فيما يبدو مؤشرا على تغيير كبير ربما سيطرأ على العلاقات الأمريكية المصرية، وعلى غير العادة، اجتمع فى البيت الأبيض أمس الأول ممثلو «فريق العمل الأمريكى بشأن مصر» Working Group on Egypt مع مستشارى الرئيس باراك أوباما فى مجلس الأمن القومى، اللذين يشرفان على ملفات الشرق الأوسط، دينيس روس، ودان شابيرو، لحث الإدارة على ممارسة مزيد من الضغوط على الرئيس مبارك من أجل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة. وفى الماضى كانت مثل هذه الاجتماعات تعقد مع مسئولين تابعين للخارجية، التى كان لها اليد العليا فى تناول هذا النوع من القضايا مع مصر، مثل الديمقراطية والانتخابات وحقوق الإنسان والأقليات، تاركة الملفات الأكثر حساسية، كقضايا التعاون الأمنى والدفاعى والمخابراتى للبيت الأبيض. وعقب الاجتماع، الذى شاركت فيه المشرفة على العلاقات الدولية فى المجلس، المقربة من أوباما، سامنتا باور، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومى مايك هامر، إن «خبراء المجلس عرضوا على أعضاء فريق العمل الأمريكى من أجل مصر جهود البيت الأبيض لدعم حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدنى والمنافسة السياسية المفتوحة والانتخابات ذات المصداقية والشفافية، ومنها برامج جديدة لتمويل المجتمع المدنى». هامر أضاف أن «أعضاء فريق مجلس الأمن القومى شددوا على استمرار جهود إدارة الرئيس أوباما للضغط على الحكومة المصرية للقبول بعملية سياسية تنافسية ومفتوحة، والسماح للمراقبين الدوليين والمحليين بمتابعة الانتخابات المقبلة». وجاء الاجتماع، الذى دام ساعة، وسط أنباء عن إعادة الرئيس أوباما تشكيل سياسته الخارجية تجاه قضية الديمقراطية فى الشرق الأوسط، والتركيز على مصر بصورة أساسية. وكان فريق العمل الأمريكى قد اشتكى فى السابق تجاهل البيت الأبيض لغياب الديمقراطية فى مصر، وضعف تجاوب إدارة أوباما مع مساعيهم للضغط على نظام الرئيس مبارك لتعزيز الإصلاح السياسى. وأوضح الباحث فى معهد بروكينجز، روبرت كاجان، أن «القلق إزاء القضايا المحيطة بالخلافة والحريات السياسية وحقوق الإنسان فى مصر»، كان الدافع وراء عمل الفريق. كاجان قال أيضا لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية إن «اجتماع الثلاثاء تأخر ستة أشهر»، معتبرا أنه «من الصعب اللحاق بالانتخابات البرلمانية (المصرية) نهاية الشهر الحالى، إلا إننى سعيد لاهتمام الإدارة أخيرا بقضية الديمقراطية فى مصر». وكان فريق العمل الأمريكى من أجل مصر قد بدأ أعماله فى فبراير الماضى بمبادرة جمعت كاجان مع ميشيل دان، الباحثة بمؤسسة كارنيجى، وجذبا قائمة من الباحثين المهتمين بالشأن المصرى، فضلا عن مسئولين سابقين ممن يشعرون بضرورة اهتمام إدارة أوباما أكثر بملف الديمقراطية فى مصر. وفى مايو الماضى، أرسل الفريق خطابين لوزيرة الخارجية هيلارى كلينتون؛ لحثها على تشجيع الإصلاح الديمقراطى، وإقناع الرئيس مبارك بإلغاء حالة الطوارئ فورا مع اقتراب الانتخابات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وقد وصلها الخطاب الثانى خلال زيارة الرئيس مبارك لواشنطن فى أغسطس الماضى. وبالرغم من رد كلينتون على الرسالة قائلة إن الإدارة «ملتزمة تماما بدفع عملية الإصلاح السياسى فى مصر»، إلا أن دان ترى أن «الإدارة لا تملك إستراتيجية لتنفيذ ذلك، ولا تشغل نفسها بما فيه الكفاية للتفكير فى إيجاد حوافز أو عقوبات على النظام المصرى». ويكثف الفريق جهوده خلف الكواليس لتغيير هذا الوضع، فمنذ تأسيسه اجتمع أعضاء من الفريق مع مسئولين فى الإدارة ومن الكونجرس فى لقاءات رسمية وغير رسمية. وبحسب دان فإن فريق العمل الأمريكى من أجل مصر يتبنى نهجا معتدلا: «لا نقول بقطع العلاقات ولا المساعدات.. ندعو الولاياتالمتحدة فقط لإبداء اهتمام جاد بمصر، واستخدام أى نفوذ لديها (واشنطن) لتشجيع مصر على ضمان مزيد من الحريات السياسية ومزيد من الحقوق المدنية للشعب المصرى». وتزامن اجتماع الثلاثاء، مع انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، التى منى فيها حزب أوباما بنكسة انتخابية، إذ انتزع الجمهوريون السيطرة على مجلس النواب وقلصوا أغلبية الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ. ورغم خسارة السيناتور الديمقراطى عن ولاية ويسكونسن روس فينجولد، مقدم مشروع قرار دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان فى مصر، فإن هذه الخسارة لن تؤثر على مصير المشروع، الذى يتبناه 11 عضوا من الحزبين، إذ يحظى بدعم واسع بين الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء. ويطالب هذا المشروع بإلغاء قانون الطوارئ، وأن يحل محله قانون لمكافحة الإرهاب لضمان أن تكون الانتخابات المقبلة «حرة وعادلة وشفافة ومعبرة عن إرادة الناخبين»، فضلا عن مطالبته الحكومة المصرية بالسماح لمراقبين دوليين بالمشاركة فى الإشراف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وسيبدأ الكونجرس الجديد أعماله فى يناير المقبل، غير أنه من المتوقع تمرير مشروع القرار فى نوفمبر 2011. الأمريكيون يعاقبون أوباما وينقلون أغلبية مجلس النواب إلى الجمهوريين اقرأ ص9 سكوبى: الرقابة المحلية كافية «المراقبة المحلية لانتخابات مجلس الشعب المقبلة كافية لضمان نزاهتها»، هكذا قالت مارجريت سكوبى، السفيرة الأمريكية فى مصر، خلال زيارتها لجامعة أسيوط، أمس. وقالت سكوبى، إن «الرئيس أوباما أكد عدم تدخله فى فرض الحريات على الدول، حفاظا على سيادتها وأمنها الداخلى»، مشيرة إلى أن «أكثر الدول احتراما للحريات هى أكثر الدول تقدما»، حسب تعبيرها.