قرار عاجل من النيابة العامة بشأن واقعة مقتل «راعي أغنام» داخل سوق في المنيا    جدول مواقيت الصلاة غدًا الإثنين 20 أكتوبر بمحافظات الصعيد    أوقاف الفيوم تعقد الاختبارات الأولية لمسابقة القراءة الصيفية.. صور    القبض على كروان مشاكل بتهمة بث أخبار كاذبة وممارسة أفعال خادشة للحياء    "الجبهة الوطنية": كلمة الرئيس السيسي في الندوة التثقيفية رسالة وعي وطني تمهد للجمهورية الجديدة    محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    كل ما تريد معرفته عن برنامج البريد المصري حساب يوم على يوم    الحكومة تستعد لطرح 745 فدان على كورنيش النيل للمستثمرين    رفع كفاءة وتجميل ميدان أحمد زويل استعدادا للعيد القومى لمحافظة كفر الشيخ    بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار    الرئيس السيسى يؤكد لرئيس وزراء النرويج اعتزام مصر استضافة المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة    الرئيس الصيني يدعو تايوان من أجل توحيد الصف وزيادة تبادل التعاون    وزير الداخلية الفرنسي: عملية سرقة اللوفر استغرقت 7 دقائق ونفذها فريق محترف    يلا جووول بث مباشر محمد صلاح يقود ليفربول في مواجهة مانشستر يونايتد المثيرة على آنفيلد    ياسين منصور: ترشحت لخدمة الأهلي بدعم الخطيب.. والاستثمار أولوية    جامعة حلوان تشارك بفعالية في الندوة التثقيفية حول انتصارت أكتوبر    لجنة تطوير الإعلام تشكل 8 لجان فرعية وتبدأ اجتماعاتها غدًا بمقر الأعلى للإعلام    نقابة المهن الموسيقية تنعي والدة أمير عيد    عمر خيرت يصل إلى الأوبرا لإجراء البروفة الأخيرة وريهام عبدالحكيم تستقبله    العقيد حاتم صابر: ما حققه الجيش المصري في القضاء على الإرهاب يُعادل نصر أكتوبر    «بلاش بالله عليكم».. جدل على منصات التواصل مع الإعلان عن مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي 2»    علاء عابد: كلمة الرئيس السيسي بالندوة التثقيفية تجسّد رؤية قائد يضع مصلحة الوطن أولًا    5 أبراج «أهل للنصيحة».. واضحون يتميزون بالصراحة ونظرتهم للأمور عميقة    أمير عيد يستقبل عزاء والدته الراحلة.. في هذا الموعد    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    هل يمكن العودة للصلاة بعد انقطاع طويل؟.. أمين الفتوى يجيب    غدا.. انطلاق قافلة طبية مجانية بقرية الحبيل في الأقصر    ظهور 12 إصابة بالجدري المائي بين طلاب مدرسة ابتدائية في المنوفية.. وتحرك عاجل من الصحة    بخطوات سهلة.. طريقة عمل مخلل القرنبيط المقرمش    وفاة الفنان أحمد عبد الرازق مؤسس فرقة الأقصر للفنون الشعبية    مصر تتوج بلقب بطولة العالم للكونغ فو    ترامب يصف الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو بأنه تاجر مخدرات غير قانوني ويعلن إنهاء المساعدات الأمريكية لبلاده    الرئيس السيسي: نتطلع إلى فوز مصر برئاسة منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو" لتعزيز مكانتها الدولية في مجال الطيران    نيكو باز موهبة كومو يفرض نفسه تهديفياً فى الدوري الإيطالي.. بالأرقام    تقرير: رافينيا يغيب عن برشلونة في دوري الأبطال من أجل الكلاسيكو    نجم إنجلترا: صلاح ضحية ميسي ورونالدو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    مصرع فتاة دهسها قطار اثناء عبورها مزلقان محطة ببا ببني سويف    المشدد 3 سنوات لعامل شرع مع أخويه في قتل ابن عمه بسبب الميراث    محافظ أسوان يتفقد معرض المشغولات اليدوية بمنتدى السلام والتنمية    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    الداخلية تواصل جهودها لتيسير حصول المواطنين على الخدمات والمستندات    إصابه سائق ومرافق في حادث انقلاب سياره تريلا محمله بالقمح في المنوفية    بطرس الثانى وتيموثاوس الأول قصة أخوين توليا سدة الكرسى المرقسى    «الأمم المتحدة» تحذر من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة    تحمل مساعدات لغزة.. سفينة الخير التركية السابعة عشر تفرغ حمولتها بميناء العريش    صعود مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأحد 19 أكتوبر    مواعيد مباريات الأحد 19 أكتوبر 2025.. مواجهتان بالدوري وقمة إنجليزية ونهائي مونديال الشباب    هيئة «التأمين الصحي الشامل» تناقش مقترح الهيكل التنظيمي الجديد    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الأول الثانوي العام    بعد انتهاء الإيقاف .. تريزيجيه يدعم صفوف الأهلي أمام الاتحاد السكندري فى الدوري    «الرعاية الصحية»: بحث إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره شرم الشيخ    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19-10-2025 في البنوك    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    عبدالرحمن مجدي: تعاهدنا داخل بيراميدز على حصد البطولات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية رئة من حديد

