زيادة جديدة بأسعار السجائر والكحلويات في مصر    رئيس الوزراء يوجه بإعفاء أسر ضحايا حادث المنوفية من المصروفات الدراسية    وزير الري: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في إدارة منظومة المياه    السيسي يشهد أداء اليمين لرؤساء الهيئات القضائية ويمنح الأوسمة    "الطفولة والأمومة" يتدخل في واقعة الطفل المعتدى عليه بالعاشر من رمضان.. ويبلغ النائب العام    10 صور ترصد أداء رؤساء الهيئات القضائية الجدد اليمين أمام السيسي    محافظ القليوبية يترأس اجتماع اللجنة العليا للإعلانات    بجانب القيمة المضافة.. زيادة الضريبة القطعية على السجائر لأول مرة من 2023    النواب يوافق على فتح اعتماد إضافي بالموازنة الحالية    رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء يستقبل سفير اليابان بالقاهرة    وزير البترول: بدء تنفيذ مجمع حامض الفسفوريك خطوة كبيرة للانتقال من إنتاج الخامات إلى التصنيع    "أبو قير للأسمدة" تستهدف 6.7 مليار جنيه أرباحًا خلال العام المالي المقبل    إعلام إسرائيلي: حدث أمني خطير بخان يونس    اعتقال عميل للموساد في مترو طهران    وزير الخارجية يحذر من خطورة الوضع الراهن في قطاع غزة والضفة الغربية    قائد سابق لسجن إسرائيلي يتهم بن غفير: أقالني لرفضي تنفيذ أوامر غير قانونية    هاني سعيد يكشف حقيقة ابرام صفقات جديدة لبيراميدز    الزمالك يهدد ثنائي الفريق.. الغندور يكشف التفاصيل    "لايحب اللعب بمركز 8".. الكشف عن سبب رفض مدرب بيراميدز ضم نجم الأهلي بكأس العالم للأندية    الأهلي يرد علي طلب الخلود السعودي للتعاقد مع ديانج : مش للبيع    شباب النواب: 30 يونيو حافظت على الهوية ومنحت الشباب عصراً ذهبياً    جثتان أسفل كوبري.. السوشيال ميديا ترصد والداخلية تكشف التفاصيل    قبل زيارة وزير النقل.. الصور الأولى من حادث جديد على الطريق الإقليمي بالمنوفية    نقل طالبة إلى المستشفى بعد تعرضها للإغماء داخل لجنة بالمحلة    ضبط 58452 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    غضب جمهور "موازين".. أبرز لقطات حفل شيرين عبدالوهاب في المغرب    جونهان من فرقة Xdinary Heroes يعتذر بعد تصريحات عنصرية مثيرة للجدل    فريدة سيف النصر توجه كلمات قاسية إلى مها الصغير وتدافع عن أحمد السقا    محمد فؤاد يعود بقوة في ألبوم صيفي يجمع كبار الشعراء والملحنين    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان السفراء المرشحين للعمل بالبعثات المصرية في الخارج (صور)    «الصحة» تعلن دعم خدمات الرعاية الحرجة والعاجلة ب 713 حضانة وسريرا    الفرق بين الحموضة والانتفاخ.. وماذا تأكل في الحالتين؟    5 نصائح لدعم التركيز والذاكرة بعد سن الثلاثين    مواعيد مباريات اليوم الأحد 29-6-2025 والقنوات الناقلة لها    محافظ قنا يتابع أعمال تطوير حمام السباحة بالاستاد الرياضي ويطمئن على انتظام امتحانات الثانوية العامة    بحضور وزير الثقافة.. افتتاح أكبر معرض للكتاب بنادي الفيوم غدا|صور    إصابة 5 أشخاص في سقوط ميكروباص داخل ترعة بأطفيح    إسرائيل تعلن اغتيال المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع بحزب الله    خزينة الأهلي تنتعش ب8 ملايين دولار بعد الخروج من كأس العالم للأندية    والد مصطفى أشرف: الزمالك تعامل معنا بعدم احترافية وهذا سبب فشل الصفقة    إسرائيل: المجلس الوزاري الأمني المصغر يجتمع لبحث الحرب في غزة    وكالة تسنيم: إيران تشكك في استمرار وقف إطلاق النار مع إسرائيل    رسائل تضامن وصور شهداء.. "كايروكي" يحيي حفلا تاريخيا لدعم غزة باستاد القاهرة| فيديو    انتخابات مجلس الشيوخ| الهيئة الوطنية تعلن التفاصيل "الثلاثاء المقبل"    محافظ أسيوط يفتتح