شراقي: إثيوبيا خالفت اتفاق المبادئ وتخزين الأحادي يفقد السد شرعيته القانونية    محافظ الجيزة يتابع انتظام تشغيل أسواق اليوم الواحد بإمبابة والعجوزة    منها بالبحر المتوسط.. البترول: إغلاق التزايد على عدد من مناطق استكشاف جديدة    حماس تعلن قبولها اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    مدرب الزمالك السابق يتولى قيادة فريق أسوان (صور)    محافظ الإسكندرية يجوب الكورنيش ويصدر توجيهات عاجلة لفرض الانضباط -صور    تامر مرسي يكشف عن بوستر "الشاطر" استعدادا لعرضه بالسينمات    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    "السبكي": الاستعانة بخبرات أساتذة الجامعة في تطوير الخدمات الطبية    خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر| عباس شومان: ستبقى مصر حامية للعرب.. وعلى المسلمين أن يوحدوا كلمتهم قبل فوات الأوان    جيش الاحتلال: نسيطر على 65% من مساحة قطاع غزة    الاحتلال الإسرائيلي ينصب حاجزًا عسكريًا يعيق حركة الفلسطينيين غرب بيت لحم    رئيس أساقفة الكنيسة الإنجليكانية يزور محافظ المنيا لبحث أنشطة الحوار والتفاهم المجتمعي    الكشف عن تفاصيل نهائي سلسلة كأس العالم للتتابعات للخماسي الحديث    مطالب برلمانية بتغليظ عقوبة عقوق الوالدين    امتحانات الثانوية العامة 2025.. مراجعة في الرياضيات البحتة وأبرز الأسئلة المتوقعة    طعنه حتى الموت في الطريق العام.. مصرع شخص في مشاجرة دامية بدوران السيوف بالإسكندرية    نقيب الصحفيين يصف مقابلة عماد أديب مع لابيد ب"الجريمة المهنية"    فردوس عبد الحميد: موت يس في مسلسل حرب الجبالي المشهد الأصعب    متحدث نقابة الموسيقيين يرفض المطالبة بحذف أغاني أحمد عامر بعد وفاته    في ذكرى موقعة حطين| خبراء يحددون أوجه تشابه بين السيسى وصلاح الدين الأيوبى.. وأستاذ تاريخ: الناصر أعاد بناء الجبهة الداخلية قبل مواجهة العدو    ب 100 مرشح.. تحالف الأحزاب يكشف استعدادته لانتخابات مجلس الشيوخ    خطيب الجامع الأزهر: علينا أن نتعلم من الهجرة النبوية كيف تكون وحدة الأمة لمواجهة تحديات العصر    عالم أزهري: التربية تحتاج لرعاية وتعلم وليس ضرب    "محلية النواب" تتفقد مشروع التجلي الأعظم بسيناء.. والمحافظ: نستهدف مليون سائح سنويًا    وكيل صحة سوهاج يشهد تسليم نتائج الفحص الطبي لراغبي الترشح لمجلس الشيوخ    كارثة تلازم الفرد 20 عامًا.. حسام موافي يوضح خطورة التدخين    رامي جمال يحتل التريند الرابع بأغنية "محسبتهاش" عبر "يوتيوب" (فيديو)    ياسمين رئيس تشارك كواليس أول يوم تصوير فيلم الست لما    إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة سرفيس بصحراوى البحيرة    وزارة العمل: 80 فرصة عمل للمعلمين فى مدرسة لغات بالمنوفية    النصر السعودى يعلن التعاقد مع جيسوس خلال 48 ساعة    ليفربول يقيم مراسم تكريم جوتا وشقيقه في أنفيلد بأكاليل الزهور.. صور    تعرف على نشاط رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    سيد عبد العال: القائمة الوطنية من أجل مصر تعبر عن وحدة الأحزاب حول هدف مشترك    دعاء يوم عاشوراء 2025 مكتوب.. الأفضل لطلب الرزق والمغفرة وقضاء الحوائج    السيطرة على حريق محدود بصندوق كهرباء في مدينة قنا الجديدة    حالة الطقس غدا السبت 5 - 7- 2025 في محافظة الفيوم    أندية المنيا تهدد بتجميد نشاطها الرياضي احتجاجا على ضم الجيزة لمجموعة الصعيد    يوفنتوس يواجه أزمة مع فلاهوفيتش... اجتماع حاسم قد ينهي العلاقة    تموين شمال سيناء تواصل مراقبة محطات الوقود    مدرب الأهلي يودع فريق كرة السلة    خطيب المسجد الحرام: التأمل والتدبر في حوادث الأيام وتعاقبها مطلب شرعي وأمر إلهي    رئيس الاتحاد الدولي يشيد بدور مصر في نشر الكرة الطائرة البارالمبية بإفريقيا    حريق فى كاليفورنيا يدمر أكثر من 52 ألف فدان فى 24 ساعة.. فيديو    بعد غياب 7 سنوات.. أحلام تحيي حفلا في مهرجان جرش بالأردن نهاية يوليو    سعر الخضروات اليوم الجمعة 4-7-2025 فى الإسكندرية.. انخفاض فى الأسعار    لماذا تتشابه بعض أعراض اضطرابات الهضم مع أمراض القلب.. ومتى تشكل خطورة    وزير الخارجية الروسي: يجب خفض التصعيد وتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    مصدر أمني: جماعة الإخوان تواصل نشر فيديوهات قديمة    باشاك شهير يقترب من ضم مصطفى محمد.. مفاوضات متقدمة لحسم الصفقة    "الزراعة" إصدار 677 ترخيص لأنشطة ومشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    إخلاء سبيل طالبة بالإعدادية تساعد طلاب الثانوية على الغش بالمنوفية    حملات بالمدن الجديدة لضبط وإزالة وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات    وزير الكهرباء: مستمرون في دعم التغذية الكهربائية اللازمة لمشروعات التنمية الزراعية والعمرانية    الهلال يُكرم حمد الله قبل موقعة فلومينينسي في مونديال الأندية    يوم طار باقي 9 أيام، إجازات الموظفين في شهر يوليو 2025    ترامب: برنامج إيران النووي دمر بالكامل وهذا ما أكدته وكالة الطاقة الذرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا ثوار مصر انتبهوا.. جول إسرائيلى فى المرمى المصرى
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 12 - 2011