استقرت الكاميرا على ملامح هيلين كامبل الشابة الكندية التى مازالت تتعافى من تبعات عملية جراحية بالغة التعقيد، استبدل فيها الجراحون رئتيها المعطوبتين بأخريين سليمتين. تابعتها العيون وهى تأخذ نفسا عميقا حرمت منه كثيرا من قبل لتخرجه فى سعادة ويسر، ثم ترفع يدها بعلامة النصر لتبدأ الرقص بصحبة كل من ساهم فى منحها فرصة الحياة ثانية.. الجراح الذى أجرى لها العملية وفريق مساعديه من أطباء وممرضات، أفراد عائلتها وأصدقائها.

لحظة إنسانية استثنائية سجلها تليفزيون CBC الكندى صباح الخميس 24/5 ستظل عالقة بأذهان وذاكرة الجميع بلا استثناء فى كندا وأمريكا وربما العالم بأسره.حينما أطلت هيلين كامبل (Helen Campbell) بملامحها التى لونتها البهجة وسجلتها عدسات المصورين لم تكن المرة الأولى التى تتعلق بها عيون الكنديين، عرفها الجميع فى أمريكا الشمالية. فقد كانت أول من دعا لحملة قومية تدعو الناس للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة. استجاب لدعوتها الكثيرون، خاصة أنها دخلت القلوب بحديث بليغ قصير كانت تبثه محطات الإذاعة والتليفزيون فى أوقات مختلفة.

رغم ما عانته كامبل فى حياتها إلا أنها لم تتوقف عن الدعوة للتبرع بالأعضاء وانضم إليها خلال عام من بدايتها للدعوة فى يناير 2011 أكثر من ألفى متطوع، استجاب لها أيضا مغنى الشباب الأشهر فى كندا جاستين بيبر.

(Justin Biebre) فساند حملتها وأعلن أنه أيضا سيهب أعضاءه عند وفاته وغنى لمحبى الحياة وواهبيها لغيرهم.

لقيت دعوة كامبل أيضا صدى فى أمريكا فاستضافتها المذيعة «إيلين» التى احتل برنامجها الحوارى المكان الذى أخلته المذيعة الأشهر أوبرا ويمفرى ويسجل حاليا أكبر نسبة مشاهدة.


حكاية رئة من حديد

لم تظهر على هيلين كامبل عند ولادتها أى أعراض تشير إلى أنها ولدت برئات من حديد. طفلة عادية جذابة الملامح، ذكية محبة للرياضة، إلى أن واتتها أول أزمة تنفس فى الرابعة عشرة من عمرها. حينما فحصها الأطباء فجاء تشخيصهم ليؤكد أنها مصابة بأزمات الربو. بدأت الأعراض تداهمها فى نوبات متقاربة تتعاظم شدتها عندما تأتى أى جهد.

