الانتخابات.. وإرادة الشعب    مع حلول المساء.. إقبال كثيف للناخبين بمدرسة أحمد عرابي بإمبابة    نفاد بطاقات الاقتراع في سفاجا وحلايب بسبب الإقبال الكثيف    بعد صعود حاد.. تراجع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالتعاملات المسائية    الرئيس السيسي ونظيره الكيني يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية في اتصال هاتفي    انقطاع التيار الكهربائى عن 24 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ غدا    نأمل أن يحافظ القرار الأممى على ثوابت القضية الفلسطينية    عباس: نقترب من الانتهاء من دستور الدولة الفلسطينية    هذا ما وعد به ممداني كعمدة وهل سيتمكن من تحقيقه؟    أنشيلوتي ينصح لاعب ريال مدريد بالرحيل    تحديد موعد إقامة سوبر اليد بين الأهلي وسموحة في الإمارات    مصرع وإصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة أثناء متابعة الانتخابات بأسوان    أول لقطات من حفل زفاف هايدي موسى على المذيع الرياضي محمد غانم في القلعة    السقا وباسم سمرة وشيرين رضا.. القائمة الكاملة لأبطال فيلم «هيروشيما»    مراسل إكسترا نيوز بالبحيرة: إقبال تاريخى وتسهيلات لوجستية للناخبين    الفراعنة.. والمتحف الكبير.. والأهرامات    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    سفير تركيا: فيدان يستقبل وزير خارجية مصر غدًا في أنقرة للتحضير لمجلس التعاون الاستراتيجي    الزمالك يشكو زيزو رسميًا للجنة الانضباط بسبب تصرفه في نهائي السوبر    تأجيل لقاء المصرى ودجلة بالدورى ومباراتي الأهلى والزمالك تحت الدراسة    مصر الجديدة للإسكان تغرد بأداء مالي متميز خلال أول 9 أشهر من 2025..تجاوز الإيرادات 1.27 مليار جنيه بنمو 42%    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    ضبط قائد سيارة نقل اعتدى على مواطن بالسب والضرب بسبب خلاف مرور    مستشفيات قصر العيني تنظم يوما تعريفيا للأطباء المقيمين الجدد (صور)    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    «بيحطوا روج للتماثيل».. فتيات يثيرن الجدل خلال زيارتها للمتحف المصري الكبير (صور)    المنظمة الدولية للهجرة تحذر من قرب انهيار عمليات الإغاثة في السودان    مسار يكتسح 15 أغسطس بخماسية في مجموعة الموت بدوري أبطال أفريقيا للسيدات    أوغندا تهزم فرنسا في كأس العالم للناشئين وتتأهل "كأفضل ثوالث"    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط وتنظيم كامل في يومها الثاني    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسلام سارة
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 05 - 2011

يتكون الأدب الشعبى من طبقات متوالية متصلة لإبداع جماعى مجهول المؤلف، حيث تكشف هذه الطبقات عن جذور الهوية الوطنية فى مراحل تطورها بما يسمح بتفسير الماضى واستشراف المستقبل.فإذا نظرنا مثلا لأغانى الأطفال الشعبية فى مصر سنكتشف عمق العلاقة بين المسيحيين والمسلمين فى إطار الفلكلور القبطى. فالقبط كما يقول خيرى شلبى هم «الشعب المصرى قبل وبعد دخول الإسلام إلى مصر، ومخطئ من يربط بين المسيحية والقبطية لأن المسيحية دين والقبطية قوم، فهناك قبطى مسيحى وقبطى مسلم. فالفلكلور القبطى يتضمن الجوهر الشعبى المصرى الذى يشمل المسيحيين والمسلمين معا من أبناء مصر».
لهذا لم يكن هناك غضاضة فى أن يوحد الفلكلور القبطى فى الأغانى الشعبية للأطفال بمصر بين المشارب المسيحية والمشارب الإسلامية فى إطار الوحدة الوطنية، حيث يرصد الباحث عصام ستاتى فى كتابه «مقدمة فى الفلكلور القبطى» أكثر من دليل على هذا التداخل فى أغانى الأطفال، فمثلا هناك أغنية شهيرة تقول: «واحد اتنين سرجى مرجى». فالسرجى هو «السركى»، وهى مهنة أدخلها الشراكسة إلى مصر لتسجيل بيانات العاملين بالمروج، أى بالبساتين. فكان العمال يقفون فى طابور طويل أمام الإقطاعى الشركسى الذى يقول للخولى:
«واحد، اتنين». فيقول له الخولى: «سرجى» أى تم تسجيلهم بالسركى، فيشير له برأسه بالموافقة، فيقول الخولى للعمال على نفس الوزن «مرجى»، أى ادخلوا إلى المزرعة للعمل.
