سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحكومة المصرية هى المسئولة عن تأخر تعهدات دوفيل 415 مليون يورو قروضًا ميسرة من فرنسا فى انتظار موافقة البرلمان المصرى لن نتحدث عن المشاركة فى المشروع النووى قبل استقرار الأوضاع
وافقت الوكالة الفرنسية للتنمية منذ أيام على قرض ميسر لمصر قيمته 300 مليون يورو من أجل تمويل المرحلة الثالثة لمشروع مترو الأنفاق، بعد افتتاح الجزء الأول منها (التى تربط بين العتبة والعباسية)، كما وقعت الوكالة الأسبوع الماضى أيضا مع وزيرة التخطيط والتعاون الدولى، فايزة أبوالنجا، على اتفاقيتين لقروض ميسرة أخرى بقيمة 115 مليونا، إلا أن الاتفاقيات الثلاث، التى تقدمها الحكومة الفرنسية لمصر فى إطار اتفاقية دوفيل، فى انتظار توقيع البرلمان المصرى والمجلس العسكرى عليها، بحسب ما قاله جان فيليكس باجانون، سفير فرنسا فى مصر، فى حواره مع «الشروق». والاتفاقية الأولى التى وقعتها الوكالة مع أبوالنجا، بقيمة 80 مليون يورو، سيتم توجيهها إلى الصندوق الاجتماعى للتنمية من أجل تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والثانية ب35 مليون يورو لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى لدعم مشروع تحديث الرى فى الدلتا، تبعا للسفير الفرنسى.
باجانون حمل الحكومة المصرية مسئولية تأخر تعهدات دوفيل، مؤكدا: «التزمنا بوعودنا.. فهناك بهذا الشكل ما يقرب من 400 مليون يورو على المائدة لمصر، وهو ما يمثل حوالى ثلثى التزامات دوفيل، ولكننا ننتظر موافقة الحكومة المصرية.. فنحن لسنا المسئولين عن عدم صرف هذه المبالغ كما يتهمنا الشعب المصرى، بل البيروقراطية والموافقات اللازمة من البرلمان، هى المسئولة عن ذلك.. فنحن لا نستطيع أن نجبر شخصا لا يشعر بالعطش على الشرب»، بحسب تعبيره.
على مصر الالتزام بسرعة إنهاء المرحلة الانتقالية
«نحن نتفهم أن مصر تمر بمرحلة انتقالية، ونتفهم الاوضاع الاقتصادية التى نتجت عن هذه المرحلة من انخفاض فى حجم الاحتياطى الأجنبى وتراجع الاستثمارات، وزيادة عجز الموازنة، كما نتفهم التناحرات السياسية الموجودة، ولكن هذه المرحلة، يجب ألا تطول، حتى تتمكن مصر من التعافى ومن استعادة مكانتها»، بحسب السفير الفرنسى.
باجانون يرى إنه يجب على الحكومة المصرية أن تعمل حاليا على محورين أساسيين، الاول يتمثل فى اتخاذ سلسلة من الاجراءات الاقتصادية السياسية، وهو ما يمثل البناء الداخلى للمنزل، والثانى يتعلق بتوفير التمويل اللازم لإعداد هذا البناء. فلقد اتخذت الحكومة المصرية العديد من القرارات «السخية» لإرضاء الشعب، منها الزيادة «غير المدروسة» فى الأجور، مما كلف الموازنة المصرية أعباء إضافية، على الحكومة مواجهتها لتقليل فاتورة الأعباء عن كاهلها.
«مصر أبلت بلاءً حسنا فى المرحلة الانتقالية بالمقارنة بأشقائها من الدول العربية، فحتى تونس، فهى لا تزال فى مرحلة متأخرة عنها وليس من المتوقع صياغة الدستور قبل عام من الآن، ولكننا لا نتمنى أن تعرقل الصراعات السياسية المختلفة هذا الأداء، فكلما طالت الفترة الانتقالية زاد قلق المستثمرين، ومن ثم على مصر الالتزام بموعد الانتخابات الرئاسية وصياغة الدستور».
