توقفت إيفا أسفل اللافتة الزرقاء الكبيرة قرب السور الأثرى، سارت عيناها باتجاه الأحجار الضخمة التى تمتد من تقاطع شارع صلاح سالم، إلى كورنيش النيل بمنطقة فم الخليج، ثم قالت بلغة إسبانية يفهمها صديقها ومضيفها المصرى هانى: لا يمكن أن يكون هذا هو السور العظيم الموجود فى الصورة. ألقت نظرات متتالية على الخريطة السياحية التى بين يديها، وعلى السور الذى تظهر ملامحه الأثرية بالكاد خلف أكوام القمامة ومخلفات البناء.
بلهجة غاضبة سألت هانى عن معنى الكلام المكتوب على اللافتة الزرقاء، وبدأت الترجمة. «الإخوة المواطنون (الأعزاء) برجاء عدم إلقاء القمامة بجوار السور علما بأنه ستتوافر سيارات لنقل المخلفات (مجانا)»، والتوقيع: محافظة القاهرة.
لم تصدق إيفا ما تسمعه، تساءلت فى عبارات استنكارية سريعة: «كيف يفعل أهل البلد هذا فى معلم سياحى وأثرى مهم؟، وكيف تكون صورة سور مجرى العيون فى الخرائط السياحية بهذا الجمال بينما فى الواقع بهذا القبح؟».
حاول هانى تهدئتها، أبعدها عن تلك المنطقة، وسار معها باتجاه صلاح سالم.
التقط الخريطة من بين يديها وقال: «هذا ما كنا ننتوى فعله فى السور، بعد تطوير المنطقة، والأفضل أن تشاهدى السور فى ذلك الشارع، حتى تحل الحكومة أزمة القمامة فى تلك المنطقة».
ورغم أن سور مجرى العيون الذى يحتفل بمرور 500 عام على إنشائه السبت المقبل، شهد عمليات نظافة ومحاولات تجميل خلال الأسبوع الماضى، إلا أن الأمر سرعان ما يعود إلى سابقه، ولا تكاد مناشدات المحافظة تجدى نفعا مع المواطنين الذين اعتادوا إلقاء مخلفاتهم بجوار السور لفترات طويلة.
كانت وزارة البيئة واصلت الأسبوع الماضى حملة إزالة المخلفات من منطقة سور مجرى العيون بالتعاون مع محافظة القاهرة، وتفقد عمليات الإزالة مصطفى حسين كامل وزير الدولة لشئون البيئة، مع عبدالقوى خليفة محافظ القاهرة.
وبلغ حجم المخلفات التى رفعتها المحافظة عند السور، ما يقرب من 4 آلاف متر مكعب من المخلفات والقمامة بحسب ما أعلنته المحافظة.
يذكر أن السور يدخل ضمن آثار مصر الإسلامية، حيث شيده السلطان الغورى بهدف مد قلعة صلاح الدين بالمياه عن طريق رفع مياه النيل بالسواقى إلى مجرى السور، بحيث تجرى المياه إلى أن تصل إلى القلعة التى كانت مقرا للحكم فى مصر.