ضبط طالب بالقاهرة لقيامه بالتحرش بسيدة تحمل جنسية إحدى الدول    محافظ قنا: وضع لوائح انضباط على مداخل المستشفيات لبيان حقوق وواجبات المرضى    وزير السياحة والآثار يشارك في الاحتفال بالعيد الوطني لدولة روسيا    نابولي يضم دي بروين بعد نهاية رحلته مع مانشستر سيتي    الجيش الإسرائيلي يوجه تحذيرًا عاجلا لسكان عدة مناطق في غزة    أحباط زواج قاصر في يوم زفافها بقنا    فلسطين تتقدم بشكوى للفيفا بعد ضياع حلم التأهل لكأس العالم 2026    إنتر ميامي في كأس العالم للأندية 2025| الحلم الأمريكي بقيادة ميسي    نائب محافظ الوادي الجديد تتابع سير العمل بمشروع ميّكنة صندوق استصلاح الأراضي    «مقدرتش أنزل القبر».. أحمد السقا يكشف سبب رفضه دفن صديقه سليمان عيد (فيديو)    الأحد.. ثقافة الفيوم تقيم ورشة مجانية لتعليم كتابة القصة    حقوق إنسان النواب تبحث مع وفد الحوار المصري–الألماني سبل تعزيز العدالة والمواطنة    محافظ الدقهلية يشهد مؤتمر وحدات الكلى بنادي جزيرة الورد بالمنصورة    الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما جديدة على الواردات الزراعية من روسيا وبيلاروس    تجدد الجدل حول اكتشاف مزعوم بشأن مدينة تحت الأهرامات.. ما الحقيقة؟    لعلاج دهون الكبد- تناول هذه المشروبات على الريق    الداخلية تكشف حقيقة احتجاز «مُسنين» والتعدي عليهما بالضرب في المنوفية    بعد تعرضهما لوعكة صحية.. أحمد زاهر يوجه رسالة مؤثرة لابنته ملك ونجل تامر حسني    دعمهم لا يُنسى.. 3 أبراج لديها قدرة خارقة على مواساة الآخرين    "الشؤون الإسلامية" تكثّف جهودها التوعوية في مسجد التنعيم تزامنًا مع توافد المعتمرين    رسميًا.. جالاتا سراي التركي يعلن التعاقد مع ساني    السفير الأمريكى فى إسرائيل يعلن انحيازه لبن جفير وسموتريتش بعد فرض عقوبات عليهما    متحور كورونا الجديد «NB.1.8.1».. تحت المراقبة العالمية    "أكسيوس": نتنياهو طلب من الولايات المتحدة التوسط في المفاوضات الإسرائيلية - السورية    غودار وفلسطين.. حين عاد التجريبى الأكبر فى تاريخ السينما إلى «القضية» بعد صمت طويل    القصة الكاملة لسرقة الدكتورة نوال الدجوي.. من البلاغ لحفظ التحقيقات    فتح باب التقديم للالتحاق بالمدارس الرياضية للعام الدراسي الجديد بالمنوفية (شروط التقديم)    الأزهر للفتوى يعلق على شغل الوقت باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي    شروط سحب مبلغ جدية حجز شقق (سكن لكل المصريين 5) (التفاصيل كاملة)    عرض مالي ضخم يقرب سباليتي من تدريب النصر    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    الأحد 22 يونيو.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن المرحلة الثامنة التكميلية بالعبور الجديدة    ضمن المسرح التوعوي.. قصور الثقافة تختتم عرض «أرض الأمل» بسوهاج    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    محافظ المنيا: إزالة 215 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة والبناء المخالف    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    التحفظ على سلع غذائية ولحوم فاسدة في حملات تموينية موسعة ب قنا    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    "دخل حسابي 1700 يورو؟".. أحمد حمدي يثير الجدل بمنشور جديد    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على مرمى حلم صغير
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 09 - 2011

إننا كمن يحرث فى البحر ويكتب على صفحات الريح، هذا البحر الذى يصطخب بالكراهية والعدوان تجاه عموم النساء، نساء مصر ونساء العالم أجمع، فثورة 25 يناير التى رفعت أنبل الشعارات (حرية، عدالة، كرامة إنسانية) شق أتون لهيبها خطاب سلطوى ذكورى قاهر يدعى امتلاك الحقيقة المطلقة ويزعم لنفسه مرجعية عليا مستمدة من السماء المقدسة، خاصة بعد أن هيمن الخطاب الأصولى بعد حضوره المكثف فى المشهد السياسى والمشهد الإعلامى.
