نتيجة الحصر العددي للدائرة الثالثة بمركز أبو حمص بالبحيرة    الأنبا رافائيل يدشن مذبح الشهيد أبي سيفين بكنيسة العذراء بالفجالة    أسعار اللحوم بداية تعاملات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    أسعار الدولار اليوم الجمعة الموافق 5 ديسمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت في الأسواق 5 ديسمبر 2025    أبرز البنود للمرحلة الثانية من اتفاق إنهاء حرب غزة    بوتين ومودي يبحثان التجارة والعلاقات الدفاعية بين روسيا والهند    تعرف على موعد مباراة منتخب مصر والإمارات فى بطولة كأس العرب    الارصاد الجوية: تغيرات جوية مفاجئة وتحذير من الشبورة الكثيفة    عاجل.. قطع الكهرباء اليوم ل3 ساعات عن منشآت حيوية    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    مراجعة فورية لإيجارات الأوقاف في خطوة تهدف إلى تحقيق العدالة    لسه ما شفتش الوجه الحقيقي، خليفة "أبو الشباب" يتوعد حماس من داخل مستشفى إسرائيلي    شوقي حامد يكتب: غياب العدالة    ضمن «صحّح مفاهيمك».. أوقاف المنيا تنظّم ندوة بعنوان «احترام الكبير»    آداب سماع القرآن الكريم.. الأزهر للفتوي يوضح    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    خاطر يهنئ المحافظ بانضمام المنصورة للشبكة العالمية لمدن التعلّم باليونسكو    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة قبيا غرب رام الله بالضفة الغربية    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    الصحة: الإسعاف كانت حاضرة في موقع الحادث الذي شهد وفاة يوسف بطل السباحة    صحة الغربية: افتتاح وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بمستشفى حميات طنطا    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    الجيش الأمريكي يعلن "ضربة دقيقة" ضد سفينة مخدرات    وست هام يفرض التعادل على مانشستر يونايتد في البريميرليج    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    نجوم العالم يتألقون في افتتاح مهرجان البحر الأحمر.. ومايكل كين يخطف القلوب على السجادة الحمراء    دنيا سمير غانم تتصدر تريند جوجل بعد نفيها القاطع لشائعة انفصالها... وتعليق منة شلبي يشعل الجدل    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    مصادرة كميات من اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي بحي الطالبية    نتائج االلجنة الفرعية رقم 1 في إمبابة بانتخابات مجلس النواب 2025    كأس العرب - يوسف أيمن: كان يمكننا لوم أنفسنا في مباراة فلسطين    صفر صوت ل 20 مرشحًا.. أغرب لجنتي تصويت بنتائج الفرز الأولية للأصوات بانتخابات النواب بقنا    بالأسماء.. إصابة 9 أشخاص بتسمم في المحلة الكبرى إثر تناولهم وجبة كشري    ضبط شخص هدد مرشحين زاعما وعده بمبالغ مالية وعدم الوفاء بها    صاحبة فيديو «البشعة» تكشف تفاصيل لجوئها للنار لإثبات براءتها: "كنت مظلومة ومش قادرة أمشي في الشارع"    د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!    سبحان الله.. عدسة تليفزيون اليوم السابع ترصد القمر العملاق فى سماء القاهرة.. فيديو    كيف يقانل حزب النور لاستعادة حضوره على خريطة البرلمان المقبل؟    أخبار × 24 ساعة.. وزارة العمل تعلن عن 360 فرصة عمل جديدة فى الجيزة    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    محمد موسى يكشف أخطر تداعيات أزمة فسخ عقد صلاح مصدق داخل الزمالك    محمد إبراهيم: مشوفتش لاعيبة بتشرب شيشة فى الزمالك.. والمحترفون دون المستوى    مصدر بمجلس الزمالك: لا نية للاستقالة ومن يستطيع تحمل المسئولية يتفضل    مراسل اكسترا نيوز بالفيوم: هناك اهتمام كبيرة بالمشاركة في هذه الجولة من الانتخابات    أحمد سالم: مصر تشهد الانتخابات البرلمانية "الأطول" في تاريخها    رئيس مصلحة الجمارك: ننفذ أكبر عملية تطوير شاملة للجمارك المصرية    "لا أمان لخائن" .. احتفاءفلسطيني بمقتل عميل الصهاينة "أبو شباب"    ترامب يعلن التوصل لاتفاقيات جديدة بين الكونغو ورواندا للتعاون الاقتصادي وإنهاء الصراع    العزبي: حقول النفط السورية وراء إصرار إسرائيل على إقامة منطقة عازلة    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    فرز الأصوات في سيلا وسط تشديدات أمنية مكثفة بالفيوم.. صور    بعد إحالته للمحاكمة.. القصة الكاملة لقضية التيك توكر شاكر محظور دلوقتي    كاميرات المراقبة كلمة السر في إنقاذ فتاة من الخطف بالجيزة وفريق بحث يلاحق المتهم الرئيسي    "المصل واللقاح" يكشف حقائق صادمة حول سوء استخدام المضادات الحيوية    سلطات للتخسيس غنية بالبروتين، وصفات مشبعة لخسارة الوزن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموجة الأولى من الحراك الشبابى الشعبى: الحصاد والمستقبل