فى خضم معركة المصريين لنيل حريتهم، واستشهادهم للاعتراف بكرامتهم الإنسانية، زار رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ماردييت إسرائيل فى خطوة كانت متوقعة للمراقبين والخبراء ولكنها ربما تكون مفاجئة للشارع المصرى المشغول بمعارك بناء دولة مصر الجديدة هذه الزيارة قد يعتبرها البعض طعنة فى الظهر خصوصا وهو يعلم أن بعض المساعدات المصرية قد ذهبت إلى جنوب السودان من موازنة بلاده المحدودة. وقد يعتبرها آخرون بداية لتهديد حقيقى للشعب المصرى تقوده جنوب السودان لكن فى الأخير علينا أن نعرف لماذا ذهب كير لإسرائيل وهل فرصتنا مازالت سانحة لحماية مصالحنا فى جنوب السودان؟

الدعم الإسرائيلى لجنوب السودان قديم مؤسس على استراتيجية وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلى بن جوريون فى الخمسينيات تقوم على أساس التفاعل مع الأقليات (الأقباط، الأكراد، الأمازيغ، الجنوبيين السودانيين) بحسبان أن هؤلاء ذخيرة مؤكدة يمكن وفقا للتقدير الإسرائيلى تطويعها، وقد دعمت نظم الحكم العربية المخطط الإسرائيلى بطريق غير مباشر حينما فشلت فى احتواء الأقليات وإدارة التنوع داخلها، ولعل حالة السودان نموذج ممثل لهذا الفشل بامتياز. وربما نكون نحن أيضا على نفس الطريق إذا تم تجاهل أسس المواطنة المتساوية فى دستورنا الجديد وأسسنا لحقوق الأغلبية فقط دون توافق وطنى مع الأقلية من الأقباط.