وأصبح المصريون بعد هذا يستغلون عبارة «واحد اتنين سرجى مرجى» للسخرية من الطوابير الطويلة التى يسجلون فيها بياناتهم. ثم تلقف فقراء الأطفال المسيحيين العبارة وأصبحوا يقولونها وهم يأخذون معونات صحية واجتماعية من أدوية وملابس من الكنائس يقفون من أجلها فى طوابير تسجيل طويلة أيضا، فأكملوا الأغنية قائلين: «أنت حكيم ولا تمرجى/ أنا حكيم الصحية/ العيان أدى له حقنة/ والمسكين أدى له لقمة»، على أن كلمة سرجى أصبحت تشير فى تفسيرهم الحديث إلى «أبو سرجة» سيرجيوس، ومرجى تشير إلى مارى جرجس وما يقدمه الراهبات من خدمات علاجية وإنسانية.
وعندما اشترك الأطفال المسلمون مع إخوانهم المسيحيين فى اللعب والغناء أضافوا إلى الأغنية مقطعا جديدا يقول: «نفسى أزورك يا نبى/ يا للى بلادك بعيدة/ فيها أحمد وحميدة/حميدة جابت ولد/ سمته عبد الصمد»، دون أن يجد الطرفان حرجا فى استكمال هذا الإبداع الشعبى المشترك.
وفى هذا السياق لا يصبح غريبا أن نرى الأطفال المسلمين فى مصر حتى اليوم يستقبلون شهر رمضان الكريم بعبارات كنسية لا يعرفون سوى مصدرها القبطى المصرى الوطنى، فهم يقولون فى غنائهم: «حلو يا حلو رمضان كريم يا حلو»، وكلمة «حلو» من كلمة «حلول» القبطية التى تعنى التهنئة والمباركة، ومنها قولنا إلى اليوم «حلالى بلالى» والكلمتين من اللغة القبطية ومعناهما «يا هنايا، يا فرحتى».
كذلك قولهم وهم يغنون احتفالا بقدوم شهر رمضان أيضا «وحوى يا وحوى إيوحه»، فإن «واح» تعنى استقر، و»أبوح» تعنى القمر، ومعنى الجملة استقر استقر يا قمر. وكلنا نعرف قيمة استقرار القمر الهلال فى السماء هذا اليوم، حتى نتمكن من رؤيته وإعلان بداية الشهر الكريم.
وقد جمع عصام ستاتى فى كتابه أيضا بعض الأمثال الشعبية التى تتعلق بالمسيحيين فى مصر، بوصف هذه الأمثال تعبر عن الجوانب الشعورية والنفسية فى حياة المجتمعات، وتمثل حجر الزاوية فى معرفة الشعوب.
وقد لاحظ ستاتى أن معظم هذه الامثال صدرت عن مسلمين كما يتضح من منطوقها، ومن هنا فهى تكشف عن التصور الحقيقى للآخر فى العقيدة داخل الوطن الواحد.
وأبرز هذه الأمثال من وجهة نظرى هو «أسلمت سارة، لا زاد المسلمين ولا قلت النصارى»، وقد علق عليه عصام قائلا: «استوقفنى هذا المثل كثيرا فى ظل حالات الاحتقان من الطرفين إزاء قضايا التأسلم والتنصر، فإذا أسلمت فتاة هاج المجتمع وماج كأن من قاموا بهذا العمل قد حرروا القدس، إنها حالة من العته تعبر عن مرض أوجده التطرف والتعصب الذى بدأ ينخر فى جسد هذه الأمة منذ سبعينيات القرن الماضى، والذى لم يكن معروفا لدى الشعب المصرى فى أى مرحلة من مراحل حياته على مر التاريخ».
ويذكرنى هذا المثل بجارة مسيحية أسلمت منذ سنوات عديدة وتزوجت مسلما وظلت فى منزلها، ومازال أبناؤها المسيحيون يزورونها ويبرونها حتى الآن، ومازلنا نناديها فى الشارع بالاسم الوحيد الذى عرفناها به: أم جورج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.