بين الحزن على الرحيل والارتياح لتحقيق عدد من مطالبهم، غادر ألتراس أهلاوى شارع مجلس الشعب، مساء أمس الأول بعد اعتصام دام 15 يوما متواصلة، حيث أعلنوا عن تعليق اعتصامهم للتحضير لأولى جلسات محاكمة المتهمين فى قضية مجزرة بورسعيد، المقرر عقدها يوم 17 أبريل الجارى. «ما تسيبوش حق ولادنا اللى ماتوا، انتو خلتونا نصدق إن فيه أمل نرجع حقهم»، كلمات تشابهت من أهالى شهداء الألتراس الذين رفضوا فى البداية قرار تعليق الاعتصام، والذى تسبب فى بكاء أمهات الشهداء اللاتى حضرن لمكان الاعتصام فى محاولة لإثنائهم عن قرار التعليق، حيث سادت حالة من الارتباك فى مقر الاعتصام، بعدما أبدى أهالى الشهداء تخوفهم من عدم القصاص لأبنائهم والتنازل عن استعادة حقوقهم.
«مش هنسيب حقهم دول إخواتنا وكان ممكن نكون ميتين مكانهم، ولو حسينا بتراخى هنرجع تانى»، هكذا أجاب قائدو ألتراس أهلاوى على أمهات الشهداء لتهدأتهن والتأكيد على استمرار النضال لحين القصاص لهم.
وأكد المتحدث باسم ألتراس أهلاوى، محمد طارق، ل«الشروق» أنهم قرروا تعليق الاعتصام بعد تحقيق عدد من مطالبهم ولبدء التحضير لأولى جلسات محاكمة المتهمين فى أحداث مذبحة بورسعيد التى سيحضرها الآلاف من الألتراس وأهالى الشهداء والمتضامنين معهم، منوها بسعيهم لإجراء المحاكمة فى القاهرة ليحضروا جلساتها بشكل آمن.
«أنصتوا ولا تستكبروا.. فلا عذر لكم بعد اليوم» هكذا اختتم أعضاء الألتراس بيان تعليق الاعتصام الذى أصدروه ،أمس، فى رسالة إلى المسئولين بعدم تجاهل مطالبهم المشروعة، وعلى رأسها القصاص للشهداء وتطهير الداخلية.
وأعلنوا فى بيانهم تمسكهم بمبادئ الثورة واسترجاع حق الشهداء، وأن اعتصامهم أسفر عن نتائج إيجابية، أهمها التضامن الشعبى الكبير الذى حظوا به ومشاركة العديد من الرموز الوطنية ومرشحى الرئاسة والشخصيات العامة المشهود لها بالاحترام والوطنية ومساندة الثورة. بالاضافة إلى شهادة سكان المناطق المجاورة لمقر الاعتصام بحسن سير والتنظيم بمنتهى السلمية والتحضر.
وأشاروا إلى مطالبهم التى تحققت وهى تحديد موعد للجلسة الأولى للمحاكمة يوم 17 أبريل الجارى، وتفريغ دائرة خاصة لمحاكمة المتهمين فى أحداث بورسعيد، ونقل الضباط المتهمين فى القضية إلى محبسهم وعلى رأسهم مدير أمن بورسعيد بمجرد بداية أولى جلسات المحاكمة الأسبوع المقبل، واعتبار شهداء مذبحة بورسعيد ضمن شهداء ثورة يناير بقرار من مجلس الشعب، وعرض تقرير لجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب وتحقيقيات النيابة على الرأى العام خلال أيام قليلة. وشدد الألتراس على عدم فضهم للاعتصام ولكن تعليقه مؤقتا للاستعداد والتحضير لأولى جلسات المحاكمة، وبدء العمل من خلال مجموعات بالتعريف بحيثيات القضية وأبعادها السياسية عن طريق شاشات عرض تحت منازل الشهداء، ومتابعة تنفيذ باقى مطالب الثورة بتطهير وزارة الداخلية بالكامل من جميع الفاسدين، مع المشاركة رسميا فى أى فعالية من فعاليات الثورة مستمرة لاسترجاع حق الشهداء، وفقا للبيان. ولأول مرة منذ أحداث بورسعيد، احتشد أعضاء الألتراس وأهالى الشهداء وعدد من المتضامنين معهم لمتابعة مباراة النادى الأهلى والبن الإثيوبى فى دور ال32 لبطولة دورى أبطال أفريقيا مساء أمس الأول، ووضعوا شاشة عرض كبيرة خلف الحواجز الحديدية التى تفصل بين مقر الاعتصام وقوات الأمن المسئولة عن حماية مجلس الشعب، وخصصوا مكانا للفتيات، بينما أصر عدد من أمهات الشهداء على الجلوس بين الألتراس مثلما كان يفعل أبناؤهم خلال المباريات.
المشهد قد يبدو عاديا لكنه فى الواقع جاء مختلفا عن المعتاد، حيث اختفت أغانى الألتراس المؤازرة لفريق النادى الأهلى واكتفوا بمشاهدة المباراة فى صمت، ولم يكسره سوى هتافهم بين الشوطين «يسقط يسقط حكم العسكر»، و«خافى منا يا حكومة»، و«بالروح بالدم نفديك يا شهيد».
وأرجع أحد قائدى ألتراس أهلاوى، كريم عادل، ل«الشروق» سبب مشاهدة المباراة من مقر الاعتصام إلى رغبتهم فى توصيل رسالة إلى وزارة الداخلية بأنهم لا ينوون اقتحام استاد مباراة الأهلى والبن الإثيوبى، وأنهم لن يحضروا أى مباريات لحين انتهاء المحاكمات والقصاص للشهداء.
شباب يزيلون الخيام المنصوبة.. بعضهم يزيل اللافتات وصور الشهداء.. وآخرون يكنسون الأرض ويجمعون القمامة، هكذا تحول مقر الاعتصام لخلية نحل فور الإعلان رسميا عن تعليق الاعتصام، حيث قام الشباب بتنظيفه تماما، وغادروا المكان وعلامات الحزن على وجوههم لاعتيادهم على اللقاء يوميا، حيث استقل بعضهم مترو الأنفاق من محطة «سعد زغلول»، بينما سار بعضهم على قدميه للمنزل، وعاد الهدوء إلى شارع مجلس الشعب واختفى زئير وأغانى الألتراس معلنين عن انتهاء آخر أيام اعتصامهم، مع وعد بعدم التنازل عن حقوق شهدائهم وتطهير الداخلية مهما كلفهم الثمن وعودة الاعتصام إذا شعروا بتراخٍ وتباطؤ فى تحقيق باقى مطالبهم.