المهم هنا أن الاستراتيجيات الإسرائيلية قد طورت فى التسعينيات من القرن العشرين بنوعين من الأدوات الأول فريق من الخبراء السياسيين الذين عملوا سفراء لإسرائيل فى دول القرن الإفريقى والثانى مركز ديان للأبحاث بجامعة تل أبيب الذى يدرس عن كثب أوضاع الأقليات داخل الدول العربية ويرصد موقفها مع نظم الحكم من جهة، وتفاعلاتها الداخلية من جهة ثانية. وقد تحولت الاستراتيجيات الإسرائيلية بفضل هذه الأدوات من آلية شد أطراف الدول العربية التى وضعها بن جوريون إلى آلية بتر أطراف الدول العربية (جنوب السودان) وتهديد الأمن القومى المصرى بشكل مباشر عبر تعظيم أوراق الضغط الإسرائيلية ضده.

●●●

بطبيعة الحال تتابع وزارة الخارجية وأجهزة الأمن القومى المصرى الاستراتيجيات الإسرائيلية ومدى ما تحققه من نجاح على الأرض فى جنوب السودان ضد مصر، وقدمت تقدير موقف صحيحا فيما يتعلق بضرورة الاعتراف بدولة جنوب السودان، ولكنها فى المقابل اعتبرت أن هذا الاعتراف والمساعدات الاقتصادية المحدودة نسبيا لجنوب السودان يمكن أن تكون كافية، لمواجهة كثرة بل وزيادة الأوراق الإفريقية فى يد إسرائيل ضد المصالح المصرية.

من المؤكد فى تقديرى أن توجهات ثورة مصر المرعبة لإسرائيل، وصعود التيار الإسلامى فى مصر عبر صناديق الانتخاب المقلق لدولة جنوب السودان قد شكل أساسا لعلاقة استراتيجية يؤسسها الطرفان حاليا، ذلك أن توقعات الجنوبيين السودانيين تصب فى اتجاه أن التيار الإسلامى المصرى سوف يقوم بتقديم دعم غير محدود لحكومة شمال السودان الإسلامية، فوفقا لمعلومات غير مؤكدة لدينا أن الأخيرة قد قدمت دعما ماليا إلى جماعة الإخوان المسلمين قبيل الانتخابات، وربما هذا التقدير يكون منطقيا فى ضوء ما اعترف به الرئيس السودانى عمر البشير من تقديمه أموالا وأسلحة للثوار الليبيين، ثأرا من نظام القذافى الذى دعم الحركات الدارفورية ضده، وتقديرا أن الصاعدين إلى السلطة فى ليبيا ينتمون إلى التيار الإسلامى بما يشكله ذلك من دعم للسودان الشمالى.

من الأفضل لمصر والمصريين الآن بعد الجول الإسرائيلى فى المرمى المصرى ألا ينظروا لزيارة سلفا كير من زاوية تخوينه المطلق، أو عدم تفهم دوافعه المرتبطة بأمرين أولا موازنة التهديدات التى يواجهها من شمال السودان وربما مصر إذا تحالف الإسلاميون فى الدولتين، وثانيا رغبته فى تنمية اقتصادية لبلاده ضن عليه العرب الخليجيون بتمويلها مع ما يملكونه من أموال باهظة، وعجز رجال الأعمال المصريين أن يقدموا عليها فى ضوء اعتباراتهم القائمة على مبدأ الربح فقط دون اعتبار لمصالح بلادهم الوطنية، خصوصا أن مؤسسات الدولة المصرية لم تنجح فى الضغط على رجال الأعمال فى هذا الاتجاه رغم حجم التسهيلات التشريعية الهائلة التى حصلوا عليها لتنمية أعمالهم، وحجم القروض الكبير الذى حصدوه من البنوك العامة المصرية أى من أموال الشعب.