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 02 - 2011

فى نهاية ديسمبر الماضى، كنت قد فرغت من مطالعة كتاب «الاقتصاد السياسى لمصر: دور علاقات القوة فى التنمية»، للأستاذة الدكتورة نادية رمسيس فرح أستاذة الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. ولأهمية الكتاب القصوى قررت أن أكتب عنه. وما أن هممت فى ذلك، وقعت الواقعة الأليمة المتمثلة فى تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية حيث احتلت الواقعة بؤرة الاهتمام.. وما أن شرعت فى الكتابة عن الكتاب مرة أخرى حتى حدث الحراك الشبابى الشعبى، فأجلنا الكتابة عن الكتاب.. خلال هذه الفترة كتبنا أربعة مقالات (حول حادث الكنيسة: «رسالة إلى الوطن» 3/1/2011، و«إنها الطبقة الخطيرة» 17/1/2011، وعن الحراك الشبابى الشعبى: «عن أحوالنا التى رفضتها مصر الشابة 31/1/2011». و«مرحبا بالطبقة الوسطى 14/2/2011»، أشرنا فيه إلى الحضور المهم للطبقة الوسطى بمستوياتها فى هذا الحراك)، وجدنا كيف أن هناك خيطا ربط بين هذه المقالات بوعى أو غير وعى يحاول أن يفسر ما حصل فى إطار البنية الاقتصادية السياسية القائمة. ووجدت كتاب الدكتورة نادية رمسيس يأتى فى وقته تماما يدعم أطروحاتنا ويعمقها بإلقاء الضوء حول ما جرى فى مصر من تحولات اقتصادية سياسية.. الأمر الذى يعين فى فهم لماذا تتراوح مشاعرنا بين الفرح الغامر بما تم إنجازه والقلق الكبير عليه.. ذلك لأن ما جرى فى ظنى هو «موجة أولى» Wave One، إذا جاز التعبير من جهة، وأن تناقض المشاعر لا تفسير لها ما لم نقترب من البنية الاقتصادية ودراسة طبيعة علاقات القوة وتوزيعها فى بنية الدولة المصرية.. ووجدت الكتاب يقدم التفسير لذلك.
علاقات القوة بين الاقتصاد والسياسة فى مصر
تقوم المؤلفة بتتبع ما جرى فى مصر من تحولات اقتصادية وسياسية منذ تأسيس الدولة الحديثة فى مصر عام 1805 وإلى عام 2005. ومدخلها الرئيسى فى ذلك هو بحث علاقات القوة التى أدت إلى ذلك. أو ما هى القوة التى سادت وعلى حساب من، خلال المراحل التاريخية المتعاقبة على مدى مائتى سنة. وأخيرا ومن خلال التركيز على الفترة الممتدة من عام 1990 إلى عام 2005 يرصد الكتاب أى قوة كان لها الغلبة.
من البداية، تقول المؤلفة: لقد حلت نخب رجال الأعمال محل النخب البيروقراطية التى سادت الفترة 1956 1990 باعتبارها مصدر دعم حيوى ومهم للنظام الحاكم. فضلا عن استيلائها على مكان النخب السياسية التقليدية والقوات المسلحة. وأنه وللمرة الأولى منذ عام 1952 «تتخلى الحكومة عن كل دعاوى الشعبوية ويصير توزيع القوة مائلا بشدة نحو نخبة صغيرة جدا».
فى هذا السياق، نشير إلى أننا كنا قد لفتنا النظر إلى أهمية التقرير الصادر عن مكتب البنك الدولى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (وتقع مصر والجزائر فى نطاقه) تقرير 2009 والذى حذر فيه من الامتيازات التى قد تعطى «للبعض» فى مجال الاستثمار على حساب الكثيرين، وتغليب المصالح الضيقة على المصالح العامة.. فالتقرير الذى يقع فى 278 صفحة من القطع الكبير، يحذر من احتكار وهيمنة قلة على الفرص الاستثمارية دون غيرها. يقول هذا البنك الدولى الأكثر هو مطالبته بضرورة تغيير هذا الوضع ولذا جاء عنوان التقرير من الامتيازات Privilege إلى المنافسة حيث ينتقد الامتيازات التى تمنح لبعض المستثمرين دون غيرهم من جهة، ويعكس تنافسا غير عادل من جهة أخرى.. هذه القلة الثروية التى باتت النخبة المهيمنة على كل شىء عكست ما يلى:
طبيعة التحالفات القائمة بين «الثروة/البيزنس والسلطة»، والتى يريد أصحابها أن تظل أبدية لا يمسها أحد.
