هو قامة قانونية مهمة فى مصر، وأستاذ جامعى ومحام شهير وعضو مجلس شورى واللجنة العامة للمجلس المنوطة بالقرارات المصيرية فى المؤسسات الصحفية القومية لأكثر من 18 عاما، ومسئول بالمجلس الأعلى للصحافة.. يشارك بفاعلية فى تمرير القوانين على مدى سنوات طويلة.. وخارج البرلمان هو محام مفوه دار لغط أخيرا حول دوره فى الدفاع عن هشام طلعت مصطفى فى قضية مقتل سوزان تميم ثم عاد مرشحا للدفاع عنه أمام النقض بعد النطق بالحكم يوم الخميس المقبل.. ومن ثم لديه الكثير ليقوله للرأى العام القضية المثارة حاليا وهى قرار دمج بعض الصحف الخاسرة فى الصحف القومية الكبرى «الأهرام والأخبار والجمهورية»...هل هى خطوة تمهيدية لخصخصة الصحف القومية؟ لا.. على الإطلاق، فهناك تأكيدات بأنه لا نية لخصخصة الصحف القومية نهائيا، ومع أنى لا أملك القرار، ولكن أنا أعلم هذا جيدا وأبدى الرأى وأشارك وأجد أن المسألة محسومة لعدم خصخصة الصحف القومية بمعناها القومى، أى إنها مملوكة للدولة وتمثل القضايا القومية من منظور قومى وليس حكوميا أو حزبيا، فعلى الصحف القومية ألا تتصور أنها مملوكة للحزب الوطنى، أى تعالج القضايا من منظور قومى وليس حزبيا، فهى ليست مقابلة للصحف الحزبية المعارضة، وعلى الصحف القومية أن تبقى قوية خصوصا فى السوق الصحفية الشرسة حاليا. ولكن القوة تتطلب من الصحف القومية مهاجمة الحكومة والحزب الوطنى عند الضرورة؟ لابد أن تهاجمها بدون تردد، فالصحفى ضميره هو القانون، وهو مسئول عنه أمام الله، ورأينا هذا فى بعض الأقلام بالصحف القومية مثل سلامة أحمد سلامة قبل تركه الأهرام وفاروق جويدة ولكن نتمنى أن تكون تلك هى الصفة الغالبة فى الصحف القومية وليست الاستثناء المستهجن. قرار دمج الصحف فسره الناس على أن المجلس الأعلى للصحافة تخلى عن مسئوليته فى اختيار قيادات فاشلة وألقى بمسئولية صحف خاسرة على أخرى ليست بعيدة عن الخسارة أيضا؟ قرار الدمج تم بعد دراسات جدوى ومشاورات عديدة قانونية ومهنية واقتصادية وكنا أمام خيارين؛ الأول: ترك قيادات وإدارة مستمرة فى الخسارة حتى وإن كانت حسنة السمعة حتى تقضى على اليابس والأخضر بتلك الصحف الخاسرة، وإما أن يكون قرار الدمج للخروج من هذا المأزق. مع من تمت المشاورات؟ بالمجلس الأعلى للصحافة ومجلس الشورى باعتباره ينوب عن الدولة فى حقوق الملكية، وبين إدارات الصحف أى مجالس إدارتها وجمعياتها العمومية وكانت هناك موافقة من قبل رؤساء مجالس الإدارة المندمج فيها والمندمجة، وكان توزيع الدمج ذكيا ومحترفا حيث تم إعطاء الأصول للشركة القومية للتوزيع، بينما وزعت الإصدارات على المؤسسات حسب الملائمة وحسب حاجة كل مؤسسة وروعى عدم وجود إصدارات مماثلة بالمؤسسة، وجاء ضم الصحفيين إلى المؤسسات نوعا من المحافظة على كبرياء الصحفى، وكنا نتمنى من زملائهم أن يقبلوهم وألا يقابلوهم بهذا الرفض لأن مؤسساتهم لن تتحمل أعباء إضافية ورواتب هؤلاء الصحفيين ستدفع من مجلس الشورى لمدة عام. ولكن هناك مشكلات بالمؤسسات الصحفية التى تم الإدماج فيها وبها بالفعل صحفيون مؤقتون فقدوا الأمل فى تعيينهم بعد مجىء صحفيين معينين عليهم؟ الصحفيون الذين تم نقلهم جاءوا بإصداراتهم، ولن يمثلوا عبئا أو ضغطا على أى إصدار بالمؤسسات التى تم الإدماج بها، وجولة التعيين ستسير كما هى مقررة بكل مؤسسة، وللعلم ما قيل عن أنه تم تعيين المؤقتين بالصحف المندمجة لنقلهم معينين كلام غير صحيح فالمؤقت تم نقله مؤقتا والمعين نقل معينا، وراعت الدراسات التى تمت هذا الأمر. كانت هناك تخمينات كثيرة وأسماء عديدة طرحت لرئاسة مجلس إدارة الأهرام على وجه الخصوص خلفا لمرسى عطالله.. فعلى أى أساس تم اختيار د. عبدالمنعم سعيد؟ د. عبدالمنعم رجحت كفته فى لجنة الاختيار لخبرته فى مجال الإدارة منذ فترة طويلة وهو مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وبفضل إدارته أصبح من أهم وأفضل المراكز البحثية فى الشرق الأوسط، كما أنه عقلية مثقفة ومتفتحة وشخص غير متسلط. لو انتقلنا إلى الشأن البرلمانى ومناقشة القوانين.. لماذا تأخر صدور قانون الإرهاب حتى الآن؟ هناك قوانين كثيرة تأخرت وتنتهج الحكومة أسلوب تأخير عرض القوانين على المجالس النيابية لتفاجئ بها النواب، نتمنى أن يكون تأخير الحكومة لعرض قانون مكافحة الإرهاب على مجلسى الشعب والشورى هو من أجل التعديل والإصلاح وإحكام الصياغة وليس لتباغت به المجالس النيابية فى اللحظة الأخيرة قبل انتهاء الدورة، بحيث لا تسطيع مناقشته جيدا وتمرره الحكومة من خلال الأغلبية التى تمرر بها ما تشاء من قوانين داخل مجلسى الشعب والشورى. لماذا أبقيت على استقلالك كنائب فى مجلس الشورى ولم تنضم مثل العديد من الأعضاء إلى الحزب الوطنى؟ أبقيت على استقلالى لأننى لا يمكن أن أقبل أن يقال لى ناقش ما تريده فى الحزب ولا تتكلم فى المجلس، فقط صوت على ما اتفق عليه الحزب، والحمد لله منذ دخولى مجلس الشورى مستقلا عام 1990 والكل يشهد أننى لم أناور أو أحابى أحدا ولم أنافق، وأثبت كفاءتى البرلمانية لذا صدر قرار بتعيينى عضوا بمجلس الشورى عام 1995 وهناك من حاول تحريضى على عدم القبول وقالوا إننى لو قبلت لن أستطيع الاستمرار مستقلا، ولكنى استطعت الاستمرار وراهنوا على أنه لن يتم التجديد لى، ولكن لم يكن يعنينى التجديد أو عدمه، ولكن خابت كل الظنون وتم التجديد لى ثلاث دورات على التوالى حتى الآن، وكلى فخر بأننى أحافظ على استقلالى ولم أتحزب ومازالت عصمتى فى يدى، والمستقلون مطلوبون للحياة السياسية، فالحزبيون لا يرون إلا أنفسهم بينما المستقلون يرون أنفسهم ويرون الآخرين. معنى هذا أنك لو كنت عضوا عن الحزب الوطنى كنت لن ترضى عن أدائك داخل مجلس الشورى؟ طبعا، وكنت أشعر أننى لا أستطيع الكلام، لأن نواب الحزب الوطنى مثلا لا يتكلمون داخل المجلس إلا بإذن. هل النائب الحزبى الذى لا يتكلم فى المجلس ويتحدث ويناقش فقط داخل الحزب يعتبر خائنا لأمانة اختيار الشعب له لتمثيله تحت القبة؟ لا نستطيع أن نقول خيانة لأن الشعب اختاره وهو يعلم أنه حزبى، وأنا أتمنى أن تتحرر المجالس النيابية من الالتزام الحزبى الصارم حتى لو تطلب الأمر من النائب أن يستقيل من الحزب فهذا فيه الصالح العام. قبل 100 ساعة من صدور الحكم .. معي أدلة قوية على براءة هشام طلعت مصطفى لو تحدثنا عن قضية هشام طلعت.. وليس تعليقا على قرار الإحالة للمفتى... هل توقعت أن يصل هشام إلى الإعدام؟ لا.. على الإطلاق، لم أتوقع هذا القرار نهائيا. هل كنت ستصدم لو أنك مازلت فى هيئة الدفاع عنه؟ بالطبع، وأنا صدمت بالفعل وأنا لست فى هيئة الدفاع، فما بالنا لو كنت محاميه؟ بعد انسحابك من الدفاع عنه كيف أصبحت العلاقة بينك وبين عائلة طلعت مصطفى؟ العلاقة مازالت كما هى قوية وتقوم على الاحترام والثقة المتبادلة، لأن الأمر ليس مجرد أن أبحث عن دور فى القضية، فكان لابد أن أؤدى عملى بإخلاص فى الدفاع عن هشام، ولا أقبل أن يكون دورى صوريا، ولا أقبل أن يفرض على دور، لذا اعتذرت عن القضية، وهم أكبر من هذا والعلاقة بيننا الآن أقوى مما كانت. من الذى كان يريد أن يفرض عليك دورا؟ لا أنا كان رأيى من البداية أن تكون هناك هيئة دفاع وفريق متجانس ومتفق ويدرس القضية جيدا وتقسم الأدوار بحيث لا تكون هناك نرجسية من طرف أو سيطرة من طرف يمحو أدوار الأطراف الأخرى، ولما كان هذا المناخ غير موجود ففضلت الانسحاب حرصا على مصلحة هشام. وضاعت مصلحة هشام بعد قرار الإحالة للمفتى؟ كان لا يمكن أن أرى الدفاع «بيتخانق» مع بعضه، ونترك هشام فى ورطته. هل شعرت بالذنب أو أنك تخليت عنه وظلمته بعد أن صدر قرار الإحالة للمفتى؟ لا.. بالعكس.. كنت سأشعر بالذنب أكثر لأننى كنت سأكون مشاركا فى هذا، وقرار انسحابى كان الأصوب وكان لا يمكن فعل غيره فى ظل الجو الذى كان موجودا. معنى هذا أنه حتى لو استمررت فى الدفاع عن هشام كانت النتيجة ستكون الإحالة للمفتى أيضا؟ فى ظل الجو الذى أحدثك عنه كان لا يمكن غير ذلك، فالعمل الجماعى والفريق المتجانس لم يكن موجودا وبالتالى لن تتغير النتيجة. بمناسبة العمل الجماعى.. هل شوقى السيد كان يحتاج محامين معه للدفاع عن هشام طلعت مصطفى؟ فى قضية كبيرة مثل هذه، ويهتم بها الرأى العام العربى وليس المصرى فقط، بالطبع كانت تحتاج هيئة دفاع قوية ومتجانسة. ولكن هيئة الدفاع كانت بحاجة إلى رئيس واحد قوى يحكمها؟ هيئة الدفاع يمكن لكل واحد فيها أن يعتبر نفسه رئيس المجموعة أو يعتبر نفسه لا شىء، وحينما تتعارك الرئاسات هذا هو الخطأ، بينما الصحيح أن يعتبر كل واحد نفسه جزءا من المجموعة، أى أن يتفانى فى سبيل المجموعة كى تنجح فى عملها. ولماذا لم تتفان فى سبيل المجموعة بدلا من الانسحاب؟ ضحك وصمت ثم قال: «ماهو مكنش فيه مجموعة». على الأقل كنت تتفانى فى سبيل هشام الذى تربطك بعائلته علاقة قوية منذ قضية سان ستيفانو؟ الأمر مختلف ففى قضية سان ستيفانو كنت وحدى فى القضية، وكانت رؤيتى وحدى، وكنت أملك أمرى، بينما هذا كان غير متحقق فى قضية هشام، ولم أستطع الاستمرار فى الجو الموجود. هل شعرت بأن قضية هشام سرقت منك فى أثناء غيابك لأداء العمرة حين تم إلقاء القبض عليه؟ هذا التاريخ أتذكره جيدا 1 سبتمبر 2008، وأنا سافرت وهشام كان يعلم ذلك، ولم يكن عندى أى احتمالات للقبض عليه، وكنت مطمئنا جدا إلى بعد الشبهات عنه، وهو طلب منى ألا أسافر فى هذا التوقيت، ولكنى طمأنته وبعدها فوجئت بالقبض عليه وحينما عدت كان هناك محام آخر دخل فى القضية. لو أنك فى هيئة الدفاع ما هى 1..2..3 التى تخرج بها هشام من تلك القضية؟ هذه أشياء وأوراق فى جعبتى لن تخرج إلا فى الوقت المناسب أمام المحكمة. معنى هذا أنه هناك دفوعات تملكها يمكن أن تبرئ هشام؟ بثقة: طبعا، هناك إجراءات قوية جدا جدا كفيلة بإخراج هشام من تلك القضية وتبرئته. هل زرت هشام بعد قرار الإحالة للمفتى؟ طبعا زرته مرتين، ووجدته ما بين القوة أحيانا والضعف أحيانا أخرى، حيث يثق أحيانا فى براءته وأن تلك ليست المحطة الأخيرة، وأحيانا أخرى يكتئب ويشعر باليأس من الخروج من تلك الأزمة، ولكنه مشغول جدا بالرأى العام، ومهتم بتصحيح كل ما كتب عنه، ويشعر بضيق شديد حينما يقرأ الصحف ويجد هناك هجوما ضده، ويؤكد ضرورة تصحيح صورته أمام الناس، وبشكل عام هو صابر وواثق فى عدالة القضاء، ولكن أحيانا يتسرب إليه الشيطان فيكتئب، وهذا طبيعى لأى شخص فى محنته. هل يحفظ القرآن داخل السجن كما نشر؟ نعم، وحفظ جزء كبيرا من القرآن. هل ستدافع عن محسن السكرى مع هشام كما فعلت هيئة الدفاع الحالية؟ لا على الإطلاق، فكل شخص له رؤية ورؤيتى أن لا أدافع سوى عن موكلى فقط. معنى هذا أن هناك شكا لديك فى إدانة محسن؟ أنا لا علاقة لى بمحسن، فهشام تهمته محددة، وهى التحريض، وعلَىّ الدخول فى تلك التهمة مباشرة، ونفيها عن موكلى بأدلة قوية غير قابلة للشك، وقد أستفيد من المتهم الأول ولكن بعيدا عنه، ولكن أن أربط نفسى به فهذا ليس فى مصلحة موكلى. بصراحة فرحت بالنتيجة التى وصلت إليها هيئة الدفاع الحالية؟ لا على الإطلاق، فلم أفكر فيها لحظة واحدة، لأنها أنانية مفرطة، فأنا تمنيت أن يحصل هشام على البراءة حتى مع هيئة دفاع غيرى.