فقرية الحجيرات، أو قرية الدم والنار كما يطلق عليها، تتبع إداريا مركز قنا وتبعد عنها بنحو 16 كيلومترا إلى الشمال، وتضم 6 نجوع هى العمدة وجبارة ومعلا وعتمان وعودة وأبو عروق، ويعيش فيها نحو 45 ألف نسمة من السكان يعمل غالبيتهم فى مجال الزراعة، ولا ينقطع صوت النواح والعويل من بيت فيها. فبحسب دراسة جامعية، فإن 80 % من سيدات القرية أرامل بسبب خصومات ثأرية لا تتوقف بين عائلات القرية، رغم المحاولات الأمنية والشعبية لعقد جلسات صلح عرفية، يتم نقض الكثير منها، ولعل أشهرها «مذبحة العزاء» فى يناير قبل عامين حيث راح ضحيتها 7 أشخاص وأصيب 3 آخرون، إثر قيام أفراد من عائلة العمارنة بإطلاق أعيرة نارية على أفراد من عائلة عبدالمطلب خلال تقديمهم واجب العزاء، ثأرا لمقتل طفل عن طريق الخطأ. وتضاهى «مذبحة العزاء» فى الشهرة، حادثة «البشعة» التى وقعت قبل أسابيع حيث قام فيها أفراد من عائلة جلال بقتل 5 أشخاص من عائلة «الرشايدة» بينهم 3 أشقاء وعمهم للثأر لمقتل أحد أبنائهم، واتهمت فيه العائلة الثانية، وخلال ذهابهم لإجراء اختبار «البشعة» بمدينة الإسماعلية للتأكيد على براءتهم من دمه، وعند الكيلو 27 بطريق قنا سفاجا أطلق أفراد عائلة جلال وابلا من الرصاص عليهم.
أما قرية السمطا فتبعد 25 كيلومترا شمال مدينة قنا، وتتبع إداريا مركز دشنا، وتضم 14 نجعا، أشهرها سمرة وأبوعيد والسمطا قبلى وبحرى ونجع الجامع، ويسكنها أكثر من 40 ألف مواطن، واكتسبت شهرتها من كونها أكبر معاقل تجارة المخدرات والسلاح، وهو ما ينطبق على قرية حمردوم، قرية خط الصعيد نوفل سعد الدين، الذين لقى مصرعه فى 4 مايو 2007 على أيدى قوات الشرطة، وتنتشر بهما الأسلحة حتى إن الأطفال الصغار يحملون على أكتافهم الكلاشنكوف والآلى سريع الطلقات، علاوة على انتشار مدافع الجرينوف وال «آر بى جى»، ولا يختلف الأمر كثيرا فى قرية أبوحزام، الملاصقة لقرية حمردوم، والتابعة لمركز نجع حمادى.
من جانبه، أرجع عادل الغزالى، المدير التنفيذى لجمعية تنمية جنوب مصر، أسباب ذلك إلى نواحى اقتصادية واجتماعية أثرت بشكل فعلى، وقال: «ينتشر الفقر والبطالة وترتفع نسبة الأمية إلى أكثر من 60 % وتغيب الثقافة». وأضاف: «الشرطة فى عهد الرئيس المخلوع مبارك، كانت أحد أسباب قيام الثورة لأنها كانت تحمى مبارك فقط وليس الشعب وبعض الضباط يعرفون تجار المخدرات ولا يقبضون عليهم»، مطالبا بتوفير مصدر رزق لسكان هذه القرى وعمل مشروعات تنموية واستصلاح أراضى الظهير الصحراوى بدلا من إعطائها لفلول الحزب الوطنى الذين استولوا على معظمها.
أما الدكتور سيد عوض، رئيس قسم الاجتماع بجامعة جنوب الوادى، فقال: «إن أبناء هذه القرى تسيطر عليهم النزعة العصبية والقبلية والتنشئة الخاطئة فكل عائلة ترى أنها أكبر من العائلة الآخرى ولذلك تربى أبناء هذه القرى على مبدأ «آكلهم أو سيأكلوننى». أما العمدة غلاب عبيد، رئيس لجنة المصالحات الثأرية بقنا، فقال إن أحد الأسباب التى جعلت هذه القرى تصل إلى هذه الحالة هو التدخل الأمنى حيث أثبتت المعالجات الأمنية فشلها مع مرور الزمن، ليقوم رموز وكبار العائلات بدروهم الفعلى لاحتواء أى أزمات أو مشكلات، مشيرا إلى أنه حيث يوجد الثأر يوجد السلاح وتوجد المخدرات.