع وإصابة 4 في حادث مروع على صحراوي المنيا    الحكومة للنواب: لا يمكن إغفال نهضة الطرق رغم حادث الدائري الإقليمي    الداخلية تضبط 9 ملايين جنيه مع تجار عملة    الانتهاء من تصوير نصف مشاهد صقر وكناريا لمحمد إمام    "EZVent" أول جهاز تنفس صناعي مصري يحصل على الترخيص التجاري- صور    وزير الإسكان يُصدر قرارات إزالة لتعديات ومخالفات بناء بمدينة غرب بورسعيد    السيسي يشهد أداء اليمين القانونية لرؤساء الهيئات القضائية الجدد    تراجع سعر الذهب في مصر بقيمة 190 جنيهاً خلال أسبوع    «النواب» يوافق نهائياً على تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة    الرئيس الإيراني: أولويتنا اليوم الحفاظ على وحدة البلاد    وزير الخارجية الفرنسي: مصممون على الاعتراف بدولة فلسطين    نائبة تطالب بإيقاف تشغيل دائري الإقليمي وتشكيل لجنة للوقوف على نقاط الخطر    النيابة العامة تقرر إدراج 5 أشخاص في قائمة الكيانات الإرهابية    رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء يستقبل سفير اليابان بالقاهرة    رئيس الوزراء يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع لتمويل التنمية بإسبانيا    مصطفى بكري يتقدم بتعديل على قانون الإيجار القديم بامتداد العقد ل"الجيل الأول"    بحضور وزير الثقافة.. افتتاح أكبر معرض للكتاب بنادي الفيوم غدا|صور    تخفيضات تصل إلى 25% على الأنشطة الرياضية بالقرية الأوليمبية بجامعة أسيوط    القوات الجوية الأوكرانية: مقتل طيار وفقدان طائرة مقاتلة إف-16    وكالة تسنيم: إيران تشكك في استمرار وقف إطلاق النار مع إسرائيل    محافظ أسيوط يفتتح قاعة اجتماعات مجلس المحافظين بالديوان العام للمحافظة    رئيس النواب يدعو لجنة النقل بإعداد تقرير عن حادث الطريق الإقليمي    مجلس النواب يقف دقيقة حدادًا على أرواح فتيات كفر السنابسة بالمنوفية    إسرائيل تعلن اغتيال المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع بحزب الله    كومباني: مواجهة فلامنجو تُضاهي ليالي دوري الأبطال    والد مصطفى أشرف: الزمالك تعامل معنا بعدم احترافية وهذا سبب فشل الصفقة    عمرو أديب يهاجم رئيس الوزراء بعد حادث المنوفية: عرفت تنام ازاي؟    رسائل تضامن وصور شهداء.. "كايروكي" يحيي حفلا تاريخيا لدعم غزة باستاد القاهرة| فيديو    يوريتشيتش يجدد تعاقده مع بيراميدز    نجاح زراعة منظم ضربات قلب مزدوج لمريض بمستشفى رأس سدر    «الصحة» : دعم الرعاية الحرجة والعاجلة ب 713 حضانة وسرير رعاية مركزة    محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي الشاملة بشربين    ارتياح بين طلاب الدقي بعد امتحان الإنجليزي: سهل يتقفل    علماء بريطانيون يتوصلون إلى تأثير سلبي لأحماض أوميجا 3 الدهنية على الالتهابات    كارمن سليمان تتألق في أحدث ظهور لها (صور)    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    الأزهر للفتوى يوضح معني قول النبي" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"    بالصور| كريم محمود عبدالعزيز وأسماء أبو اليزيد وأحمد غزي في العرض الخاص ل"مملكة الحرير"    أفضل الأدعية لطلب الرزق مع شروق الشمس    مي عمر شعبية في مسلسلها الجديد برمضان 2026    ما أفضل صدقة جارية على روح المتوفي.. الإفتاء تجيب    رحلة نقل ملكية السيارة تبدأ من هنا.. إليك المستندات المطلوبة    هل يجوز الخروج من المنزل دون الاغتسال من الجنابة؟.. دار الإفتاء توضح    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    5 أبراج «ناجحون في الإدارة»: مجتهدون يحبون المبادرة ويمتلكون رؤية ثاقبة    «لسة اللقب ماتحسمش».. مدرب بيراميدز يتشبث بأمل حصد الدوري المصري    بعد فشل توربينات سد النهضة، خبير جيولوجي يحذر من حدوث فيضانات بالخرطوم قريبا    امتحن وأنت مطمن.. أقوى مراجعات ليلة الامتحان في الإنجليزي للثانوية العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلينتون وسخرية قدر ثورة مصر
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 07 - 2012