لم تفلح كل العلاجات المعروفة فى صد الهجوم على رئات كامبل حتى اتضحت الصورة الكاملة لإصابة نسيج الرئة بمرض يعرف بأنه مرض غير معروف المنشأ يتسبب فى فقدان نسيج الرئة لليونته المعروفة والمسئولة عن حسن أداء وظيفة الرئة. تفقد أنسجة الرئة مرونتها لتحل محلها صلابة وغلظة غير مبررة تنتهى بتليينها وتحولها إلى شبكة من الألياف تزحف على الحويصلات الهوائية لتسد كل منافذها. يعانى الإنسان بالطبع من صعوبات فى التنفس وتناقص تدريجى فى القدرة على التنفس تلجئه دائما للاستعانة بوسائل صناعية للتنفس. فى أكتوبر 2011 كانت هيلين تتنفس بما يقل عن ربع كفاءة رئة الإنسان الطبيعية 25٪ من كفاءة الرئة.

كانت بالفعل تختنق بين ضلوعها وكفاءة رئتيها تتناقص وقدرتها على التنفس بحرية تنحسر ولا أمل بقى إلا فى استبدال تلك الرئة الحديدية بأخرى هشة مرنة تمتلىء بالهواء وتنبض بالحياة لتدفعها فى شبكة الشرايين الدقيقة التى تدفعها بدورها إلى القلب نقية مليئة بالأكسوجين.


لم تفقد هيلين الأمل بل ظلت تنتظر فى صبر إلى أن استدعوها على عجل من مدينتها أتاوا عاصمة كندا إلى تورنتو لإجراء عملية زرع رئة جديدة. لم تسأل هيلين عن اسم ذلك المانح الكريم فالقاعدة ألا تذاع أى معلومات، مراعاة لعائلة الإنسان الذى نقلت منه أعضاؤه إلا إذا أبدوا الرغبة فى ذلك.

استغرقت العملية التى أجريت فى مستشفى تورنتو (Toronto General Hospital) سبع ساعات. عادة ما تستغرق العملية بين 8 12 ساعة. خرجت بعدها هيلين لتقضى فترة على اتصال دائم بجهاز التنفس إلى أن تم فصلها عنه بسلام لتبدأ مرحلة أخرى من تدريبات إعادة تأهيلها للتنفس بطريقة طبيعية. بعد أسبوعين من خروجها من المستشفى بدأت كامل نشاطها بذلك الظهور الباهر على شاشات التليفزيون لتدعو لفكرة وهب الأعضاء وهدية الحياة لمن ينتظرون الفرصة الثانية.

«أتوجه بعميق شكرى لمن وهبنى رئته ولمن تجاوزوا الأحزان واهتموا بقضية حياتى. سأظل أذكرهم ما حييت. فهم بلا شك عائلتى أنا أيضا. أشكر الجراحين، وسأشكركم دائما إذا ما وضعتم قضية وهب الأعضاء محل اعتبار».


عمليات زراعة الرئة

تعد عمليات زراعة الرئة من الجراحات بالغة التعقيد والتى تحتاج لفريقين من الجراحين يتبادلان أدوار العمل على مدى ساعات طويلة. تحتاج أيضا لفريق من المساعدين على مستوى عال من التدريب يضم أطباء للأمراض الباطنة والمعامل والتخدير إلى جانب طاقم من الفنيين ومهارات التمريض وإعادة التأهيل.

من الجدير بالذكر أن من أوائل الجراحين الذين تحملوا مخاطرة البداية الجراح المصرى العالمى مجدى يعقوب الذى أجرى أول جراحة فى العالم لزراعة رئتين وقلب فى عملية واحدة.
هى أيضا عمليات حديثة كانت نتاجا للتطور الهائل الذى حدث فى السنوات الأخيرة فى أساليب الجراحة ووسائل التشخيص والتقنيات المساعدة أثناء إجراء العمليات.