قاعة اجتماعات مجلس المحافظين بالديوان العام للمحافظة    مجلس النواب يقف دقيقة حدادًا على أرواح فتيات كفر السنابسة بالمنوفية    القوات الجوية الأوكرانية: مقتل طيار وفقدان طائرة مقاتلة إف-16    نجاح زراعة منظم ضربات قلب مزدوج لمريض بمستشفى رأس سدر    الأزهر للفتوى يوضح معني قول النبي" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    أفضل الأدعية لطلب الرزق مع شروق الشمس    ما أفضل صدقة جارية على روح المتوفي.. الإفتاء تجيب    هل يجوز الخروج من المنزل دون الاغتسال من الجنابة؟.. دار الإفتاء توضح    درجات الحرارة 43 ورياح على القاهرة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    «لسة اللقب ماتحسمش».. مدرب بيراميدز يتشبث بأمل حصد الدوري المصري    ماجدة الرومي تتألق خلال حفلها بختام مهرجان موازين (فيديو)    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    إحساس بالتمييز والظلم ولكن.. حظ برج الدلو اليوم 29 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل العربى.. وزيرًا للخارجية
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 03 - 2011

فى قرار صائب وموفق إلى أقصى درجات التوفيق بدأت مصر الثورة فى البحث عن أسماء أبنائها الذين يتمتعون بالكفاءة النادرة والإخلاص الكامل والولاء للوطن وللأمة بعد أن انسحبوا فى جلال وسكون رافضين المشاركة فى موكب الفساد والنفاق السياسى والأخلاقى، حتى تستعين بهم فى إصلاح التخريب الوحشى والتجريف المتمادى لثروة الوطن وكرامة المواطن. والأسماء عديدة والكفاءات وفيرة نذكر منها عصام شرف ونبيل العربى وسمير رضوان، ونتمنى فى يوم قريب أن يخدم أمثالهم مصر فى كل مواقع المسئولية، حتى يسهموا فى إقالة البلاد من عثرتها ويستعيدون مكانتها وهويتها.
ولكنى أخص فى حديثى هذا السفير نبيل العربى الذى شرف به موقع وزير الخارجية، وقبل أن أستطرد فى الحديث أشعر بأنه من المهم أن نقدر الظروف والضغوط التى واجهت وزير الخارجية السابق، الذى تعرض لهجوم شديد لم يكن كله مبررا لأن مسئوليته هنا نسبية لما تضمنه انتقاده من تجاهل سلب اختصاصات وزارة الخارجية وضرورة تنفيذ الوزارة لتعليمات رئاسية خاطئة.
ونقتطف مما جاء فى السيرة الذاتية الغنية والمتنوعة للدكتور نبيل العربى، أنه تمتع بعضوية لجنة القانون الدولى للأمم المتحدة منذ عام 1994، وقاض فى محكمة منظمة الأوابك 1990، وعضو فى لجنة الأمم المتحدة للتعويضات بجنيف اعتبارا من 1999، وعضو فى لجنة إدارة معهد استكهولم لأبحاث السلام، ومدير للإدارة القانونية والمعاهدات بوزارة الخارجية من 1976 إلى 1978 ومن 1983 إلى 1987، ومندوب عن حكومة مصر أمام محكمة تحكيم طابا ومستشارا لوفد مصر فى مباحثات كامب ديفيد. وأنه شغل المناصب التالية فى وزارة الخارجية المصرية: مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، ممثل مصر الدائم لدى المقر الأوروبى للأمم المتحدة فى جنيف، وفى الأمم المتحدة شغل منصب رئيس مجلس الأمن فى شهر يونيو سنة 1996، ونائب لرئيس الجمعية العامة سنوات 1993 و1994 و1997، ورئيسا للجنة الأولى المختصة بنزع السلاح، ورئيس للجنة الخاصة لدعم مبدأ منع استخدام القوة فى العلاقات الدولية. وكان توليه القضاء فى محكمة العدل الدولية شرفا لمصر، وفى المحكمة لم يحد عن إيمانه بالعدالة فى قضية الجدار العادل الشهيرة وصمد بتأييد من كل قضاة المحكمة أمام حملة أمريكا وإسرائيل للتشكيك فى حيدته.
وهكذا انضم السفير نبيل العربى إلى جيل العمالقة من رواد القانون الدولى المصريين، إلى جانب عبدالحميد بدوى، وعبدالله العريان، وبطرس غالى، ومحسن شفيق، ووحيد رأفت، وحامد سلطان، وحافظ غانم، وواصل بين جيلهم وبين جيله من فقهاء القانون الدولى فى مصر.
