إلى حضرة «سيدى أبوالحجاج» الأقصرى يأتى آلاف السائحين يوميا، ويأتى المتظاهرون من أبناء المحافظة كلما دعتهم الظروف.. حتى بات المسجد التاريخى شاهدا على التاريخ منذ عام 1286م 658ه، حيث أنشأ بين جنبات معبد الأقصر، وشاهدا على الثورة بعد أن قصده المتظاهرون خلال ثورة يناير وما تلاها. سيد أبوالحجاج الذى يقصده الصوفيون طول العام خاصة فى شهر رمضان، هو المسجد الوحيد الذى انطلقت منه تظاهرات الثورة فى الأقصر، واستمر تنظيم التظاهرات فى ساحته بعد سقوط نظام مبارك، حتى إن أبناء المحافظة نصبوا الخيام فى ساحته «ميدان أبوالحجاج»، معتصمين للضغط على المجلس العسكرى والحكومة لتنفيذ مطالب الثورة، على مرأى ومسمع آلاف السائحين، الذين يزورون معبد الأقصر.
اختار الثوار هذا المسجد لموقعه الجغرافى والتاريخى وأهميته الدينية والثورية، حيث يعتبر الصوفيون القطب الصوفى الكبير يوسف بن عبدالرحيم بن يوسف بن عيسى الزاهد، المعروف بأبى الحجاج الأقصرى، متصوفا ثائرا جاء بكل جديد بما لا يخالف الشرع.
يعتبر ميدان أبوالحجاج من الميادين القليلة بالأقصر ذات المساحة الواسعة والتخطيط الجيد الفريد، إذ يتفرع منه عدة شوارع ومحاور مرورية مهمة، من بينها شارع المحطة، وطريق الكباش، وشارع الكورنيش، وشارع السوق السياحى، ولأنه يقع فى وسط الأقصر فإنه يعد من أهم ميادينها.
وقد دأب الأقصريون على التجمع بكثرة داخل هذه الساحة، سواء فى الأعياد أوالموالد، أو المناسبات العامة والخاصة، وتحول ميدان أبوالحجاج وساحة معبد الأقصر إلى مزار يقصده المصريون والسياح.
وحتى يناير 2011 كان الميدان مزارا سياحيا وفقط، حتى لاح فى الأفق مشهد الربيع العربى، تحول مسجد سيدى أبوالحجاج وميدانه، إلى مكان تظاهرات أبناء الجنوب، الذين شاركوا كل المصريين فى إسقاط نظام حسنى مبارك.
ميدان أبوالحجاج وساحة معبد الأقصر.. المكان الأثرى الوحيد بالمحافظة الذى جمع بين التراثين الإسلامى والفرعونى، ليشهد الأجداد، أحفادهم يخرجون بالآلاف، يهتفون «الشعب يريد إسقاط النظام».
ورغم ذلك تباين موقف الميدان فى أوقات كثيرة وانقسم ما بين مؤيد ومعارض ففى 2 فبراير، ظهرت مسيرات محدودة تؤيد «بقاء مبارك»، وسرعان ما ظهرت مسيرات أخرى مناهضة للنظام وتنادى بسقوطه، واتجهت إحدى هذه المسيرات إلى مقر الحزب الوطنى، وأشعلت فيه النيران ودمرت محتوياته، وظلت المحافظة منقسمة بين الطرفين إلى أن خرج نائب الرئيس السابق، اللواء عمر سليمان، ليعلن تنحى حسنى مبارك عن الحكم.
الناشط السياسى، محمد الأسوانى يقول «فى أحيان كثيرة بدا الميدان هادئا بعيدا عن أجواء الثورة وما يحدث بالقاهرة، وفى أوقات كان أخرى كان لثوار الجنوب رأى آخر، فلم يشهد الميدان نصب خيام أو مبيت أثناء أيام الثورة الأولى، باستثناء خيمة أعضاء ائتلاف ثورة 25، الذين اتخذوا من الميدان مقرا لهم».
ويضيف «منذ سقوط مبارك فتحت شهية أبناء الجنوب للمظاهرات ضد الفساد والستبداد، وشاركوا فى كل دعوات التظاهر التى دعت إليها ائتلافات شباب الثورة والقوى السياسية».
ويستطرد الأسوانى: مع تجدد اندلاع المظاهرات المناوئة والمناهضة لسياسات المجلس العسكرى اتخذ الثوار من الميدان مكانا ومقرا لانطلاق مسيراتهم المختلفة، التى جابت شوارع القاهرة، وكان الميدان ساخنا ثائرا أكثر مع حرارة فصل الصيف، حتى لجأ الثوار إلى التظاهر ليلا.
وكان مسرح ساحة معبد الأقصر وميدان مسجد سيدى أبوالحجاج، الذى أقامه اتحاد الإذاعة والتليفزيون ليشهد حفلات ليالى التليفزيون، خلال العامين الآخرين، منصة الثوار التى انطلقت من عليها شعاراتهم وخطبهم السياسية التى ألهبت حماس المتظاهرين، واستغلها بعدها المرشحون لرئاسة الجمهورية.