●●●
أفر دفاتر الأيام، تقع عيناى على التاريخ والساعة، إنها الرابعة من مساء يوم الاثنين 19 فبراير 1951، تتحرك الكلمات والجمل وتصبح مشاهد حية، تغص قاعة يوارت بأكثر من ألف امرأة ومئات من أنصارهن من الرجال والصحفيين، على بعد خطوات من دار البرلمان المصرى الذى ستعقد جلسته بعد قليل، تقف بفخر واعتزاز درية شفيق التى تحمل درجة الدكتوراه من السوربون والتى أسست ثلاث مجلات للمرأة وأسست اتحاد بنت النيل بهدف الحصول على حقوق سياسية كاملة للمرأة، تخطب فى الحضور بصوت أشبه بصوت المعدن الذى يصدر رنينا وأنينا، تدعو أبناء الوطن أن يتبنوا مطالب الاتحاد التى تمثلت فى العمل فورا على تعديل قانون الانتخاب على وجه يحقق حصول المرأة المصرية على كامل حقوقها السياسية التى كفلها الدستور، والعمل فورا على إصدار التشريعات اللازمة لحماية الأم والزوجة وضمان استقرار العائلة خصوصا ما تعلق منها بتقييد الرجل فى الطلاق وتعدد الزوجات، وتقرير المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة فيما يتصل بحرية العمل وظروفه خصوصا فيما يتعلق بالمساواة والأجر، بعد الخطبة سار الزحف النسائى إلى البرلمان واندفعن إلى الداخل وقررت النساء الاعتصام بالبرلمان ورفضن الخروج منه قبل أن تأخذن وعدا قاطعا صريحا بالاعتراف بحقوقهن الانتخابية كسائر المواطنين، وقد أثار هذا الفعل غضبا بين المحافظين الإسلاميين، كما أرسل رئيس الجمعيات الإسلامية فى مصر والذى ضم الإخوان المسلمين برقية احتجاج للملك مطالبا فيه بإلغاء الهيئات النسائية التى تدعو إلى المشاركة السياسية وبإجبار النساء على العودة إلى بيوتهن وفرض ارتداء الحجاب.
واصلت درية النضال من أجل الحقوق السياسية للمرأة بعد ثورة 1952، لأن الثورة أبعدت النساء عن المشاركة السياسية، وفى مارس 1954 تم تشكيل مجلس دستورى لتبنى الدستور الجديد ولم يكن بالمجلس مكان للنساء، وأدركت درية أن بدون نساء يمكن للمجلس أن يتبنى دستورا لا يوفر للمرأة حقوقها، فقررت بأن تقوم بإضراب عن الطعام، وأعلنت أنها لن تقبل أبدا أن يحكمها دستور «لم يكن للمرأة دور فى إعداده»، وانضم إليها فى إضرابها أربع عشرة امرأة من القاهرة والإسكندرية، وأتاح دستور 1956 للمرأة حق التصويت ولكنه قصر هذا الحق على من تطلبه من النساء، وهو شرط لم ينطبق على الرجال فسجلت درية شفيق اعتراضا قانونيا أعلنت فيه أن اتحاد بنت النيل يرفض قبول «كسرة» من الحقوق السياسية. وفى عام 1956 قدمت احتجاجا آخر أكثر حدة وأعلنت للرئيس جمال عبدالناصر وللصحافة المصرية أنها ستقوم بإضراب عن الطعام حتى الموت احتجاجا على انتهاك حريتها الإنسانية على الجبهتين الخارجية والداخلية (الاحتلال الإسرائيلى على الأراضى المصرية وبداية الديكتاتورية التى ستقود مصر إلى الإفلاس والفوضى)، وقد حدد عبدالناصر إقامتها فى منزلها وأغلق اتحاد بنت النيل واستمرت درية شفيق فى الكتابة ولكنها أصيبت بعدة انهيارات عصبية انتهت بانتحارها فى عام 1976.