وينظر كاتب هذه السطور نظرة خاصة إلى هذا الأمر ملؤها خليط من مشاعر السعادة والفخر بتولى هذه الشخصية الفذة منصب وزير الخارجية، أقول هذا بحكم معرفتى وانتمائى لمدرسة الدبلوماسية القانونية وبحكم العمل عن كثب مع نبيل العربى والعديد من فقهاء القانون الدولى ومنهم جيلبيرت جيوم الذى أصبح رئيسا لمحكمة العدل الدولية وشيرجو أودا القاضى اليابانى بالمحكمة، كما تتلمذت على حافظ غانم وحامد سلطان الذى تفضل فقبل الإشراف على رسالتى للدكتوراه، صاحبت محسن شفيق فى العديد من مؤتمرات «الأنسترال» التى تعالج المسائل الخاصة بالقانون التجارى الدولى وقد كان لى الحظ أن أزامله فى الاجتماعات التى توصلت إلى قواعد «الأنسترال» للتحكيم الدولى. كما أتيح لى أثناء تولى مسئولية الإدارة القانونية والمعاهدات أن أتعرف وأعمل مع جيلنا من فقهاء القانون الدولى أذكر منهم بكل اعتزاز زكى هاشم، وعائشة راتب، وجورج أبى صعب، ومفيد شهاب، وصلاح عامر، وطلعت الغنيمى، وإبراهيم العنانى وأحمد القشيرى، وتواصلت مع جيل الشباب وأذكر منهم نبيل حلمى وغيرهم وأبين هنا أننى عندما تناولت عن هذه الخلفية، لم أقصد الحديث عن شخصى الضعيف كإنسان فى مرحلة الانصراف بلا مطامع أو تطلعات، ولكن لكى أثبت شهادة حق عن نبيل العربى الذى كان فضله على كبيرا وتعلمت منه الكثير، فقد عملت نائبا له عندما كان مديرا للإدارة القانونية والمعاهدات وشهدت فى هذه الفترة شخصية العالم المتواضع والمدير الإنسان بل والقاضى العادل النزيه. كان كريما معطاء يجيد الاستماع إلى الصغير قبل الكبير، ويحرص على دوره كمعلم، ويعطى القدوة عن نزاهة الدبلوماسى القانونى وتعامله مع توجهات دوائر صنع القرار فى إطار موضوعى ودون انصياع لرغباتها، وكان موقفه فى كامب ديفيد علامة فارقة فى العمل الدبلوماسى المصرى. وأذكر له مواقفه الوطنية الصلبة وعدم خضوعه للضغوط الإسرائيلية والأمريكية التى كان يمارسها إبراهام صفير أثناء مباحثات تنفيذ الحكم التى رأسها فى طابا ثم تتبعت رؤاه عندما توليت جزءا من المسئولية عن تحكيم طابا وكنت أرافقه نائبا له، كما أذكر أنه رفض تلبية دعوة الوفد الإسرائيلى لأعضاء الوفد المصرى لزيارة إيلات، وانفردنا بهذا الموقف حتى عندما اقتضى الأمر ذهاب كل أعضاء الوفد الرسمى المصرى إلى إيلات للإقلاع الليلى لطائرة مصر للطيران من إيلات، وعدنا معا على طائرة صغير خاصة للقاهرة، كما أذكر بمقاله المهم بالأهرام فى 24 سبتمبر 2006 حول تصحيح مسار السلام مع إسرائيل وحديثه فى قناة الجزيرة فى 23 يونيو 2007.
كان نبيل العربى دائما قريبا من دوائر صنع القرار ليس بسعى منه ولكن لحاجتها إليه، ولكنه تحاشى أن يكون جزءا منها حفاظا على مصداقيته، ولم نعرف عنه أبدا أنه شارك فى أنشطة هذه الدوائر التى كانت تصدر فى بعض الأحيان عن انحياز أو مجاملة، بل كانت له مواقف غير مواتية لمثل تلك التوجهات.
ومن ركائز تفاؤلنا بإنجازات باهرة غير عاجلة أن الرجل حافظ دائما على هدوئه الجم أثناء شغله لأهم المناصب فى مصر وفى المحافل الدولية، وعزف عن أضواء الصحافة والإعلام وقاوم إغراءها فيما يشابه سلوك القضاة، وهو إنسان عطوف مجامل معطاء يفعل الخير وينصر الحق بتلقائية نبيلة دونما طلب أو رجاء. وعندما أنهى عطاءه للمنصب الحكومى لم يتطلع أو يسعى إلى ما هو جدير به من أسمى مناصب الدولة وليس بعيدا عنها منصب رئيس الجمهورية، بل فضل العمل القانونى الخاص فى صمت بعيدا عن أروقة العمل الرسمى.
هنيئا لوزارة الخارجية بنبيل العربى، وتمنياتنا له جميعا بعطاء سخى ورأى ثرى فى الفن الدبلوماسى والعمل الوطنى والعربى بل والدولى كما فعل فى أرفع مناصب القضاء الدولى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.