لقد أضعنا نحن الإسرائيليين مثل الفلسطينيين، فرصا كثيرة، ورفضنا مرة تلو أخرى الحل السياسى الصعب المقترح علينا، وفى كل مرة كان الحل الآتى أصعب من الحل السابق. نتجاهل أن الزمن لا يعمل لمصلحتنا، ونرفض اليوم ما سيطلب منا غدا وما سجعلنا نندم بعد غد. فى سنة 1987 لم تمض إسرائيل قدما فى تحقيق اتفاق سلام كان فى إمكانها التوصل إليه مع الملك حسين. كذلك لم تتوصل فى سنة 1991 إلى اتفاق بشأن الحكم الذاتى كان ممكنا تحقيقه مع القيادة الفلسطينية فى المناطق المحتلة. ولم تطالب إسرائيل فى سنة 1993 بتحويل الاعتراف المتبادل بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية إلى اتفاق دائم. وفى سنة 2005 لم تحاول إسرائيل تطبيق التفاهمات التى توصل إليها أبومازن مع يوسى بيلين. ولم تطرح فى سنة 2002 مبادرة خاصة بها فى مقابل المبادرة العربية للسلام. كذلك لم تستغل الانفصال فى غزة فى سنة 2005 من أجل وضع حدود قابلة للدفاع عن إسرائيل. لقد دفعنا الجشع والتردد إلى تقديم القليل، ودائما فى وقت متأخر. أردنا الحصول على الكثير فلم نحصل إلا على القليل، ولأننا أردنا توسيع حدودنا فقد تسببنا بتضييقها، وألحقت بنا سياسة المراوحة ضررا سياسيا كبيرا. ومع مرور الزمن، تتراجع الحركة اليهودية القومية وتتعاظم قوة الحركة الوطنية الفلسطينية. لقد تآكل الدعم الدولى للصهيونية، فى وقت يزداد فيه وضع إسرائيل الأمنى والديموغرافى سوءا. إن ما كان ممكنا الحصول عليه من الأردن وحتى من منظمة التحرير الفلسطينية يستحيل الحصول عليه اليوم من «حماس»، وما كان فى إمكاننا الحصول عليه من كلينتون يصعب الحصول عليه من أوباما أو من الذى سيأتى بعده، كذلك لن نستطيع اليوم الحصول على ما كان فى إمكاننا الحصول عليه من المجتمع الدولى لقاء انسحاب بعيد المدى فى السنوات 1990 و2000 و2005. على نتنياهو أن يفهم جيدا ما يحدث، فبعد أن كان فى السابق من كبار مؤيدى فكرة أرض إسرائيل الكاملة أصبح الآن يتبنى وجهة نظر زعماء حزب العمل السابقين، وبات حلمه هو مشروع آلون بشأن تقسيم الضفة الغربية، وأضحت خطوطه الحمر هى الخطوط الحمر نفسها التى وضعها رابين. إن ما رفضه نتنياهو عندما كان نائبا لوزير الخارجية فى سنة 1991، يوافق عليه اليوم بحماسة كرئيس للحكومة الإسرائيلية فى سنة 2011. خلال العامين الآخيرين فى الحكم واصل نتنياهو رفضه الاقتراح تلو الآخر، ولم يجرؤ على تقديم خطة سياسية بعد خطابه فى جامعة بار إيلان، كذلك لم يقترح نشوء دولة فلسطينية منزوعة السلاح فى الصيف الماضى، وسمح لأوباما ولأبومازن وللزمن بالعمل ضده. إن الفرصة السانحة فى صيف 2011 تختلف عن سابقاتها، لأنها ليست فرصة لصنع السلام بقدر ما هى فرصة لمنع الهزيمة، وهى ليست فرصة لإنهاء النزاع مع العرب، وإنما للعمل مع المجتمع الدولى لتحديد حق الدولة اليهودية فى البقاء. ومن أجل الاستفادة من هذه الفرصة، علينا القول بوضوح إن إسرائيل لن تسيطر بعد اليوم على شعب آخر، وإنها حين تنضج الأوضاع ويحين الوقت ستنسحب إلى حدود 1967، إن الثمن المطلوب باهظ ومؤلم لكن لا بديل منه بسبب الأخطاء التى ارتكبتها إسرائيل خلال ربع قرن. وستكون فرصة صيف 2011 فرصة أخيرة بالنسبة إلى رئيس الحكومة نتنياهو.