ثمة من يعتقد أن سنة 2012 ستكون سنة انتخابات فى إسرائيل، وأن بنيامين نتنياهو وأفيجدور ليبرمان وصلا إلى هذه القناعة. وهذا ليس مفاجئا، إذ يعتقد نتنياهو، وهو محق فى اعتقاده، أن شعبيته وسط الجمهور ستمنح حزبه تأييدا واسع النطاق، وحتى ليبرمان مستعد لهذه المجازفة. يمكننا أن نضيف إلى هذه المعادلة تراجع حزب كاديما والاستقرار الحالى لحزب العمل، الأمر الذى يجعل من الصعب إيجاد بديل جدى للسلطة الموجودة حالياً.
هناك اعتقاد سائد بأن الجمهور يميل إلى تأييد اليمين، وأن هذا التأييد يتزايد ويتصاعد لأسباب ديموجرافية وسياسية وأمنية. إلاّ إننى أشك فى هذا الرأى السائد، فلو خاض الليكود الانتخابات برئاسة ياريف ليفين وزئيف ألكين أو بيجلين (كلهم من صقور حزب الليكود) المؤيدين لتشجيع الاستيطان والتعاون مع المتدينين وإصدار القوانين التى تشكل تحدياً للديمقراطية، لخسر الليكود الانتخابات.
إن نجاح نتنياهو يكمن فى محاولته أن يكون فى الوسط. وهو أعلن استعداده للتوصل إلى تسوية سياسية منطقية، كما أعلن تمسكه بمبادئ الديمقراطية الإسرائيلية.
من هنا فإن نتائج الانتخابات المقبلة للكنيست مرتبطة بصورة كبيرة بطبيعة القائمة التى سيشكلها الليكود، وبمدى اعتدالها، وقدرتها على المحافظة على تأييد اليمين ويمين الوسط. وفى حال ضم نتنياهو باراك إلى لائحة الليكود فإنه قد يتعرض لانتقادات من أفراد حزبه، لكنه فى المقابل سيستغل هذه الخطوة كى يجعل حزبه أقرب إلى الوسط.
فى اعتقادى أن حزب الليكود، مع نتنياهو أو من دونه، هو حزب اليمين الوسط، وحتى لو كانت مواقف نتنياهو السياسية ونظرته الاقتصادية تجعله ممثلاً لليمين، إلاّ أنه اتخذ لنفسه موقعاً مختلفاً فى أوساط الجمهور.
لقد انتهت حركة الاحتجاج الاجتماعى التى اعتبرها كثيرون مجرد سراب. ومع ذلك علينا ألاّ ننسى أن مئات الآلاف تمنوا نجاحها وتعاطفوا معها. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحركة الاحتجاجية لا تنتمى فعلاً إلى اليمين، وليست قريبة منه، لأن الذين يتطلعون إلى التغيير الاقتصادى الاجتماعى يرغبون أيضاً فى تغيير أسلوب الحكم فى إسرائيل، وأجواء التعامل مع الأقليات بمن فيهم الأقلية العربية.
إن البدائل الممكنة للسلطة القائمة ليست بالضرورة فى الأحزاب الموجودة حالياً، بل ربما تكون فى الحركات الجديدة التى قد تنشأ وتجذب أصوات الناخبين من أحزاب الوسط واليسار، والتى تحظى بتأييد داخل أوساط اليمين، ولا سيما من جانب الشبان الذى سيصوتون لأول مرة.
لا أعتقد أن فى إمكان كتلة من الوسط واليسار أن تشكل حاجزاً أمام قيام حكومة يمينية رجعية وخطرة، ولا أعتقد أيضاً أن هناك إمكانا لقيام حكومة مختلفة تماماً لأن هذا الأمر ليس واقعياً. لكننى أرى أن التعاون بين نتنياهو وبين أطراف مثل حزب العمل وكاديما والأحزاب الجديدة، يمكن أن يؤدى إلى تأليف حكومة لا تخضع لضغط المتطرفين الذين يسيئون إلى دولة إسرائيل.