ككل عمليات زراعة الأعضاء يجب أن تكتمل عدة شروط أهمها سلامة العضو الذى ستتم زراعته إلى جانب سلامة الإنسان الذى سيتلقاه جسديا ونفسيا، لذا فزراعة الرئة لا يمكن أن تتم إلا لمن بالفعل تتضاءل نسبة استمرار حياته فى ظل كفاءة متدنية للرئة. إلى جانب سلامة وظائف أعضائه وقدرته على التعافى فى مواجهة الأعباء النفسية التى يتعرض لها أثناء العملية وفترة التأهيل بعدها.

زراعة الرئة جراحة لا تجرى إلا فى حالات محددة:

● الشباب ممن يعانون من أمراض الرئة وتهدد حياتهم مثل تليف الحويصلات الهوائية Cystic Fibrosis أو انتفاخ الرئة (Emphysema) وارتفاع ضغط الشريان الرئوى (Primary Pulmonary Hypertersion) أو تليف نسيج الرئة دون سبب معلوم (Jdiopathic Pulmonary Fibrosis) .

المرض الذى عانت منه هيلين كامبل وتم معه استئصال رئتيها المعطوبتين واستبدالهما برئتين سليمتين.

● أهم تحد فى جراحات زراعة الرئة هو توافر رئة سليمة تماما خالية من المرض وهو أمر فى الواقع صعب يخضع لقانون الحظ. لا يمكن تصور أن يتنازل إنسان عن رئته فى مقابل أن التنازل عن كلية أو فص من الكبد أمر وارد. الكلى تعمل جيدا وبكفاءة إذا ما كانت سليمة إذا ظلت واحدة بعد التبرع من إنسان حى. الكبد خلاياه تنمو لتعويض الجزء الذى تم منحه من إنسان لآخر. أما الرئة فلا مفر. كل الحالات التى تتم فيها زراعة الرئة غالبا ما تتم عند وفاة إنسان سليم.. الرئة مريضة بسبب آخر أو وفاة إنسان فى مقتبل العمر وليس كهولته فى حادث.

● يبقى التوافق بين الأنسجة وفصائل الدم وملاءمة حجم الرئة للقفص الصدرى للإنسان المتلقى. وتلك شروط أيضا يجب توافرها بحزم، فلا يمكن تجاوز أى منها فى كل الأحوال.



مخاطر جراحة زراعة الرئة

يتعرض من يتلقى رئة سواء تم ذلك بنقل وزراعة رئة واحدة أو رئتين أو رئتين وقلب فى آن واحد لمخاطر بلا شك قد تبدد ذلك الجهد الهائل الذى يبذله الجراح وفريقه.

قد يحدث انسداد مفاجىء لقنوات التنفس أو قد ينتهى الأمر بالإصابة بعدوى ميكروبية معها تتعقد الأمور وتبدأ المشاكل.

الخطر الحقيقى الذى يتعرض له المريض بعد نقل الرئات إليه هو رفض الجسم للرئة الجديدة. يعتبر الجسم ذلك العضو المنقول إليه حديثا عدوا حقيقيا يجب أن يلفظه. ينشط الجهاز المناعى لمقاومة هذا العدو بشراسة قد تعصف بجهد الجراحين وأمل المريض ذاته فى أن يعود للحياة. والتنفس فى يسر.

يتناول متلقى الرئة أدوية لتثبيط المناعة تدوم مدى الحياة فلا يخلو الأمر من ظل من الخطر يلازمه، الأمر الذى يستدعى احتياطات كثيرة يجب أن توضع فى الاعتبار أهمها تفادى العدوى فى ظل مناعة مقيدة.

تستعد هيلين كامبل للعودة لدراستها بعد أن ألقت عنها رئتاها الحديديتان اللتان أقعدتاها عن مواصلتها للحياة. تتمنى أن تعاود ممارسة رياضتها المفضلة فى تسلق الجبال وأن تتمكن من مواصلة دعوتها لقضية حياتها: دعوة الآخرين للمساهمة فى تأهيل ثقافة حب الحياة لك ولكل الآخرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.