لا معنى للتلميحات الصادرة من اللجنة العليا للانتخابات بأنها ستنظر فى أمر قبول ترشح عمر سليمان ظل المخلوع لو استكمل الألف توكيل التى تنقصه إلا أن هذه اللجنة لا تحترم نفسها، ولا تحترم حتى المادة 28 التى لا مثيل لها فى العالم، وتسبغ على نائب مبارك الخارج من الصندوق الأسود رعاية وعناية فائقتين، دونا عن بقية المرشحين. إن معنى السماح لسليمان باستكمال التوكيلات الناقصة والعودة مرة أخرى أن هذه لجنة تغيب عنها قواعد النزاهة والعدالة، وكأنها تعقد امتحانا خاصا لابن ناظر المدرسة لإنجاحه بالقوة بعد انتهاء موعد الامتحانات، ذلك أنه من المفترض أن آخر يوم للتقدم بالتوكيلات المطلوبة كاملة كان الأسبوع الماضى، وعليه فقد رفعت أوراق الإجابات للتصحيح وبقى إعلان النتيجة.
ولأن اللجنة تعمل ألف حساب للناظر العسكرى فإنها لا تشعر بالخجل وهى تفتح الباب للطالب الراسب لكى يخوض الامتحان فى لجنة رأفة، وهو ما لم يتوفر لأى من المرشحين الآخرين ويضعنا أمام حالة محاباة صارخة.
وبذلك تكون اللجنة المقدسة أول من ضرب عرض الحائط بالمادة 28 من الإعلان الدستورى التى تقول الآتى:
«تتولى لجنة قضائية عليا تسمى «لجنة الانتخابات الرئاسية» الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية بدءا من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب، وتُشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا، وعضوية كل من رئيس محكمة استئناف القاهرة، وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض، وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة. وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة فى اختصاصها».
وحسب نص المادة أعلاه فإن قرارات اللجنة العجيبة غير قابلة للطعن، ومن ثم عندما تسمح للمستبعدين بالطعن، مع إعطاء سليمان فرصة استكمال أوراقه، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن أن هناك من يريد فرض رجل المخابرات العائد على العملية السياسية كلها، حتى وإن كان ذلك بالمخالفة للإعلان الدستورى.
ولو وضعت هذا العبث بجوار ما تم الكشف عنه من شحنات تيشيرتات قادمة من السعودية للدعاية لنائب مبارك فإننا نكون أمام مخطط جهنمى لتمرير عمر سليمان، يقوم على تنسيق كامل بين فلول الداخل، وقوى الخارج المشمئنطة من الثورة والتى تريد إعادة إنتاج النظام الحلوب، حتى لو احترقت مصر واشتعلت النار فى الجميع.
ويبقى أن نذكر الذين تحدوا الجميع، وكفروا المعترضين على كارثة التعديلات الدستورية التى أفضت إلى إعلان دستورى صمم خصيصا لوأد الثورة، وإعادة نظام مبارك، أننا ندفع جميعا الآن ثمن فادحا لما اقترفوه من خطايا التحالف مع من كلفهم مبارك، ضد كل صوت رافض للعك والترقيع الدستورى.