ذكر وطعام مجاني، الطرق الصوفية بالإسكندرية تحتفل بالليلة الختامية لمولد أبو العباس (صور)    تنسيق الجامعات 2025، شروط الالتحاق ببعض البرامج المميزة للعام الجامعي 2025/2026    سليمان وهدان يرد على المشككين: حزب الجبهة الوطنية جاء ليُحرك الجمود السياسي    محمود محيي الدين: الاقتصاد المصري تجاوز مرحلة الخطر وخرج من غرفة الإنعاش وهذه نصيحتي للحكومة    سليمان وهدان: المستأجر الأصلي خط أحمر.. وقانون الإيجار القديم لم ينصف المواطن    استغراب واستهجان، بيان عاجل من حماس للرد على إعلان ويتكوف فشل مفاوضات غزة    الشعب الجمهوري يشيد بجهود القيادة السياسية في دعم الشعب الفلسطيني    تفاصيل صفقة الصواريخ التي أعلنت أمريكا عن بيعها المحتمل لمصر    ارتفاع حصيلة القتلى ل 14 شخصا على الأقل في اشتباك حدودي بين تايلاند وكمبوديا    وسيط كولومبوس كرو ل في الجول: صفقة أبو علي تمت 100%.. وهذه حقيقة عرض الأخدود    "قلب أبيض والزمالك".. حامد حمدان يثير الجدل بصورة أرشيفية    الحمامي ورشدي وسهيلة يتأهلون إلى نصف نهائي بطولة العالم لناشئي الإسكواش    منهم هدف الأهلي.. ثنائي مرشح للانضمام إلى الزمالك (تفاصيل)    مدرب حراس الزمالك السابق يتغنى بصفقة المهدي سليمان    العظمى في القاهرة 40 مئوية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    العثور على رضيعة حديثة الولادة أمام مستشفى الشيخ زويد    جوجل تعوّض رجلًا التقط عاريًا على "ستريت فيو"    القبض على طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الجيزة    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    يوسف حشيش يكشف كواليس صعبة بعد ارتباطه ب منة عدلي القيعي    ميريهان حسين على البحر وابنة عمرو دياب مع صديقها .. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    "صيفي لسه بيبدأ".. 18 صورة ل محمد رمضان على البحر وبصحبة ابنته    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    سعاد صالح: النقاب ليس فرضًا أو سنة والزواج بين السنة والشيعة جائز رغم اختلاف العقائد    محافظ الإسكندرية يبحث استعدادات تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل (صور)    مبارتان وديتان للزمالك عقب نهاية معسكر العاصمة الإدارية    في ختام معسكر الإسكندرية.. مودرن سبورت يتعادل وديًا مع زد بدون أهداف    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    داليا عبدالرحيم تنعى أسامة رسلان متحدث «الأوقاف» في وفاة نجل شقيقته    طارق فهمي: أكثر من 32 حركة احتجاج في تل أبيب ترفض الواقع الإسرائيلي    ماذا قال مندوب مصر بالأمم المتحدة في جلسة مجلس الأمن بشأن الوضع في الشرق الأوسط؟    "كنت فرحان ب94%".. صدمة طالب بالفيوم بعد اختفاء درجاته في يوم واحد    جريمة قتل في مصرف زراعي.. تفاصيل نهاية سائق دمياط وشهود عيان: الجاني خلص عليه وقالنا رميته في البحر    ادى لوفاة طفل وإصابة 4 آخرين.. النيابة تتسلم نتيجة تحليل المخدرات للمتهمة في واقعة «جيت سكي» الساحل الشمالي    نقلة نوعية في الأداء الأمني.. حركة تنقلات وترقيات الشرطة وزارة الداخلية 2025    أسامة كمال: ضحينا بثرواتنا و100 ألف شهيد.. ومن تخلوا عن القضية الفلسطينية يدَعون البطولة    ما هي عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص؟.. القانون يجيب    وكيل النواب السابق: المستأجر الأصلي خط أحمر.. وقانون الإيجار القديم لم ينصف المواطن    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    بدأت بفحوصات بسيطة وتطورت ل«الموضوع محتاج صبر».. ملامح من أزمة أنغام الصحية    إليسا تشعل أجواء جدة ب«أجمل إحساس» و«عايشة حالة حب» (صور)    «ربنا يراضيه».. فيديو لرجل مرور يساعد المارة ويبتسم للسائقين يثير تفاعلا    الثقافة المصرية تضيء مسارح جرش.. ووزير الثقافة يشيد بروح سيناء (صور)    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 25 يوليو 2025    سعر المانجو والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    «العمر مجرد رقم».. نجم الزمالك السابق يوجه رسالة ل عبد الله السعيد    لتخفيف حرقان البول في الصيف.. 6 مشروبات طبيعية لتحسين صحة المثانة    حقيقة رسوب 71% من طلال أولى طب بقنا و80% بأسنان في جامعة جنوب الوادي    وزير الطيران المدني يشارك في فعاليات مؤتمر "CIAT 2025" بكوريا الجنوبية    انطلاق مؤتمر جماهيري حاشد بقنا لدعم مرشحة الجبهة الوطنية وفاء رشاد في انتخابات الشيوخ    أسباب تأخر إعلان الحد الأدنى للمرحلة الأولى لتنسيق الجامعات 2025    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    "الصحة" تتخذ خطوات للحد من التكدس في المستشفيات    جولة مفاجئة لوكيل صحة المنوفية.. ماذا وجد فى مستشفى حميات أشمون؟    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع التأمين الصحي الشامل لتقديم خدمات طبية متكاملة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطنة المصرية.. مسارها ومستقبلها
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 01 - 2012