حصر عناصر النخبة العاملة فى الاستثمار فى شرائح بعينها دون غيرها، ما يجعل الاستثمار فى إطار نخبة مغلقة، وهنا مكمن الخطورة.. كيف؟
شبكة الامتيازات المغلقة
خلق التحول الحاسم من قبل الدولة فى دعم قوة نخُب رجال الأعمال الجديدة، إلى خلق ما يمكن تسميته ب«شبكة المصالح الاستثمارية المغلقة». وفى الواقع فإن الدولة بانحيازها للقلة ومنحها امتيازات خاصة، فإنها تخل بتطبيق القانون من جهة المساواة المطلوبة وتوفير تكافؤ الفرص بين كل من يريد التصدى للعمل الاستثمارى. وعليه اقتصار ملكية الكعكة على البعض. لذا فليس صدفة أن يواكب ذلك التحول بحسب نادية رمسيس فرح بعض من التعديلات الدستورية التى تعكس تناقضا واضحا حيث تتيح مبدأ أن يترشح أكثر من منافس لمقعد رئيس الجمهورية مع وجود ضوابط معقدة تجعل التعديلات أقرب للتفصيل على أفراد بعينهم. وفى نفس الوقت تطلق من سلطات الرئيس. والنتيجة كما تقول فرح:
«دمج شرائح النخب فى جماعة متماسكة، وتحجيم المعارضة السياسية، وتخفيف الصراعات الطبقية تحت راية أيديولوجية جامعة، سواء كانت لأمة بالمعنى القومى أو الأمة الإسلامية».
أصبحت النخبة الجديدة محمية سياسيا بسلطة تقوم بالتخديم عليها من جانب، وبقوة مادية بوليسية. والنتيجة أن اكتسبت القلة الثروية قوة تمكنها من إكراه الآخرين ومن السماح للبعض دون غيرهم من إمكانية الوصول إلى موارد البلاد الاقتصادية والفوائد التى تتيحها، وبقاء الأغلبية بعيدة عن ذلك.
أدى الاختلال فى منظومة القوة إلى هيمنة القلة على مقدرات البلاد واستبعاد الأغلبية وتهميشها من طبقة وسطى ودنيا وضمنها من وصفناهم بالخطيرة. ولم تكن المظاهرات التى بادر بها الأقباط من حزام المدينة أولا، والمظاهرات الشبابية والشعبية ثانيا (التى قادتها الطليعة الشبابية الرقمية ولحقت بها الشريحتان المتوسطة والدنيا من الطبقة الوسطى بداية من 25 يناير وإلى الآن) إلا ما يلى:
تفكيك شبكة الامتيازات المغلقة
وكسر الغطاء الحامى لها من سلطة سياسية وقوة مادية، وإتاحة الفرصة لشرائح اجتماعية أن تعبر عن نفسها سياسيا ولأخرى أن تطالب باستعادة العدالة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، أو بلغة أخرى، إحداث خلل فى منظومة علاقات القوة التى ظنت النخبة الجديدة بأنها قد سادت وباتت أمرا واقعا لا يمكن تغييره.. والسؤال ما الحصيلة؟
حصيلة الموجة الأولى من الحراك ومستقبلها
لا شك فى أن الموجة الأولى من الحراك قد نجحت فى «خلخلة» منظومة القوة القائمة، وهو ما يتجسد فى إنهاء مشروعى التمديد والتوريث تحديدا اللذين يمثلان فى جوهرهما ضمان حماية القلة الثروية وسياستها النيوليبرالية. كذلك نجحت الموجة الأولى فى تجديد حيوية البناء الاجتماعى وتفعيل قوته النسبية وقدرته التفاوضية. ويبقى السؤال ما هو مستقبل هذا الحراك؟
واقع الحال فإن مجرد طرح هذا السؤال يعنى أن زخم الحراك الشبابى الشعبى قد تأثر إيقاعه إلى حد ما لسبب أو لآخر وهو ما تعكسه المشاعر المتناقضة التى أشرنا لها فى المقدمة. وهو ما دفعنا إلى استخدام تعبير «الموجة الأولى»، أى أن مستقبل الحراك بات متوقفا على مدى انطلاق موجة ثانية قد تكون أخيرة لحسم موازين القوة أو أن هذا الحسم سوف يحتاج موجات أخرى.
وفى نفس الوقت، لابد من التأكيد وفى ضوء خبرات الآخرين وتجارب التحول السياسى على أنه بمقدار ما كانت موجات الحراك ذات وعى صائب فى إدراك مصالحها وتعديل علاقات القوة بما يضمن الشراكة بين الجميع على قاعدة المساواة بقدر ما كان التغيير فاعلا وجذريا على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. وعليه يمتنع الخوف من إعادة إنتاج نفس علاقات القوة القديمة مرة أخرى.. ويكون للفرح معناه الأكيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.