السفير الفرنسى اعتبر أيضا أن مصر المسئولة عن «عرقلة صرف قرض صندوق النقد الدولى حتى الآن، نتيجة اختلاف القوى السياسية الموجودة وتصارعها، وهذا ما يتعارض مع مبادئ الصندوق، التى تشترط توافق جميع القوى السياسية على برنامج اقتصادى للإصلاح يموله هذا القرض، وهذا ما لا نراه حاليا، ولا يبدو أننا سنراه قبل انتخاب رئيس، يدير شئون البلاد ويوحد كلمتها»، على حد قوله، مؤكدا أن نجاح مصر فى الحصول على هذا القرض سيمثل «نقلة نوعية فى ثقة المؤسسات المالية الأخرى فى مصر».
الاضطرابات الحالية ليست نتاجا للثورة
«صحيح أن الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية، والصراعات السياسية، التى تشهدها مصر نتاج لسياسة اتسمت بالفساد وعدم الشفافية على مدار ما يقرب من 30 سنة، وليست نتاجا للثورة، ولكن للأسف لن تنجح الثورة، ولن تأتى ثمارها دون معالجة هذه المشاكل»، كما يؤكد السفير الفرنسى. والأصعب من ذلك، أنه «نتيجة للظروف الاقتصادية العالمية الحالية، على مصر أن تتحمل بمفردها الجزء الأكبر من هذه المعالجة»، بحسب قوله موضحا محدودية إمكانيات الدول الكبرى، نتيجة الأزمة العالمية. و«ثقتنا من أن الاضطرابات التى تمر بها مصر حاليا ستكون مؤقتة والمرحلة الانتقالية ستنتهى إلى ما هو أفضل، جعلنا لم نتخذ أى قرار منذ بدء الثورة بسحب أى استثمارات موجودة لنا فى مصر، فهذا البلد بتعداده السكانى الكبير، أكبر سوق استهلاكية فى منطقة الشرق الاوسط، ومن ثم لا غنى عنه، ولكن مما لا شك فيه، نترقب بحذر التطورات قبل أن نقرر ضخ أى استثمارات جديدة»، كما يقول باجانون مستبعدا دخول أى مستثمر فرنسى إلى السوق قبل الانتخابات الرئاسية واستقرار الاوضاع فى البلاد.
ويضيف السفير، ردا على استعداد فرنسا لمساعدة مصر فى تمويل المحطة النووية «المشروع بأكمله معلق، لتستقر الأوضاع أولا، ولنرى ما ستصل إليه الأمور، قبل أن نتطرق إلى هذا الأمر».
ونفى باجانون تخوفه بشأن مستقبل اتفاقيات مصر الدولية، خاصة بعد قرار الحكومة المصرية، بوقف تصدير الغاز إلى اسرائيل «موقف الحكومة المصرية نابع من عدم التزام من الطرف الآخر على الصعيد التجارى ولا يتعلق بأسباب سياسية». ويوضح السفير أن نوع الاستقرار المطلوب لعودة المستثمر يكمن فى اصلاح الجبهتين الأمنية والاجتماعية، أى تحسن بيئة الأعمال، وتحقيق العدالة الاجتماعية، «فلن يفكر المستثمر فى القدوم إلى مصر إلا إذا استقرت الأوضاع الأمنية وانتهت الاضطرابات الاجتماعية، فالأخيرة اكثر ضررا لأعماله».
فوز مرشح اشتراكى لا يشترط إهمال السياسة الخارجية لفرنسا انتهت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ليحصل المرشح الاشتراكى اليسارى، فرنسوا هولاند، على 28.6% من الأصوات، مما يجعله فى موقع متقدم قد يؤهله لخلافة الرئيس الحالى الليبرالى، نيكولا ساركوزى. وبرغم رفض السفير التعليق على مجريات الأمور فى سباق الانتخابات، إلا انه اكتفى بقوله «إن فوز مرشح اشتراكى لا يعنى إهمال سياسة مصر الخارجية، فأيام الرئيس السابق ميتران، والذى أولى الشئون الداخلية لفرنسا الاهتمام الأكبر، كانت أزهى الفترات لعلاقات مصر الخارجية».