●●●
مرت الأيام وتوالت العهود والنساء تناضلن للحفاظ على علم الحرية من السقوط، منذ قرون والذكورة مبتهجة بانتصاراتها، مفتونة بكمش الزمن فى قبضتها، ما أشبه اليوم بالبارحة، خمسون عاما مضت على نضال درية شفيق من أجل الحقوق السياسية للمرأة ومازالت الهيمنة الذكورية مسيطرة، تلك الهيمنة التى تجر وراءها غل وكراهية ووحشية ضد النساء فى شكل فتاوى وقوانين وأعراف وممارسات اجتماعية تجعلها تأخذ قدسية دينية لتحظى بقبول اجتماعى واسع رغم التجاوزات وطابعها المنافى للعدالة وللحقوق الإنسانية، ولقد اثار مشروع قانون الأحوال الشخصية والأسرة الذى تقدم به فى أواخر شهر يوليو الماضى رئيس محكمة استئناف الأسرة عبدالله الباجا إلى رئيس الوزراء عصام شرف جدلا واسعا، هذا القانون الذى طالب بإلغاء الخلع وتغيير إجراءات رؤية الأطفال، ويعمل على إلغاء كل المكاسب القانونية التى حصلت عليها المرأة فى العقد الماضى بحجة أنها قوانين سوزان مبارك، وقد تضافر ذلك مع تشكيل وزارى خلا من أى وجود لامرأة واحدة فيما عدا الاحتفاظ بوزيرة التعاون الدولى وكأن مصر عدمت نساءها وغابت عنها النساء الكفؤات.
●●●
الحكومة لا تستمع لصوت النساء، على الرغم أنه تم إرسال عدة بيانات احتجاجية لحكومة شرف من ائتلاف المنظمات النسوية وتم تضمين مطالبهن تحت عنوان «ماذا تريد نساء مصر» كما عقدت النساء عدة لقاءات معه للتأكيد على أنه لا يليق بحكومة تم تشكيلها نتيجة ثورة عارمة فى البلاد أن تجور على حقوق النساء وأن تستولى على إنجازاتها وتلقى بها فى المياه العطنة، لأن هذا يعتبر إخلالا بمبدأ المواطنة والمساواة والذى يعتبر أساسا حاكما لمصر بعد ثورتها الفتية، ومنذ البدايات الأولى للثورة ظهر هذا الإقصاء المتعمد للنساء بداية من اختيار أعضاء لجان تعديل الدستور مرورا بتغيير حركة المحافظين وإلغاء قانون الكوتة وتجاهل إصلاح وإعادة هيكلة المجلس القومى للمرأة وانتهاء بالتشكيل الوزارى الحالى.
إن نساء مصر تتطلعن إلى الحرية والعدالة التى لن تتأتى إلا بوضع مبدأ المساواة وعدم التمييز بين النساء والرجال فى كل المجالات كمبدأ أساسى من مبادئ الدولة المصرية ضمن المبادئ والقيم الحاكمة للدستور، وكذلك الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق النساء وحقوق الإنسان وأن تراعى الدولة تحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين والمواطنات فى الحصول على العمل والتعيين والتمتع بالامتيازات فى شغل المناصب العامة وأن تكفل الدولة الظروف الضامنة لذلك وتعمل على حماية مصلحة الطفل الفضلى كما يجب أن تكفل الحقوق الصحية والتعليمية وجميع الحقوق المدنية للطفل واتخاذ التدابير اللازمة لذلك.
●●●
على مرمى حلم صغير كانت درية شفيق وأخريات من النساء المناضلات يمشين على قلوبهن فينكسر الفضاء وتتزلزل السماء، وتميد الأرض من تحتهن ويقاومن.. تجرى مياه وأنهار وتنبت أعشاب خضراء على جدران الحرية، يتحالف معهن الزمن حينا ويغدر بهن حينا آخر، تضيق بهن الطرق وتتسع والمعركة مستمرة، يكابدهن الغدر وعواء الذئاب ،يتوحدن يدافعن عن وجودهن، يقاومن الغرق والليل والريح لكنهن دائما يغنين للحب والحياة، يلثمن ثغر الصباح ويزرعن الورد لينثرن على الدنيا الرحيق الصافى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.