فى غمرة العملية السياسية التى تشهدها مصر والتى تتجلى فى الانتخابات البرلمانية إحدى مراحل خارطة الطريق السياسية التى تم تنفيذها فى ظل حراك شبابى شعبى لم يهدأ من طرف، تواجهه قوة مؤسسية مادية ومعنوية من على الطرف الآخر، وهو ما وصفناه من قبل «بصراع الشرعيات: الميدان والبرلمان والعنفوان». يصدر كتاب: «المواطنة المصرية: حركة المحكومين نحو المساواة والمشاركة»، للراحل العلامة الفقيه القانونى، والمؤرخ، والمثقف الموسوعى وليم سليمان قلادة (1924 1999). الكتاب وإن تأخر صدوره، لاعتبارات تم شرحها فى مقدمة الكتاب، إلا أنه وكما ورد فى هذه المقدمة أنه فى «كل تأخير خير». فالكتاب (ومن خلال 450 صفحة من القطع الكبير) يتناول المسيرة النضالية للمصريين عبر التاريخ من أجل اختراق حاجز الحكم والسلطة وبلوغ المواطنة فى أجل ملامحه من حيث المساواة والمشاركة.. يسبق المسار التاريخى بعض المبادئ الدستورية التى وضعها المؤرخ الكبير كإطار عام لدراسته التاريخية.. فى ظنى أن الكتاب يحمل الكثير الذى يمكن أن يثرى نقاشاتنا حول نضال المصريين وما يستحقونه من جهة، وحول نضالنا الدستورى من جهة أخرى، ويضىء لنا بعض الإضاءات التى تنفع فى الجدلية الصراعية الحالية.. كيف؟

المواطنة: اختراق المحكومين لحاجز السلطة

يبدأ قلادة كتابه بمقولة تشير إلى أنه «تتبدى فى كل المجتمعات ظاهرة أساسية دائمة: أولا: ثمة الحكام الذين يفرضون إرادتهم على الآخرين ولديهم القدرة على ذلك. وثانيا: المحكومون الذين يكونون فى موقع الطاعة. وهنا يثير الكاتب سؤاله الرئيس: «هل هذه العلاقة السياسية هى مجرد واقعة مادية بسيطة قوامها الإجبار. الحاكم فيها منفصل عن الشعب، يأمره من خارج الجماعة، ويتحمل المحكومون ذلك كقضاء محتوم دون فرصة لفهم ما وراء هذا الموقف،أو المشاركة فى صنعه، بل يكون سبب قدرة الحاكم عجز المحكومين.. وبذلك تؤول العلاقة السياسية إلى مجرد موقف بدائى طرفاه القوة القادرة والضعف العاجز، الأمر من جانب والطاعة من جانب آخر».

يرفض الكاتب هذا المنطق ويقول إن العلاقة السياسية لا تكون مقبولة «إلا فى إطار يضم الحكام والمحكومين ويربطهما بمفهوم يتجاوزهما معا وإليه يكون ولاؤهما». وهذا يعنى أن أى علاقة عكس ذلك تكون غير شرعية وهو ما يدفع بالمحكومين أن يتحركوا من أجل تغيير هذه الوضعية، خاصة «إذا ما استخدم الحكام القوة المادية كى تضمن طاعة المحكومين».. ما يعنى أن «السلطة صارت مزعزعة، فالدكتاتورية مرض يصيب السلطة وينشأ من فقدان اقتناع المحكومين بالسلطة القائمة وغياب العنصر المعنوى الذى وظيفته هى إقناع المحكومين»، وعليه تكون السلطة بعد شرعية.

ونقطة انطلاق الشرعية هى «أن أى نظام سياسى أصيل، يجب أن ينطلق من مفاهيم تحفظ للإنسان كرامته، وتضمن حقوقه،وتؤكد وحدة الجماعة».

فى ضوء ما سبق يقول وليم سليمان قلادة إن هناك حقيقة أساسية فى التاريخ المصرى هى أن «الانفصال القاطع بين الفئة الحاكمة وبين الأهالى المحكومين استمر على مدى قرون». استمر هذا إلى أن نجحت الحركة الدستورية فى إقرار «مبدأ المواطنة».. إلا أن هذا لا يعنى نهاية المطاف.

