أكد الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، أن هناك عددا من القضايا التي يتعين أخذها بعين الإعتبار في الدستور الجديد بصرف النظر عن طبيعة نظام الحكم الذي سوف يستقر عليه المجتمع في النهاية سواء كان برلمانيا، أو رئاسيا أو نظاما مختلطا يجمع بين سمات الاثنين معا. وأضاف سراج الدين خلال الندوة التي أقيمت بجامعة طنطا في إطار مبادرة "دستورك يا مصري"، أن في مقدمة هذه القضايا "المواطنة" ، مشيرا إلي أن 3 في المائة على مستوى العالم مغتربون، أي يحملون جنسية دولة ، ويعيشون لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية في دولة أخرى.
وقال سراج الدين، إن ذلك يفرض أسئلة مهمة حول الجنسية والتجنس، وحق أبناء المهاجرين من الجيلين الثاني والثالث في المشاركة في شئون المجتمعات الأصلية التي نشأ فيها آباؤهم.
وأضاف، أن تنامي دور المجتمع المدني في صنع السياسات العامة محليا وإقليميا ودوليا، جعل من الضروري إعادة التفكير في المفهوم التقليدي للفصل بين السلطات الذي قدمه "مونتسيكو" في القرن الثامن العشر من حيث التفرقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
وتطرق سراج الدين إلي دور الإعلام في الدستور الجديد ، مؤكدا أهمية الخروج من أسر النظرة الثنائية ما بين ملكية الدولة لوسائل الإعلام من ناحية ، وملكية القطاع الخاص له من ناحية أخرى ، مشيرا إلي ضرورة البحث عن صيغة جديدة للتعامل مع الإعلام في عصر الفضائيات والسماوات المفتوحة ، وتصاعد دور مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" و"التويتر".
وتساءل قائلا، "وماذا سيأتي من وسائل جديدة في هذا الإعلام الجديد في السنوات القادمة لتلعب هذا الدور التأثيري الهائل، والذي أدى إلى إشعال ثورات؟".
وطرح سراج الدين تساؤلا حول الإدارة المشتركة للموارد في الدستور الجديد ، مشيرا إلي أهمية تخطي التصور التقليدي السائد بأن الدستور ينطلق من ، ويؤكد على السيادة المطلقة للدولة على منطقة جغرافية معينة ، وذلك لتعميق الإدارة المشتركة للموارد ، وهو أمر لا غنى عنه في العصر الحديث ، وسوف يزداد مستقبلا لمواجهة التحديات ، وضرب مثلا على ذلك بقضية مياه النيل ، التي لا يمكن حلها دون تعاون مع دول حوض النيل.
وحول مسألة تمثيل الفلاحين والعمال بنسبة 50 في المائة في البرلمان وأهمية أن ينص عليها الدستور الجديد ، أشار سراج الدين إلي أن الأصل الذي تأخذ به الدساتير أن المواطنين سواء أمام القانون بصرف النظر عن الاختلاف في اللون أو الدين أو الجنس أو العرق أو ما شابه، ولكن هناك من يرى أن الناس لا يتمتعون واقعيا بالمساواة لأسباب عديدة منها فسيولوجية، واجتماعية، وتتصل بالمواهب والمهارات والذكاء الخاص بكل شخص، وبالتالي المجتمع لم يعد مجتمعا عادلا ، بمعنى من المعاني .
وأوضح سراج الدين أن حل هذه الإشكالية أستغرق نقاشات وطرح أفكار، منها مفهوم الحصة في المقاعد البرلمانية أو ما يطلق عليه "الكوتا"، وهو إختراع لتعزيز تواجد وتمثيل الفئات المهمشة ، قائلا إن هذه ليست قضية ايديولوجية ، لكنها تتعلق بالخريطة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المجتمعات، وقد يكون الآن ملائما إعادة النظر في تخصيص نصف مقاعد البرلمان على الأقل للعمال والفلاحين .