حدثان ارتبطا بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون عكسا سرعة أحداث الثورة وحدة المنحنيات التى سلكتها وما سببته من ارتباك فى صنع القرار فى واشنطن بدءا من رحلة الثمانية عشر يوما من الثورة وصولا إلى انتخاب رئيس مصرى جديد، وبدء حقبة جديدة غير واضحة المعالم فى علاقات الدولتين.

الحدث الأول يوم 25 يناير 2011 وبالتحديد قرب الساعة العاشرة مساء بتوقيت القاهرة، حيث جمع كلينتون مؤتمر صحفى مع نظيرتها الإسبانية السيدة ترينيداد خيمينز فى مقر وزارة الخارجية الأمريكية أكدت فيه كلينتون على استقرار نظام حكم الرئيس السابق حسنى مبارك، الذى وصفته بأنه يبحث عن طرق للتجاوب مع طلبات المتظاهرين. وردت كلينتون على سؤال حول إذا ما كانت واشنطن تشعر بقلق على استقرار الحكومة المصرية قائلة «نحن نعرف أن المظاهرات التى اندلعت لم تقتصر على القاهرة فقط، بل فى مناطق أخرى كثيرة، ونحن نتابعها عن قرب. نحن ندعم الحق فى التجمع، وحرية الرأى لكل المصريين، ونطالب الجميع الحفاظ على ضبط النفس، وعدم اللجوء للعنف. إلا أن تقديراتنا تؤكد أن الحكومة المصرية مستقرة، وأنها تبحث عن طرق للتجاوب مع الاحتياجات المشروعة للشعب المصرى، ومصالحه».

والحدث الثانى يوم 14 يوليو 2012 إذ اندلعت مظاهرات غاضبة خارج مقر إقامة كلينتون بفندق فورسيزون بحى جاردن سيتى، أثناء زيارتها الأولى للقاهرة عقب فوز الدكتور محمد مرسى بأول انتخابات رئاسية حرة فى التاريخ المصرى. وأعلن المتظاهرون رفضهم زيارة كلينتون لمصر، ووجهت شتائم للوزيرة وللولايات المتحدة على ما يعتقدون أنه دعم أمريكى للإخوان المسلمين، وما يتخيلون من دور لعبته واشنطن فى فرض محمد مرسى رئيسا لمصر. وتطور الغضب لدرجة أن ألقى على موكبها البيض والطماطم فى اليوم التالى بمحافظة الإسكندرية.

والواقع أن ثورة 25 يناير مثلت صدمة حقيقية لأركان الحكم فى واشنطن، وذلك لفجائية هذه الثورة وعدم القدرة على توقعها بهذه السرعة، وعدم تخيل نجاحها فى القضاء على نظام بوليسى محنك، إضافة إلى عدم رغبتهم، ناهيك عن استعدادهم، لأى تغيير حقيقى فى منظومة الحكم فى مصر.

لم يكن قلق باراك أوباما وتخوف واشنطن على مستقبل الحكم فى مصر وليد اللحظة، فقد شهدت واشنطن الكثير من الفعاليات التى كانت تشير إلى وضوح سيناريو خلافة السيد جمال مبارك لوالده، وهو ما لم يكن لتعترض عليه واشنطن طالما أنه تم بطرق قانونية. إلا أن مزاج واشنطن السياسى تغير وسادها قلق حقيقى على مستقبل الاستقرار السياسى بعد عودة الدكتور محمد البرادعى لمصر فى نهايات عام 2010، وما شكله من تهديد حقيقى لفكرة توريث حكم مصر.