فإقرار مبدأ المواطنة لم يتم إلا بعد نضال طويل وعبر قرون. فلقد كانت هناك دوما إثنية حاكمة فى مواجهة المحكومين من المصريين. بيد أن هذا الإقرار لا يعنى نهاية النضال لأن العبرة بأداء الحكام وهل يقيمون شرعية حكمهم على «أسانيد يمارسون على أساسها إخضاع المحكومين، وضمان بقاء السلطة فى أيديهم، واستمرار تداولها فيما بينهم».. فى إطار قلة وشبكة مغلقة.. «طبقا للنظم التى أقاموها لتأييد مراكزهم دون اعتبار لرأى المحكومين. هذه الأسانيد والنظم التى هى مضمون فقه الحكام». إذا كان هذا هو الحال فعلى المحكومين أن يفرضوا فقها مغايرا هو «فقه المحكومين»، ذلك باختراق حاجز السلطة وتجديد المواطنة ببعديها: المساواة والمشاركة، ووضع فقه المواطنة فى نص دستورى جديد يتجاوز ما سبق.

المواطنة: حركة وفقه/ نص

ما أن يتحرك المصريون نحو المواطنة فإن هذا يؤدى إلى تأسيس وضع جديد. فاختراق حاجز السلطة وتحول الرعايا إلى مواطنين وجلوسهم فى مراكز الحكم وإقرار شرعية جديدة يترتب عليه ما يلى:

تجديد الانتماء للوطن بغير خصومة مع الانتماءات الأولية، المشاركة فى السلطة، وهى المشاركة التى تجرى بعد نجاح حركة المحكومين فى اختراق حاجز السلطة وبدء أعمال فقه المواطنة، المساواة بين هؤلاء المحكومين بغض النظر عن أية اختلافات، فالمعيار هنا هو أن الجميع قد شارك فى الاختراق الذى تم لحاجز السلطة أو الحركة التى تمت من أجل التغيير.

فى هذا السياق تأتى المشاركة فى وضع النص الدستورى، وهنا يقول قلادة: «وفى الحقيقة فإن النظام الدستورى الأصيل والفعال لا يقوم فى الجماعة بمجرد إعلان وثيقة تتضمن نصوصا موضوعية أو مستوردة من المكان أو من الزمان، ينهض بصكها خبراء الصياغة، مع إقامة المؤسسات التى تعمل بانتظام واضطراد لتنفيذ الأحكام التى تضمنتها هذه الوثيقة، كما أن الدستور ليس مجرد نتيجة تستخلص من بناء نظرى». ويؤكد أستاذنا قلادة أن «المجتمع يعيش فى صراع دائم من أجل استخلاص المضمون المناسب للقاعدة الدستورية والقانونية المتفق مع حقائق حركة المجتمع».

ويشدد وليم قلادة على دارس القانون الدستورى والنظم السياسية أن «لا يكتفى بالمنهج الوصفى والوظيفى المصمت، بل يتعين أن يدخل فى اعتباره العوامل التى تدخل فى صياغة الطبيعة المتميزة لكل نظام»، والتى تتمثل فى: «تكوين الجماعة وتاريخها، الخصائص الطبيعية والاقتصادية للبلاد، الصفات النفسية والاجتماعية للشعب، والنموذج المستقبلى الذى تريده الجماعة». وتحت النموذج المستقبلى يمكن أن نضيف: النموذج التنموى، والموجات الحقوقية الجديدة والحريات فى سقفها العالى التى تساعد على تمكين المواطنين على اختلافهم.

ويحذر قلادة من الرأى القائل بضرورة أن يكون «رأى الأغلبية هو واجب الاتباع». وحول هذا الأمر يشير قلادة إلى أهمية «تحديد المصطلحات». فمدلول الأغلبية والأقلية لديه له طبيعة سياسية؛ ومن ثم فمن حصل على الأغلبية اليوم قد يصبح فى صفوف الأقلية لاحقا. ولكى يمضى الحوار فى مسار يتفق مع مفهومه الأصيل يجب أن يصبح من الممكن أن يؤدى إلى إمكانية التحول المتبادل بين الأغلبية والأقلية.. أما إذا صار هناك احتكار مجموعة من المواطنين مركز الأغلبية بصفة مؤبدة، فهنا نخرج عن المعنى السياسى الدستورى لهذين المصطلحين. ويكون هذا نفيا للحركة باعتبارها مرجعية التنظيم الدستورى، وإهدارا للحظة الدستورية التى اكتمل فيها نجاح هذه الحركة، وتجاهلا صريحا لعنصرى المواطنة: المشاركة والمساواة. فالنتيجة الحتمية للمشاركة فى الكفاح أسفل حاجز السلطة، والمزايدة فى بذل التضحيات فى إطار فقه المواطنة، تلك الحقوق التى تترتب للمواطنين بعد اختراق: جميع مكونات الجماعة معا، وفى وقت واحد لحاجز السلطة».

المبادئ العامة التى يضعها وليم سليمان قلادة مستخلصا إياها من الخبرة المصرية عبر العصور كذلك من خبرة الآخرين (هناك فصل حول الحركة الدستورية خارج مصر) بمثابة رسالة حية يرسلها لنا فى غمرة العملية السياسية المركبة وتحية منه لحراك كان يثق راسخا فى انه قادم لا محالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.