●●●

المطلوب الآن السعى إلى طمأنة المخاوف السودانية الجنوبية المتصاعدة، واعتبار أن ساحة جنوب السودان هى ملعب للتنافس المصرى الإسرائيلى متاح دائما فيه تسجيل الأهداف المصرية، خصوصا أنه لا وجدان شعب دولة جنوب السودان ولا موقف نخبته معاد لمصر بل إن الجميع يذكر بالخير المساعدات المصرية المتواصلة على محدوديتها ولعل من هذه الزاوية يمكن أن نفعل المخزون الإيجابى المصرى فى جنوب السودان عبر عدد من الخطوات التى أراها أساسية منها:

أولا: تقديم كل من جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة مع نواب الأحزاب السلفية تصورا واضحا للرأى العام المصرى إزاء موقفهم من العلاقة بدولتى السودان وهل سوف تستمر الاستراتيجية المصرية بالتوازن بينهما أم أنهم سوف يقدمون على ترجيح كفة دون أخرى خدمة للمشروع الإسلامى وقفزا على المصالح الوطنية المصرية.

ثانيا: أن يبادر البرلمان المصرى بمجرد انعقاده وطبقا لخطة عمل واضحة بزيارة دولتى السودان وتوضيح موقف دولة مصر من التعاون الإستراتيجى الإسرائيلى مع دولة جنوب السودان، والاستماع بانتباه إلى متطلبات التنمية فى جنوب السودان والعمل قدر الطاقة على تلبيتها.

ثالثا: السعى إلى تدشين تعاون مصرى عربى لتمويل مشروعات التنمية الجنوبية، بأياد عربية، وليست آسيوية لتساهم فى تحسين صورة العربى فى إفريقيا بشكل عام وفى جنوب السودان بشكل خاص، علما بأن هذه الخطوة تلبى المصالح الخليجية فى إمكانية الحصول على منتجات زراعية استراتيجية من جنوب السودان عبر آلية تبادل المنافع.

رابعا: السعى لدى قيادة دولتى السودان لتخفيف التوتر بينهما خصوصا أن الموقف الأمريكى المعلن لم يدعم تغولا جنوبيا على حساب الشمال، ودعا الجنوبيين إلى احترام شروط استقرار دولة شمال السودان بعد تكوين تحالف كاودا من الفصائل المسلحة فى دارفور، من هنا قد تكون قدرات اللاعب الإسرائيلى مرتبطة نسبيا بالموقف الأمريكى.

خامسا: السعى لتفعيل أوراق الضغط المصرية ضد إسرائيل فى البحر الأحمر والتراجع عن تمرير أسلحة للقواعد الإسرائيلية عبر قناة السويس وهى المسألة التى كشفها الجنرال يعقوب عميدور فى يونيو 2010 فى شهادته أمام مجلس الأمن القومى الإسرائيلى مشيرا إلى طبيعة وحجم الأسلحة التى عبرت قناة السويس لموازنة الوجود العسكرى الإيرانى فى البحر الأحمر.

سادسا: فتح حوار عربى عربى حول منظومة أمن البحر الأحمر بعد تدويله وتعدد اللاعبين الدوليين فيه بما يصون مصالح الدول العربية المطلة عليه وربما يكون من المناسب أن يكون هذا الحوار تحت مظلة جامعة الدول العربية التى لديها خبرات فى هذا الملف الشائك.

●●●

المهم أخيرا أنه علينا الانتباه أن نضال المصريين من أجل الديمقراطية وثورتهم للحصول على كرامتهم الإنسانية لا ينبغى أن يشغلاهم عن المهددات المحيطة بهم وأن أجوال الشعب لابد أن تكون بالتوازى ما بين ميادين التحرير المصرية والعواصم الإقليمية والعالمية يا ثوار مصر انتبهوا من فضلكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.