وأثناء أيام الثورة الثمانية عشرة، انقسم فريق إدارة أزمة مصر داخل الإدارة الأمريكية الذى كان يبحث المستجدات لحظة بلحظة إلى فريقين ميز بينهما إضافة إلى المواقف المتعارضة فجوة جيلية واضحة. الفريق الأصغر سنا تكون بصورة رئيسية من دينيس ماكدو من مواليد 1969 (من حملة أوباما الانتخابية) وهو نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى. والسيدة سامنتا باور من مواليد 1970، وهى أكاديمية بارزة بجامعه هارفارد ولها كتب هامة عن جرائم الإبادة الجماعية، وعملت مستشارة لأوباما لشئون حقوق الإنسان. والأكاديمى البارز فى قضايا التحول الديمقراطى مايكل ماكفولن وهو من مواليد 1963، ويشغل حاليا منصب السفير الأمريكى فى موسكو، وأخيرا أصغرهم جميعا بن رودس من مواليد 1978 وهو خريج جامعة جورج تاون، ويعمل مستشارا للشئون الدولية فى مجلس الأمن القومى.

الفريق الأكبر عمرا كان أكثر محافظة فى تفكيره نتيجة سنوات خدمتهم الطويلة داخل أروقة الحكومة الأمريكية وتأثرهم بالتقاليد البيروقراطية المحافظة فى الشأن السياسى. ومثل كل من وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون وهى من مواليد 1947، إضافة لوزير الدفاع روبرت جيتس، وهو من مواليد 1943، ونائب الرئيس الأمريكى جوزيف بيدن المولود عام 1942 ومستشار الأمن القومى توماس دونيلون المولود عام 1955، ودينيس روس مسئول ملف الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومى وهو من مواليد 1948، أبرز وجوه هذا الفريق.

رأى فريق الصغار أن ما يحدث هو ثورة حقيقية وطالبوا بدعم شبابها، أما فريق العجائز فقد طالب بالتلكؤ، وعدم التخلى عن الحليف حسنى مبارك. إلا أن كلا الفريقين اتفقا على شىء واحد وهو أن عملية الانتقال الديمقراطى ليست أمرا سهلا وستأخذ سنوات عديدة، وسيتخللها الكثير من الفوضى. وبدأ المستشارون فى طرح العديد من الأسئلة التى يجب أن يطرحوا إجابات لها على الرئيس ومن تلك الأسئلة: حال تطور الأمر فى مصر ماذا سيكون رد فعل الإدارة الأمريكية إذا ما فتحت قوات الجيش النار على المتظاهرين؟ وهل ينبغى لواشنطن أن تتعامل مع من يخرج فائزا مما يحدث فى مصر أيا ما كان؟ وكيف يمكن لواشنطن أن تتعامل مع قوى إسلامية قد تناصب إسرائيل العداء أو لا تعترف بحقوق النساء والأقباط إذا ما فازت فى انتخابات حرة؟ هل تستمر واشنطن فى تقديم مساعدات عسكرية واقتصادية لمصر حتى لو جاء رئيس مصرى يهدد اتفاقية السلام مع إسرائيل؟

وسيطر على فريق مستشارى أوباما خبرتان تاريخيتان أليمتان بالنسبة لواشنطن. الثورة الإيرانية التى اندلعت عام 1979 ضد أحد أهم حلفاء واشنطن فى الشرق الأوسط، الشاه محمد رضا بهلوى، والتى انتهت بنجاح الثورة وتأسيس دولة دينية تحت زعامة آية الله الخومينى، وما تبع ذلك من معاداة الولايات المتحدة والغرب لهذه الدولة حتى يومنا هذا. النموذج الثانى كان نجاح تنظيم حماس فى الفوز بالانتخابات الفلسطينية عام 2006، وهى التجربة الثانية التى لم تغب عن ذهن خبراء ومسئولى مجلس الأمن القومى المعاون للرئيس الأمريكى.

كان صوت كلينتون هو الأعلى بين أفراد فريقها المحافظ تحذيرا من أن البديل الوحيد لنظام مبارك هو حكم الإسلاميين. وكانت الوزيرة الأمريكية وغيرها من مسئولى الإدارة يقدرون صدق ودقة الرئيس السابق حسنى مبارك فى تحذيره المتكرر للإدارات الأمريكية من أن البديل الوحيد لنظامه غير الديمقراطى هو حكم القوى الإسلامية بقيادة جماعة الإخوان المسلمين. وكان اختيار غالبية الشعب المصرى لرئيس إسلامى هو اللاعب الرئيسى فى محددات السياسة الأمريكية.

سخر القدر من كلينتون التى دعمت نظام مبارك فى أول أيام الثورة مخافة صعود الإسلاميين، وأوصلها لتتلقى بيضا وطماطم بعد اتهامها بدعم أعداء مبارك من الإسلاميين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.